المقال
أنماط الغزل وخصائصه في الشعر الجاهلي بقلم: “عبدالرحمن حمد”
أنماط الغزل وخصائصه في الشعر الجاهلي
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أحبتي محبي اللغة العربية وشعرها الجاهلي البراق.
أتكلم اليوم عن أنماط الغزل وخصائصه الجميلة:
الغزل: هو غرض من الأغراض الشعرية الجاهلية التي عرفها العرب منذ القِدم.
و هو شكل من أشكال التعبير عن خلجات النفس الإنسانية وعن المشاعر الجياشة التي تبعث منها حين يمتلكها سلطان المحبة.
و في الأدب هو ( حديث الهوى والحب، وتصوير العاطفة نحو المرأة التي رأي فيها موطن الجمال الإنساني
فصورها أجمل تصوير واستعذب بها اعذب الالفاظ وزينها بأزين الكلمات
فالغزل هو أهم الفنون في الشعر العربي على الإطلاق.
حيث امتلك الغزل حيزاً كبيراً في الشِّعر الجاهلي، فقد اعتنى الشُّعراء به ووظفوه في جلِّ قصائدهم ، ولاسيَّما تنوعت أنماطه فمنها:
( غزل المطالع الذي نحن بصدد التحدث عنه)
وغزل ( المفاتن ـ المحاسن ـ الصريح الماجن ـ الكهول ـ العذري)
.….غزل المطالع ….
عُرِفَ الشُّعراءُ في العصرِ الجاهلي بالصدق والوضوح في التعبير والبساطة
بعيدًا كل البعد عن الغموض والمبالغة .
وهذا يدل على المهارة والدّقة في الوصول إلى القلوب وجلب الاسماع بلا عناء.
فغزل المطالع يسلط نوعاً ما الضوء على بعض من الجوانب النفسية التي تعبر عن حالة الشاعر وذلك
من خلال وقوفه على الأطلال وتذكر الربوع الدارسة المأهولة بالسكان وكيف أصبحت غفرٌ خالية تذر بها الرياح .
فالوقوف على الأطلال والبكاء واستدعاء الأصحاب وتذكر المحبوبة والأيام الجميلة هي مقدمات كبيرة للجانب النفسي الذي يبرز مدى تأثر الشاعر بأرضه التي نشأ بها وترعرع وإطالة التأمل العميق واستحضار الذكريات .
فأبرز من وقف واستوقف وبكى الديار هو شاعر الأطلال امرؤ القيس وذلك كما أوضح لنا في بداية معلقته الشهيرة التي مطلعها:
ــ قَفَاَ نَبْكِ مِنْ ذِكُرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ …. بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْ مَلِ
فَتُوِضحَ فَاْلِمقْرَاةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُهَا … لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وَشَمْأَلِ
تَرى بَعَرَ الآرْآمِ فِي عَرَضَاتِها …………. وقِيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ
كَأَنِّي غَدَاةَ الْبَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا ……لَدَى سَمُراتِ الَحْيِّ نَاقِف حَنْظَلِ
وُقُوفاً بِهَا صَحْبي عَلَيَّ مَطِيَّهُمْ ….. يقُولُونَ: لا تَهلِكْ أَسىً وَتَجَمَّلِ
وإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مُهْراقَةٌ …….. فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الْحَوْ يرِثِ قَبْلَها ……….. وَجَارَتِها أُمِّ الرِّبابِ بِمَأْسَلِ
إِذَا قَامَتا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَا ….. نَسِيمَ الْصِّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا الْقَرَنْفُلِ
فَفَاضَتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً….. عَلى الْنَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي محْمَليِ
أَلا رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ ………… وَلا سِيمَّا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُل
………
وكذلك قول الشاعر الكبير فارس الجاهلية عنترة بن شداد:
ـ هَلْ غَادَرَ الْشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ ……. أمْ هَل عَرَفْتَ الْدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ
يَا دارَ عَبْلَةَ بِالَجِوَاءِ تَكَلَّمِي ……. وَعِمِي صَبَاحاً دارَ عَبْلَةَ وَاسْلَمِي
فَوَقَفْتُ فِيها نَاقَتي وَكَأَنَّهَا ……….. فَدَنٌ لاَ قْضِي حَاجَةَ الُمَتَلِّومِ
غيرأنَّه أشار (ابن قتيبة )
إلى أنّ غزل المطالع هو حيث يقول (( سمعت بعض أهل الأدب يذكر أن مقصد القصيدة العربية إنما ابتدأ فيها بذكر الديار والدمن والآثار ، فبكى وشكا، وخاطب الربع واستوقف الرفيق ليجعل ذلك سبباً
لذكر أهلها المفارقين ))
فكل هذه الحالا تجذب المتلقي وتميل وترقق قلبه لهذا النمط الشعري.
ومن خلال ما تقدم أذكر لكم
أحبتي محبي اللغة العربية وشعرها الجاهلي الخصائص العامة للغزل الجاهلي:
١ـ الأصالة والصدق في التعبير عن العاطفة
٢ـ بروز الصبغة الفردية في شعر المتغزلين.
٣ـ الصراحة والوضوح
٤ـ القدرة على التعبير عن البيئة الجاهلية
٥ـ التصاق الشعر بالبيئة
٦ـ الواقعية الفنية في التصوير
٧ـ رقة النسج وعذوبة اللفظ ورشاقة المفردات .
دمتم ودامت اللغة العربية سراجنا المضيء
……
ملاحظـــــــــــــے:
انتظروني في منشور لاحق أبيّن فيه أنواع الغزل الأخرى
أخوكم : عبدالرحمن حمد/ الحسكة / سورية