إشراقات أدبية
أَمَـــارَاتُ التَّيْــمِ..”بقلم : تــامـــــــر إدريــــس
* مَن مَلَكَ الفؤاد فإنَّه يسلب الحواس؛ فلا العين تفقده ولا الأذن تخَلِّفُه؛ كلُّ الجوارح في شغل به؛ هو المأمول وغيره معزول؛ رحِمَ الله بشار بن برد؛ فقد هام وتاق وذاق واجتاز الآفاق.
* من عشق نهم، ومن وجد لمجرد سماعه صوت محبوبته التي سرق أزيز صوتها لُبَّه، وسكنت قلبه وعقله، لم يكن ذا بصر فصارت له البصر والبصيرة، لم يكن ذا عاطفة فكانت له طوفانا من الحس والمشاعر النبيلة.
* تغنَّى بها شعرا وشعورا، وخلَّدها في عوالم العُشَّاق أسطورة، هي القصيدة والمفردات والصورة، وفي بيان ذلك جاء قوله :
_يا قَومِ أَذني لِبَعضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ… وَالأُذنُ تَعشَقُ قَبلَ العَينِ أَحيانا
_قالوا بِمَن لا تَرى تَهذي فَقُلتُ لَهُمْ… الأُذنُ كَالعَينِ تُؤتي القَلبَ ما كانا
* العين؛ وما أدراك ما العين؟!، نافذتك التي تطِلُّ منها على كل نفيس وتلحظ بفضلها كل بهيج، إنَّ الله جميل يُحِبُّ الجمال، الكون صنعة الله؛ صُنْعَ الله الذي أتقن كل شيء.
* الإنسان بفطرته السليمة يتتبع كل جميل؛ تألفه النفس، ويستريح له الجَنَان؛ فمتى ما وجده استمسك به، ورغب في الاستزادة منه، يسعى إليه ولا ينأى عنه.
* كثيرا ما بالغ الشعراء في وصف محاسن من عشقوا، ولكن أبلغ ما يبعث على العشق في أحد هو الذات؛ متى ما اكتملت أكملت نواقص الجسد، وإن نقصت نقضت كل بنيان.
* الفكر لا شك عنصر بالغ الأهمية في بابه، هو الصلة والرابطة العظمى، هو حبل الهوى المتين وسراج التيم المنير، الحوار مع نصفك الآخر يثمر دون زراعة، ويشفي دون جراحة.
* يغدق الحبيب على محبوبه من مزنه الوافرة لتحيا أرضه بعد جدب وتصبح معه الحياة جنَّة بعد بوار، سفر بلا وسيلة، وإبحار بلا سفينة، مآثره عظيم، وغراسه ثمينة.
* الوُجُوم، والشُّحُوب، وشخوص الأبصار، وذهاب العقول، وعُمُوم الجنون، والسباحة في آفاق اللا معقول؛ تلك أبرز سمات من أصابه العشق وَرُمِيَ بسهام الوجد من نبال المجون، أَفُلَ نجمه في عالم المادة ليبزغ من جديد في عوالم الخلود، وفي ذلك يقول يزيد بن معاوية:
_أصابَكَ عشقٌ أم رُميتَ بأسهمِ… فما هذهِ إلا سـجيّـةُ مُغـــرَمِ
_أصابك سهـم أم رُميتَ بنـظـرةٍ… فمـا هـذه إلا خطيئةُ مـن رُمـي
_ألا فاسقِني كاسـاتِ راحٍ وغنِّ لـي… بذِكـرِ سُــليـمــةَ والكمانِ ونغِّـني
_فدَع عنكَ ليلى العامريةِ إننى… أغارُ عليها من فم المتكلمِ
_أغارُ عليها من أبيـها وأمِـهـا… إذا حدّثاها في الكلامِ المُغَمغَمِ
_أغارُ عليهـا مـن أخيها وأختِـهـا… ومن خُطوةِ المسواك إن دار في الفم
_أغار علـى أعطافهـا مـن ثيابها… إذا ألبستهـا فـوق جسـم منْـعـم
_وأحسَـدُ أقداحًـا تقـبّـل ثغـرهـا… إذا أوضعتها موضعَ اللثمِ فـي الفـمِ
_على شاطيءِ الوادي نظرتُ حمامـة… أطالـتْ علـيَّ حسرتـي وتندُمـي
_خذوا بدمـي منهـا فإنـي قتيلهـا… ولا مقصـدي الا تجـودُ وتنعَـمـي
_ولاتقتلوهـا إن ظفـرتـم بقتلـهـا… ولكن سلوها كيف حـلّ لهـا دمـي
_وقولوا لها يامنيـةَ النفـسِ إننـي… قتيلُ الهوى والعشق لو كنتِ تعلمـي
_ولا تحسبـوا إنـي قُتلـت بصـارم… ولكن رمتني من رباهـا بأســهمِ
_لها حُكمَ لقمـانٍ وصـورةُ يوسـفٍ… ونَغـمـةُ داودٍ وعـفـةُ مـريـم
_ولي حزنُ يعقوبٍ ووحشـةُ يونـسٍ… وآلامُ أيـــوبٍ وحَـســرةُ آدمِ
* فيا لها من لوعة طيِّبة المذاق، ويا لها من روح يفنى في سبيلها كل شيء!!.