الثمــــن بقلم الاستاذ محمود احمد الورداني
***** الثمـــــــــــــــــــــن *****
رفقـــــــــائي الأجـــــــــــلاء …
هـُناك سؤالاً مـُلحاً على نفسي دائماً و أردده بين ساعة و أخرى و هو :
من يدفع الثمــــــــــن ؟ ! ..
من يدفع ثمن الحـُب إذا كان صادقاً و وفياً ؟ ! ..
من يدفع ثمن الخيانة إذا كانت خديعة و نفاقاً ؟ ! ..
من يدفع ثمن المشاعر إذا كانت إضطراباً و خوفاً ؟ ! ..
و من يدفع ثمن العقل إذا كان زيفاً أو خرفاً ؟ ! ..
من و من يدفع ثمن كـُل هذا و غيره ؟ ! ..
إنني أعيشُ في حالة لا أعرفها ولا أصفها في كلمات مـُسترسلة أو خواطر عابرة أو شعر أو نثر أو أي شئ ، ولا أحتاج فيها إلى مراجع تاريخية أو علمية أو حتى قصص أدبية أو معامل طبية لأُجري عليها بعض تجاربي المـُختبرية لأكشف عما في القلب من ألام أو في العقل من فكر .
لقد كـُتبت عليّ الأقدار أن أعود و أبقى في ظـُلمات وحدتي القاسية و صراعات نقرات عقلي مع نبضات قلبي المـُتقلبة ، ولا أدري فيهما معاني الحـُب أو ترانيم العشق أو حتى أزهايج الحـُزن أو إبتهالات الدموع .
حتى و أنا الأن أمامكم و في هذه الساعة و أنا أسطر هذه الكلمات لا أعرف أحقاً أعلم الحـُب أم هي زركشة قلم أو أضغاث أحلام أو شطحات خيال أو هي فضاء واسع !! .
لقد أصبحت الحياة عندي مجرد سينما كبيرة أو مسرحٌ عظيمٌ و أنا أجلس فيه كالمـُخرج الكبير أرى من حولي يمثلون أمامي مشاعرهـُم الحقيقية أو أحاسيسهم الوهمية و أنا من خلف عدسات كاميرا عيناي أراقبهم و أعرف نهاية كـُل دور منهم و أرى الجماهير من خلفهم لا أدري هل يـُصفقون لهؤلاء الأقنعة المزيفة أم يـُهنئون قلبي الجريح على مزيداً من الألام المنسدلة منه !! .
لقد ضاع مني كـُل شئ و تذكرت أحاديثي القديمة و كتاباتي المـُكدسة تحت أدراج مكتبي الخشبي عندما تكلمت و تحدثت عن أخطائي و لمحت في طيف الذكرى سؤالي الذي طرحته منذ عام تقريباً و هو : من المخطئ و غيرها من الكلمات و المقالات التي أفرزتها و سكبت حبرها على جسد أوراقي البيضاء و نشرتها هـُنا على حائط صفحتي المتواضعة ، و التي حاولت من خلالها إعادة تقييم ذاتي و إيقاظ روحي و محاولة لكشف عن عيوبي و ذنوبي مع كـٌل إنسان عرفته في مشوار حياتي القصيرة التي تتعدى على ربع قرن و بضع سنوات ، و ها أنا وحدي أدفع ثمن كـُل هذا الحـُب و هذه الخيانة و هذا العشق و هذا العذاب و كل ما صار لي في محراب هذه الحياة الثقيلة ، و أعترف في النهاية إنني حقاً إنساناً فاشلاً غير صالح لأي شيئ تماماً كالعـُملة القديمة التي تدور عليها عقارب الساعة و عجلات الزمان و تـُصبح فيما بعد في صندوق المقتنيات و معارض التـُحف النادرة و تـُباع في مزادات علنية لمن يدفع أكثر لإنها أضحت تاريخاً تـُراثياً ، و هذا ليس إقلالاً من شأني و حالي لكنها هي الحقيقة التي حاولت أصلحها أو أرتق ثقوبها بمخيط الشجاعة و القوة و لكني أصبحت كالمرآة المـُحدبة كشفت عن جسدي و ملامحي و بقيت عارياً أمام جميع البشر لا يستـُرني ثوب الصدق أو جلباب أحاسيسي الغالية و كل ناظر لي يـُريد أن يطعنني بخناجر حقده و شـُهـُب غيظه يشتعل في كل ركن مني ، ولا أدري ماذا أفعل لكي أجتنب هؤلاء و أعبـُر على جسور أيامي القليلة القادمة !! .
و الأن فبعد كل ما حدث – و ما زال يحدث معي – أسترجع بداية حديثي معكم و أقول من يدفع الثمن و هل أصبحت كل أشيائي من جسد و روح و عقل و قلب مجرد سلعة تـُباع في سوق البشر و مزادات العالم ، هل أنا مجرد قنينة قديمة أو قارورة غالية أو ساعة ثمينة أو مقعد نادر أو لوحة فنية رسمها أحد الفنانين القدامى أو أكون كتاب تاريخي أو نجماً سماوياً جديداً أو قصيدة شعرية ألقيت على الملايين من هذا الوطن الكبير ، حقاً لا أدري ولا أعرف ما هو مصيري المحتوم و هل سوف أموت و أكون منسياً أم سأبقى في مخيلة البعض الذي يحبوني بصدق حتـــــى أخــــــــر العــُمــــــــــر .
هكـــــذا أنــــــــا و هكــــــــذا علمتنـــــــي الحيــــــــــاة ..
و إلـــــى حـــــديث قـــــــادم بــــــــــإذن الله ..
بقلمـــــــي الحــــــــــزين / عــــــــــــــــاشــــــق الكلمــــــــات / محمود احمد الورداني