القصة

أنا لست مريضة بقلم: “سهام رمضان محمد حسن”

الكاتبة /سهام رمضان محمد حسن
مصر/اسوان
أنا لست مريضة

لماذا حاولتِ الانتحار؟
تجلس ياسمين علي الشيزلونج ،و امامها الطبيب النفسي، حيث كانت ياسمين فتاة ذات العشرين ،كانت تحب الحياة، و دائما ما تلون الحياة بلون الربيع .
أعاد الطبيب سؤاله لها
• ياسمين لماذا حاولتِ الانتحار؟
• إنها المرة الثانية التي تُقدمين علي الانتحار؟
لكن دون جدوي إنها الجلسة الرابعة و لم تتحسن حالة ياسمين التي ترفض الكلام ،ترفض الزاد و الحياة.
• و فقا لمعلوماتي إنك ِ تقرئين كثيرا في علم النفس ،أخبريني ماذا استفدتِ ؟
لم تنطق بكلمة واحدة .
• ياسمين ثقي ان كل ما ستقولينه لن يعلمه أحد
• ضحكت ياسمين مستهزئة بحديث الطبيب ثم
نظرت له نظرة منكسرة بعدما نسج اليأس خيوطه علي روحها
• ثقة ماذا تعني ثقة؟
• و كيف لي أن أثق بعد ما كان
• اذا ما هو الذي كان ، تحدثي
صمتت مجددا شاردة الي أمسها تتنقل بفكرها بين ظلمة ليل و اشراقة نهار .
تنهدت ياسمين تنهيدة طويلة يخالطها الألم ، واستعدت للمغادرة.
• آسف علي ازعاجك أيها الطبيب ،فأنا لست بحاجة للعلاج ،بل هم من يحتاجون العلاج.
• هم من ؟
• كل من ….
لم تكمل ياسمين كلماتها وآثرت الصمت معاودة لشرودها ،ثم تابعت حديثها
• علّي أن اغادر
• آنسة ياسمين جلستنا القادمة في موعدها
أومئت برأسها رافضة الحضور مرة أخرى.
انصرفت ،و ظل الطبيب يفكر في أمرها ،فلم تستعص عليه حالة من قبل ،فقد استخدم معها أكثر من طريقة لكن دون جدوي.
ظل يراجع دفتر ملاحظاته و يربط الاحداث ببعضها.
• حقا انها ليست مريضة ، لكن لماذا تتصرف علي هذا النحو
• لابد من جلسة أخري حتي استطع البت في حالتها.
بين أربعة جدران منقوش عليها سندريلا وقلوب حمراء و نافذة صغيرة مغلقة تقبع ياسمين ممددة علي سريرها محتضنة اليأس وخيبة الأمل ،حيث لا مكان لسندريلا و الأحلام .
• أوف لحالي وبئسا لهذه الحياة، لماذا تتشبث بي هكذا ،لماذا تتشبث بالتعساء أمثالي ‹حديث للنفس›
هناك طرقة خفيفة على باب الغرفة تقطع عليها لحظاتها المفضلة مع اليأس ،إنها أم ياسمين تستأذن للدخول.
• حسنا إنك مستيقظة ،فلقد آتي الطبيب لرؤيتك.
• تفضل بالدخول
يدخل الطبيب يرفع السِتار المُسدل علي النافذة و يفتحها
• لابد ان تضئ الشمس كما يجب أن يضئ الأمل قلوبنا
أخذ الطبيب يتأمل الغرفة ثم جلس يرتشف قهوته ،فتارة ينظر لها وأخري للنافذة.
• ربما تتعجبين من زيارتك في منزلك ِ، فبعض المرضي لا تروق لهم اجواء العيادات النفسية
ردت ياسمين
• أنا لست مريضة
• معكِ حق أنت لست مريضة ،لذلك حاولتِ الانتحار مرتين و ما زلتِ تحاولي
• كطبيب لن تقتنع أن كل ما في الأمر قد استنفذت طاقتي
• اذا أنت تعانين الاكتئاب
اخذت ياسمين نفسا عميقا ،ثم تابعت
• أنا سئمت الكذب والخداع ،كرهت الغدر والخيانة
• تعلم ايها الطبيب أني بحثت عن الحب لسنوات و حين وجدته كان سراب
• نقدم الحب و كثير من التضحيات لُتقابل بالغدر
• هذه قصتي ،لكن الأهم منها احساسي بالذنب ناحية شخص عزيز علي قلبي
• هل غدرتي به
• لم أكن أنا لكني كنت شاهدة علي الخيانة ،شاهدة علي الكذب
• لم أفهم تكلمي أكثر يا ياسمين
• كان هذا الشخص مغرم بفتاة أغرم بها لدرجة الجنون ،كنت أعلم أنها ترتدي قناع الحب ، قناع ملائكي برئ
• و هو الآن يعاني من جراء هذا الحب ،مثلي يعاني خيبة الأمل و الانكسار
• لماذا لم تخبريه من قبل؟
ابتسمت ياسمين ابتسامة ذابلة
• ما كان ليصدق ،هو رآها بمرآة الحب التي لا تسمع ولا تري ،أو ربما خشيت أن أسرق فرحته ، لا أدري
• و ربما أيضا حاولت اثبات ان سلاح الحب أقوي
ضحكت ساخرة
• لم أكن أعلم أنه بلا سلاح
سالت دموعها
• انه لإحساس قاسِ ؛ ان تمسك طرف الحبل بشدة و يتركك الطرف الآخر تسقط ..
• والآن أخبرني ،مَن مِنا المريض ،مَن يسلك طريق الحب ،أم مَن بالكره يحيا ،من يثق أم من يخون ؟
• أنا لست مريضة ، فالمريض مريض القلب.
فكر الطبيب بكلامها ثم استرسل حديثه
• انتِ محقة ،لكن نهاية قصة لا تعني نهاية حياة
• ربما بم تكن نهاية حياة ،لكنها حتما نهاية الثقة.
انتهت الجلسة و همَ الطبيب للمغادرة ، وقبل أن يغادر طرح عليها سؤالا.
• ياسمين ،إن عاد حبيبُك ،هل ستسامحينه ؟
تبتسم ياسمين
• لقد سعدت بالحديث معك أيها الطبيب
بادلها الطبيب الابتسامة و انصرف …

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى