إشراقات فنيةالقصة

الجنون فنون نريمان نزار محمود / كتابي نور انسلخ من عباءة الظلمة

الجنون فنون
كانت ولا زالت تحلم بذلك الكوخ الخشبي البسيط ، له إطلالة على صفحة مياه بحيرة لشدة صفائها ترى ما في باطنها من حياة وأحياء ، تلّفه غابة خضراء يانعة ، تحلّيها زقزقة عصافير عذبة ناعمة كحرير ، تنام على معزوفة فريدة تتناغم في إيقاعها مع صوت الهواء في شهيقه وزفيره ، وهمساته لوريقات الشجر الرقيقة ، تعانق الأفنان ، لوحة طبيعية غاية في الجمال والإبداع ، تسبيح وتهليل يقدّس عظمة الخالق عزّ وجلّ ، نهار يتسربل ثياب الحيوية والحياة ، ثم تغلق ستارة المسرح لتُفتح من جديد وقد حلّ ليل ، تتخلل عتمته نجوم بعيدة مشعّة ، وشبح قمر قُدّر منازل كالعرجون القديم ، كل ذلك يبعث في القلب والروح السكينة والسلام .
وشاء القدر أن يتحقق هذا الحلم بعد أن كان في خانة الأمنيات والمستحيل ، تحوّل عالمها إلى سراج من نور ، عاشت لحظات حياتها بعفوية وحريّة ، مغامرة طالما تاقت إلى خوضها ، فتسلقت الشجر رغم تعرضها للسقوط مرّة تلو أخرى ،وألقت جسدها في المياه مخاطرة بالغرق ، ركضت في الغابة دون هدى ، حاولت مصادقة حيوانات الغابة الأليفة وغير الأليفة، علّمت نفسها الرماية ، بعد محاولات متكررة بعضها صاب وبعضها خاب ، كانت لنفسها المساند والداعم والحامي ، عاشت لحظات جنونها وطيشها بمتعة لا مثيل لها ، أحبّت كل تفصيل لمسته ، عشقت تلك المساحة الشاسعة التي حظيت بها أخيرا ، تركت روحها عائمة سابحة في السماوات السبع والأرضين، عاشت فصولها الأربعة ، بما فيها من انسجام واختلاف ، أحبّت نفسها بصدق ، عرفتها حقّ المعرفة ، أدركت ما يرسم ابتسامة جميلة على ثغرها ، ويرفع معنوياتها ، و يعدّل مزاجها ، أبصرت حقيقة أنّ الفرد قادر على صنع سعادته بنفسه حيث يكون رضيّ الصدر جميل المحيّا، فبإمكانه أن يحيل الحزن فرحا ، والهمّ راحة بال ، ينزع عن كاهله ثياب الضعف والسلبية ويستبدلها بقماش القوّة والجمال والإيجابية .
انظر للجانب المشرق من الحياة ، ولنصف الكأس الممتلئ ، وللتفاصيل الصغيرة الجميلة ، بذلك يصبح لوجودك معنى . الثالث من تموز 2020
نريمان نزار محمود / كتابي نور انسلخ من عباءة الظلمة

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى