القصة
أسفل النافذة بقلم: الأديبة “عبير صفوت”
قصة الجريمة
أسفل النافذة
بقلم الأديبة عبير صفوت
لَحَظَات مرتبكة ، وَبَشَرًا يَتَزَاحَمُون حَوْل شَيّ غَامِضٌ ، يهمسون ويلوحون :
أَنَّ الْأَمْرَ غَرِيبٌ ، هَل كَمَا يَقُولُونَ ، قَتَلَتْهَا أُخْتِهَا .
وَآخَر يَشْهَد بِلَا عِلْمٍ :
قَذَفْتهَا مِنَ النَّافِذَةِ .
وَثَالِث يَقُول :
مِنْ الصَّبَاحِ وَالْيَوْم غَرِيبٌ ، بَعْدَ أَنْ رَحْلَ أَخِيهَا فِى مُهِمَّةٌ عَمِل .
جَلَسَت “نرجس” بُدِئ مِن شَكْلِهَا الْخَارِجِيّ ، كَا فَتَاة شَرْقِيَّة ، الْمَلَابِس اللامعة ، وَالْمِنْدِيل الَّذِي كَانَ بَيْنَ يَدَيْهَا ، الْمَصْنُوعِ مِنْ الْقُمَاشِ ، وفي جلستها المبهجة ، بَكَت الفَتَاة وَهِي تسرد قِصَّتُهَا :
لَا أَتَذْكُر إلَّا تِلْكَ السَّاعَةِ يَا بية ، كُنْتُ نَائِمَةً وَقَد فَزِعَت مِن الضجيج الْخَارِجِيُّ عَلَى بَابِ دُّخُولِ الشِقِّه ، صُرَاخ وَهُمْ يَقُولُونَ :
إنَّنِي قَاتَلَه ، لَا أَعْلَمُ مَاذَا حَدَثَ وَكَيْف تَمَّ الْأَمْرُ .
تَسَاءل الْمُحَقِّق عَن شَّقِيقها الرَّاحِل :
سَافَر صَابِرٌ فِى عَمِل ، هُو يُحِبُّنِي وَيُحِبّ أُخْتِي الَّتِى تَقُولُون أَنَّهَا مَاتَتْ ، أَيْن أُخْتِي ؟ ! كَم أَوَدّ أَن أَرَاهَا .
الطَّبِيب الشَّرْعِيّ بإستنكار :
أُرِي أَنَّهَا تستنكر الْعَمَل الإجرامي بِرُمَّتِه
الْمُحَقِّق بتحفظ :
لاتنسي أَنَّهَا مُخْتَلَّةٌ عَقْلِيًّا
الطَّبِيب الشَّرْعِيّ :
سنستفاد كَثِيرًا بَعْدَ تَفَقَّد مَسْرَح الجَرِيمَة .
الْمُحَقِّق بِلَا اهْتِمَام :
إذَا كَلَّ الْأَدِلَّةِ تُؤَيِّد قُتِل “نرجس” أُخْتِهَا “نبيلة”
الطَّبِيب الشَّرْعِيّ :
لَلْأَسَف كُلُّ الْأَدِلَّةِ تُؤَيِّد إدانتها ، وَكُلّ البصمات أَيْضًا للقاتلة ” نرجس”
الْمُحَقِّق يَتَهَدَّج وَهُو يُلْقِي بِجَسَدِه عَلَى كُرْسِيٍّ التَّحْقِيق :
مَاذَا دهاك ، إلَّا صَبَاح نَتَحَدَّث بِه ؟
الطَّبِيب باهْتِمام :
مُفَاجَأَة فِى قَضِيَّة “نرجس”
جَلَس الْآخَر فِى نَحِيب والدموع تطلي وَجْه بِالْحُزْن ، حَتَّى قَالَ :
مَاتَت الحبيبة الْعَاقِلَة ، وَمَنْ قَتَلَهَا لَلْأَسَف الْمَجْنُونَة ، يَا لَيْتَنِي مَا تَرَكَتْ ، الْعَاقِلَة مَع الْمَجْنُونَة .
أَشَارَ الْمُحَقِّقُ بِعُنْف :
أَنْت هُنَا لِغَيْرِ ذَلِكَ
تَعَجَّب صَابِرٌ :
لِمَاذَا أَنَا هُنَا إذَا ؟
قَالَ الطَّبِيبُ الشَّرْعِيّ يَصِفُ مَا رَأَتْ عَيْنَيْه :
جِدَار طَوِيلٌ خَلْف صَوّان الْمَلَابِس خَلْف الْجِدَار مخباء ، كَان يَقْطُن بِه رجلُ ، ظِلّ يَوْمَيْن ، وَبَعْدَ أَنْ انْفَضّ تَلَاطُمِ الْأَمْوَاجِ عَنِ الجَرِيمَةِ ، خَرَجَ مِنْ المخباء ، وَكَأنَ الْأَمْرُ لَمْ يُحْدِثْ
شَعْر “صابر” بالخذلان وَالْخَوْف قَائِلًا :
هَذَا المخباء يخصني ، هَذَا لَيْسَ معَانَاة إنَّنِي مُتَوَاطِئٌ بِالجَرِيمَة
جَهَر الْمُحَقِّق وَهُو يصفع وَجْه الْمَكْتَب بِعُنْف :
كُلُّ الْأَدِلَّةِ دَاخِلٌ المخباء ، تَتَحَدّث عَن ادانتك ، يَشْهَد الْمُتَابِعَيْن أَسْفَل الْعَقَار ، أَنَّك لَمْ تَخْرُجْ أَوْ تَدْخُل الْعَقَار ، إذَا كَيْف رَحَلْت وَعَدْت
الطَّبِيب الشَّرْعِيّ :
دُسّ الْمُخَدِّر فِى كَأْس الشَّاي ، وَقَد حَمَلَت أُخْتَك وقذفتها مِنَ النَّافِذَةِ
صَابِرٌ ينهار :
أَبَدًا أَبَدًا ، أَنَا لَسْت قَاتَل
الْمُحَقِّق بِهُدُوء :
اسْتَمَعَ إلَى ذَلِكَ
باح صَوْت صَدِيقِه الْمُقَرِّب مِن الركورد :
صَابِرٌ يَمُرّ بِأَزْمَة مَالِيَّة ، فُقِدَ فِيهَا كُلُّ مَا يَمْلِكُ ، وَقَدْ عَرَضَ عَلِيًّا التَّخَلُّصِ مِنْ شَقِيقَتُه نَبِيلَة ليستطيع ، أَنْ يَحْصُلَ عَلَى الْمِيرَاثِ الْكَبِير ، قَال حِينِهَا ، أَنَا وَلِيُّ عَلَى أُخْتِي المعاقة
نَكَّس صَابِرٌ رَأْسَه بِالْأَرْض بَاكِيًا
قَالَ الْمُحَقِّقُ :
لَو يَعْلَمُون حُكْم الْأَقْدَار ، مَا أَخَذَتْهُم عُقُولِهِم الشَّيْطَانِيَّة إلَى طَرِيقِ الْمَخَاطِر وبدايات نِهَايَتِهَا الدَّمَار .