المقال
الحُبّ رزقُُ بقلم: “نضيرة رابح بريوة”
كُلّنا إيمان..
كُلّنا يقين.. يقينُنا بأنَّ الحُبّ رزقُُ
نتُوقُ لوَقْفَة على شاطئ البحر عند إشْراقة شمْسِ الصَّبَاح.. نرْوِي له تفَاصِيل الحِكاية عَلى وَجْهِها.. نبوح بأَسْرَارنا.. نخبره أَنَّنَا نكْتَشِف الكَثِير الكَثِير من الْكَلَامِ بجَعْبَتنا حين توْصَد الأبواب.. نخبره أن الحقيقة لم تُقال بعد.. نُخبرُهُ أنَّ المَشاعِر الحَقيقيّه لم تُعاش بعد و لم يعَبَّر عَنها بالصُّورَة المثاليّة.. نخبره أنَّ الغُرْبة ليست بالبُعْد عن الأَوْطَان بقدر ما هي بُعْد عن الأَحْبابِ.. نخبره أنَّ الحنين ليس في بُعْد المسافات، ولا طول السنوات بقدر ما هو مرور لحظات في البُعْد بين القلوبِ.. نخبر البحر عن تقصيرنا، و اهمالنا، و كم شغلتنا الدُّنْيا عن مركزنا.. نخبر البحر ما رسمته الأقلام عند الغيابِ، و ما تراجعت عنه الألْسَن، و كتمته القُلوب.. نخبر البحر أنَّه بَعْد غلق الأبوابِ و حظر الحضور، و كتم المشاعر؛ اكتشفنا أنَّ الحقيقة لم تُقال بَعْد .. نعاتب البحر و نسأله لماذا يكثر الحضورُ عند الغيابِ.
نُخبره بشَيءٍ من الحقيقة؛ كأن نشكوه أنَّ ما يشقّ على النفوس هو معايشة الحياة في حضور المَوْجُود و المَفْقود؛ القَرِيب و البَعِيد؛ سَهْلُ المَرام و صعب الانظمام؛ الصَفِيّ والنَّائي في نفس الوقت.. نُقِصّ عليه بعض الروايات التي لا تُكتَب كذلك.. نسْتَشْعرُ عمقه لَعَلّنا نطفو على سطحه.. نسمع لصوت أمواجه لعَلّها تُخبرُنا شيئا عن الغد.. نُلملمُ الجراح و نُرسلُها لرَبّ البحر،لعَلّه يشفي البَلِيل، و يروي الغَلِيْل، و يأتي بما ظننا أنه مستحيل.
يُقالُ الحُبّ بحر، فكم من يَمّ لابد أن نجلس عنده، و نتَأَمَّله، و نقص عليه رِوايَت(ك) حتى ينفد هذا الحب و البحر نفسه رِواياتٌ.. الحُبّ دُعَاء، فكم من دُعَاءٍ سيتحمَّله النَوْفَل، كم من أَدعية و كلمات لابد أن تتضَرّع بها القلوب و نعلم جيدا أنه ينفد البحْرُ قبل أَن تَنفَدَ كَلماتُ رَبِّي.. كم من ابْتِهَالِ سيتحمَّله البحر؟
تركنا بَعْض الشَّيْءِ لأنفسنا، و جعلنا بعضها لبَعْض الناس.. لكن، كُلّنا، و كُلّ الناس، و كافة الأشياء لربّ الكل.
اسمع يا بحر؛ نِصْفٌنا انتظار، و نِصْفٌنا الآخر انشغال؛ نِصْفٌنا حنين و نِصْفٌنا الآخر صبر؛ نِصْفٌنا أمل، و نِصْفٌنا الآخر رضا..
لكن، كُلّنا إيمان يا بحر، كُلّنا إيمان.. كُلنا يقين يا بحر، كُلّنا يقين.. يقينُنا بأنَّ الحُبّ رزقُُ.. يوما ما سيرزُقُنا الله القلب الذي يحملُ رزقنا.
نضيرة رابح بريوة