الجزائر
شعر/د. عبد الولي الشميري
بُروقُ الشَّوْقِ أَمْ وَهْجُ المَشَاعِرْ
يَلُوحُ عَلى جَبِينكَ بِالبَشَائِرْ
تَقولُ وَقَدْ بَكَتْ جَزَعًا غَيُورٌ
وَأَدْمُعُها مُجَرَّدَةٌ خَنَاجِرْ
أرَاكَ مُوَلَّهًا جَذْلًا مُعَنَّى
وَدَمْعُ العَيْنِ فِي الخَدَّينِ ظاهِرْ
أَتَعْشَقُ؟ مَنْ سِوايَ سَبَتْكَ حُبًّا؟
فَإِنِّي لَسْتُ أقبَلُ بالضَّرائِرْ
فَحُطَّ الرَّحْلَ! لا سَفَرًا قَريبًا
وَأُقسِمُ لا أراكَ لَهَا مُسَافِرْ
عَرَفْتُ الحُبَّ في عَيْنَيْكَ لَهْوًا
لأنَّكَ شَاعِرٌ والحُبُّ شَاعِرْ
وإلَّا قُلتَ مَنْ هي؟ واعترفْ لِي
فإنَّ القلبَ للمَحْبُوبِ غَافِرْ
أَجَبْتُ: نَعَمْ أُحِبُّ، وذا اعترافِي
وَفَاتِنتي لها فَتَكَاتُ سَاحِرْ
تَفَانَى العاشِقونَ عَلَى هَوَاها
وساقوا مَهْرَها مِليونَ ثَائِرْ
وَأَهْلُوها الأَشَاوِسُ كَرَّمُوها
لِتَغْدو اليَوْمَ سَيِّدَةَ الحَرائِرْ
فَقَالتْ: (هَا) عَرَفْتُ هَواكَ حقًّا
فأنْتَ إِذًا حَبِيبتُكَ الجَزَائِرْ
نَعَمْ أَهوْى الجزائرَ مِثْلَ حُبِّي
لأرِضِ الجَنَّتَيْنِ ولِلمعافِر[1]
دَعِينِي أَلْثِمِ الأَوْرَاسَ حُبًّا
وَأرشِفُ مِن طَهارتِها المَسَاكِرْ
دَعيني اليَومَ أَسْجُدُ فِي ثَرَاها
تُرابٍ مثلَ ماءِ السُّحْبِ طَاهِرْ
تُقَبِّلهُ الكَرامَةُ كُلَّ يَوْمٍ
ومِنْ جَسَدِ الضِّياءِ لَهُ مَنَائِرْ
رَأَيْتُ الشَّمْسَ تُشْرِقُ في يَدَيْهِ
وَتَسْجُدُ في القبائلِ والعَشائرْ
وجِئْتُ اليَوْمَ مِنْ سَبَإٍ يَقِينًا
بِأَنْبَاءِ الأوائلِ والأَواخِرْ
بِلادُ أَرُومَةٍ وَسَماءُ مَجْدٍ
وَمَوْئِلُ فَاتِحٍ وَعَرِينُ ظافِرْ
وماذا عَنْ حَنِينِكَ لِلغَوانِي؟
وللغَاداتِ رَبَّاتِ الضَّفَائِرْ؟
فقلتُ لها: زَمَانُ اللَّهْوِ وَلَّى
وَذَا زَمَنُ الرُّجُوعِ إلى الدَّفَاتِرْ
كَبُرْنَا، لَمْ يَعُدْ فِي القلبِ إلَّا
جِراحاتٌ وَتأنِيبُ الضَّمائِرْ
وَأَحْزَانُ العُروبَةِ جاثِمَاتٌ
عَلَى بَسَماتِنا، فمَتَى تُغَادِرْ؟
مَتَى تَتَعانَقُ الأقطارُ لُقْيَا؟
مَتَى يُمْحَى الفِرَاقُ، مَتَى يُهاجِرْ؟
تُمَزِّقْنَا مَطَامِعُ كلِّ وغدٍ
جَهُولٍ مستبدِّ الطَّبعِ فاجرْ
[1] المعافر: هي بلدة الحجرية في محافظة تعز من اليمن، ذات تاريخ عريق وتنسب إلى معافر بن يعفر وينتهي إلى حمير.
زر الذهاب إلى الأعلى