أضغاث ضبابية للقاص عبد الرؤوف زوغبي
أضغاث ضبابية
للقاص عبد الرؤوف زوغبي
في ظلام الليل وبعد المكان عن الجو العائلي، تختبئ فتاة في مقتبل العمر، بجهاز يحمل كل مقومات الحداثة، تغيرت طباعها بين الفينة وعدة مساءات عديدة، فأدمنت الحاسوب السحري كونها أصبحت امرأة قيدتها أوراق متناثرة بشهود على زاوية الغياب ورجل تمرد على غيومه الجافة من قطرات المساء، جمعتهم صدفة كانت تترنح على ضفاف الفوضى، وخيوط الوهم الحقيقي هما عاشقان لم تضمهما قبلة هاربة من رحى الخوف والنسيان. تسلل عطره خلسة إلى شفتيها فضمت أبجديات حروفه كي تحولها إلى وسادة تتكئ عليها من مشنقة الحرمان والضياع بين أحضان مقننة لا تسكب في ثنايا روحها سوى الانتظار على سرير يعزف شهوتها المتناثرة على أطراف الليل…. هي رعشة جسد تمرد على المفردات وحرمته لذة اللقاء …. ذاك الجدار الموثق على ناصية العمر بحيث تركا سريرا فارغا وبقايا ثياب سكبت عليه روحاهما بعض العطر و الياسمين ونافذة مشرعة للريح تنتظر من يتسلل إليهافي خلسة الصمت،كي يلملم هذا الشوق المتناثر في زاوية الانتظار….بين طيات تلك الحروف، تنهيدة عشق تجمع قلبين فرقتهما لعنة المصير، ستبقى قصيدة في داخله، هي تمتمات الشفاه التائهة تلملم مفردات العشق من لوعة الروح، تضيع كل لغات الكون في ذاك الحوار المترامي بين عينيهما…. تداخلت الأحلام وانصهر الشوق واستوطنت في الروح، تفاصيل شتى تعزف للحب نوتات حزينة …. وعد باللقاء، يتكرر كل صباح يحرسه الحلم المقدس، كل منهما لديه رغبة تتأجج كلما جمعتهما تلك المساحة الافتراضية الغارقة في المسافات، رغم انصهار روحيهما….رومانسية الحضور لكلاهما تجعل المفردات قصائد عشق ملتهبة، لا تكاد تلمس صفحات الحضور حتى تمتلئ الأمكنة بآهات أثملتها رجفة شفاه عطشى لبعض الانصهار، حتى حروفه التي تنساب خمرا على نهديها لم تعد تكفيها كي تصل إلى ثمالة شوقها، وتروي ذاك العطش المتأجج في صحراء القلب…. وهو يتوه لهفة ولوعة واحتراقا، فيفقد بوصلة حروفه وتتقاذفه أمواج الغرام بين حضورها، وشوقه بين لهفة الحضور وحرقة اللقاء المفترض…. حين تنظر في عينيه خلسة من خلف ذاك الضوء المتسلل من شاشة الصمت الالكترونية تغازل شفتيه تبحث عن أنوثتها المبعثرة على رصيف المساحات المجنونة….تهمس للنجوم أن تخبره في سره :
-اشتقت لك جدا…. كم أتمنى أن أختصر المسافات… أتناثر كالنجوم على صدرك المشتعل فتسافر في خيالها نحو سريره الممتلئ بعطره شغفا، لا يستطيع احتواءها سواه وكم تمنت أن تستسلم رغبة وشوقا لحضوره…. أن يأتيها كل صباح تقبل وجنتيه برفق، تراقب أنفاسه المتعالية رويدا رويدا .. تقول له شيئا قد يعجبه..
إقترب قليلا، لأني أنثاك وحدك، أ ستسلم لرحيق عينيك راغبة مستسلمة…. دع عنك نهدي قليلا، ألا تريد أن تصبح أباً…. وأنا كذلك أراني أما منذ أن أحبك فؤادي …. و حكايات أخرى، سرَها المتيم في نفسه، خلف حديثهم عبر الفضاء الخيالي فتقول في همساتها بأن ذاك الصغير الذي يزورها كل ليلة، يستعجلها المجيء، متنهدة تارة والآهات تارة أخرى تعلو أنفاسها يشاكسها بين أثوابها التي تغيرها كل مساء بأبهى زينتها والحلة التي تغطيها، تبعثه على الاشتهاء أكثر وأكثر…. فتزيد اللعبة إثارة، وهي مستسلمة تدعوه إلى الهيجان على الدرر المخبأة في كل مكان، من روحها النقية كقطعة ثلج ….وفي غفلة منها، من بعيد تسمع طرقاً من السماء، يدعوها بأن ذاك الخيط المقدس يريد أن يعقد على معصميكما طوقا من الياسمين…. ليكلل روحيكما بعقد مكيد، فهل حقا تتحقق الأماني خلف الأساور الوهمية، وهل يتعلق القلب بانتحار يسير إليه ببطء؟
Hey there! I’m at work browsing your blog from my new apple iphone! Just wanted to say I love reading through your blog and look forward to all your posts! Carry on the excellent work!|