أحلام صغيرة بقلم جمعة عبدالمنعم يونس
أَحْلَام صَغِيرَة
. . . . . . . . . . .
الْعَالِم رَغِم اتِّسَاعِه حَوْلِي . . .
صَغِيراًٌ جِدًّا ً . . .
طِفْلا ً ً صَغِيراًٌ ًيلهو . . .
هو الَّذِي رُسِمَ فَوْقَ التُّرَابِ بَيْتًا ً
وَخَبَّأ فِيه أحلامه ونسي.
هدمته إقْدَامَه فِي غَفْلَةٍ
وَهُو يَلْهُو بِالطِّين . .
والفراشات
طِفْلا ً صَغِيراً ًٌ . . .
يَصْنَع مَرَاكِب مِنْ وَرِقٍ
ثُمّ يبحر إلَيّ عَالِمٌ مَجْهُولٌ . . .
وَلَا يَعُودُ
بَيْنَمَا تَرَك ظِلُّه مَصْلُوبًا فِي الشَّمْسِ
طِفْلا ً
يَلْهُو وَحِيدًا ً
بِجَانِب وَالِدِه
يَنْظُرُ إلَيَّ الشَّمْس
كَأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ خَلْفِ بَيْتِهِم
يَصْطَاد جَرَادَة
يَلْهُو بِهَا قَلِيلًا
ثُمَّ يُطَلِّقُ سراحها
تَحْلِق بَعِيدًا جِدًّا ً . . .
ثُمَّ تَعُودُ
فيصطادها مَرَّةً أُخْرَى
وَيَضْحَك مِن غبائها . .
يَصْطَاد سَمَكَةً مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي
بِلُقْمَة خبز جَافَّة . . .
يَلْهُو بِهَا قَلِيلًا ً
ثُمَّ يُطَلِّقُهَا مَرَّةً أُخْرَى
تُسَبِّح بَعِيدًا ً
ثُمّ يصطادها مَرَّةً أُخْرَى . .
وَيَضْحَك
يَنْظُرُ إلَيَّ أَبِيه
عَجُوزٌ يَابِس . .
أَحْرَقَتْه الشَّمْس
كَأَنَّه وَلَدا كَمَا هُوَ . . !
وَيَحْزَن . . .
كَانَ عَابِرَ سَبِيلٍ سَرِقَة
وَتَرَكَ لَهُ مِسَاحَة صَغِيرٌ يَكْدَح فِيهَا
وَالشَّمْس تَخْرُجَ كُلُّ يَوْمٍ وَتَمْر
كُنْتُ أَنَا الطِّفْل الَّذِي يَلْهُو
وَيَضْحَك
وَيَحْزَن . . .
وَالْيَوْم . . . .
صِرْت أَنَا الْعَجُوز الْيَابِس
أحرقتني الشَّمْس
فِي تِلْكَ الْمِسَاحَة الصَّغِيرَة
أَشْعَل سيجارتي
ثُمّ أسعل بِشِدَّة
طفلي يلهو
يَصْطَاد الْفَرَاشَات . . .
حَوْلِي . .
يَلْهُو بِهَا
ثُمَّ يُطَلِّقُهَا
وَيَبْنِي فَوْقَ التُّرَابِ بيتاً خَبَّأ
فِيه أحلامه ونسي
فتهدمها أقْدَامَه مَرَّةً أُخْرَى
وَيَضْحَك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِقَلَم // جُمُعَة عَبْدِ الْمُنْعِمِ يُونُس //
مِصْر الْعَرَبِيَّة 15 مَارَس 2018