إشراقات أدبيةالقصة

السيرة الذاتية للأديبة سلينا الجزائري رحمها الله من الجزء الرابع لسادس بقلم المهندس عبدالرحمن الهاشمي

الجزء الرابع من السيرة الذاتية لحياة سلينا الجزائري المرحومة امي
على لساني انا ابنها عبد الرحمن الجزائري
كان عندي مرض بالقلب وهو تشوه خلقي ثلاثي بصمامات القلب وكانت المرحومة امي لاتسمح لي أن اقوم باي جهد عضلي او جسدي وكانت تخشى علي من كل شي يعكر مزاجي وبالتالي ينعكس على نفسيتي في هذه الفترة عزم ابي ان يجري لي عملية بالهند قام بجميع الإجراءات وكانت امي حامل وبهذه الفترة كان الوضع في البيت شبه مستقر كون علاقة ابي بامي ساءت جدا من اهماله لها ولنا وعدم اكتراثه ولا اباليته التي زادت عن حدها حتى ابتعد عنا كثيرا ابتعاد روحي وعاطفي وفي هذه الفترة جاءت عمتي التي كانت تقيم في الإمارات منذ سنوات طويلة ولو سالتموني ما وجه المقرانة بين عماتي السبعة وهذه الثامنة اقول لكم السبع بكفة وهي بكفة بسؤء الخلق والعنجهية والاستبداد فمنذ حضورها نصبت العداء لأمي وحاربتها بكل الوسائل في يوم من أيام شعبان وكما كانت امي المرحومة تصوم ثلاثة أشهر رجب وشعبان ورمضان وكنا في الطابق الثاني وبيت جدي الطابق الأرضي كان جالس معي ابن عمي وهو من عمري وامي مشغولة في المطبخ تطبخ وتنظف الصحون
ابن عمي قال لامي عمتي اريد منك ملمع اخشاب لالمع غرفة نومك قالت له لاتتعب نفسك لان الغرفة معقدة الزخرفة والعمل شاق تحتاج نجار قال لا فقط ارفعي الاغطية وانا اقوم بالتلميع وعبد الرحمن معي قالت له لا عبد الرحمن لايعمل شي اخاف عليه من اي مجهود قال حسنا انا اقوم بالعمل وعبد الرحمن يضع كرسي ويجلس عليه ويراقبني وافقت امي رفعت الاغطية واتت لنا ببعض الفاكهة وضعتها على الطاولة مع الماء وذهبت تكمل شغلها في المطبخ في هذه الاثناء قال لي ابن عمي احضر لنا مكنسة من مخزن بيت جدي لكي ازيل الغبار
وامي لاتعلم شيئا عن الأمر جئت بالمكنسة ووضعنا عليها قطعة قماش لان كان الخزان عاليا وقمنا برفع الغبار بها
في هذه الاثناء حضرن عماتي الثمانية وقامن بضرب امي ضربا في كل انحاء جسدها وهي حامل بالشهر السادس ثم اتصلن فون بابي واخبرنه بأن سالي جعلت عبد الرحمن يكنس جاء ابي ودون ان يسمع لامي ولا لابن عمي ولي ضربها على بطنها بقوة برجله فنزفت كثيرا نقلت للمستشفى واجروا الأطباء لها عملية انجبت اختي رولا وضعوها خدج بالحاضنه وامي نجت من الموت باعجوبة حين استطاعوا ايقاف النزف واعادوها للحياة بقدرة قادر ثم بعد يومين توفيت اختي رولا
انا وابي سافرنا للهند لإجراء عملية لقلبي وامي انتكست صحتها واجروا لها عملية ثانية لقلع رحمها لانه من شدة الضرب لم يعد يصلح
انا بالهند ويوم عمليتي سمعت ابي يكلم جدتي وهو لم ينتبه لوجودي ويقول لها متى ومن معها بالمستشفى ومتى العملية
جئت لابي وسألته من يعمل عملية قال هذا عمي الكبير شيخ محمد لم اقتنع بكلامه كان قلبي يخبرني انها امي
وانا دخلت غرفة العمليات واجريت العملية وانقطعت الاخبار أربعين يوم امي في بغداد وانا في الهند وكلما اسأل ابي الم تسأل امي عني يقول سالت وانت في العناية المركزة سالت وانت تاخذ العلاج وهكذا حتى خلصت جميع الحجج بعد شهر قلت له اريد ان اسمع صوت امي
واذا به يسمعني صوت امي بعد خروجها من العمليات وأثار البنج ظاهرة على صوتها وهي تصيح عبد الرحمن رحومي عبودي ابني اريد اشوفه
آه ثم آه
للحديث بقية…….يتبع

الجزء الخامس من السيرة الذاتية لحياة سلينا الجزائري المرحومة امي
عندما تزوج ابي من ابنت عمه التي هي امي انجبت اخي عبد السلام وطلقها بعدها اعادها إلى عصمته فانجبت نريمان فطلقها بعدها اعادها إلى عصمته ثم انجبتني انا عبد الرحمن فطلقها الطلاق الثالث وبهذا انتهت علاقتهم امي لم تاخذنا بحكم حضانة الأطفال للأم بل تركتنا لابي وبعد عدتها باسبوع تزوجت من عميد جامعة بغداد وبعد أشهر قتل بالطائفية
انا تعلقت بابي كثيرا لا افارقه وحين يتاخر ليلا لا استطيع الا النوم إلا ان اضع قميصه على انفي وبعدما قرر ابي الزواج كنت اتمنى يرجع امي لكنه تزوج من امي سلينا في بداية الأمر لم اتقبلها كنت اعتبرها سرقت ابي كنت استفزها واحرض عماتي عليها ومن المواقف التي لازالت في ذاكرتي تؤلمني في بداية زواجها من ابي كنت افتعل الحجج مثلا وهي نائمة اصحيها واقول لها الساعة الثالثة بعد منتصف الليل اطبخي لي رز فتصحى وتقول لي ياابني الرز لايؤكل ليلا ساعمل لك حليب وجبن وتجلس والنعاس بعيونها حتى اكمل الاكل وتصحى باكرا للمدرسة لان مدرستها كانت بعيدة جدا عن منزلنا وذات مرة جاءت من المدرسة وغيرت ثيابها واعدت لنا الغداء واخبرت ابي ان ياكل قال لها لا انا اكلت هناك وامي أيضا كانت اكلت نستلة بالمدرسة احضرت الطعام لنا انا ونريمان وجلست بجانبنا وابي يتصفح اللابتوب وامي تصحح اوراق امتحانات طلابها وكنت اختفيت عنهم وسالت نريمان ماما أين أخيك قال لي أنني انه جائع جدا قالت نريمان يمكن نزل عند بيت جدي
دقائق واتيت( انا عبد الرحمن ) ومعي شرطة الإنتربول( اقصد عماتي) اخبرتهن كذبا بأن زوجة ابي تاكل هي وابي في غرفتهم وانا واختي وضعت لنا طعامنا في المطبخ
عماتي جاءن والشر يتطاير من عيونهن لماذا الاولاد تعزليهم عن ابيهم ابي نظر باستغراب وامي الورق بيدها وهي مذهولة وانا ابتسم لاني أريدها ان ترحل منا وبكل الطرق
نظر ابي وراى الابتسامة الخبيثة على وجهي وقال لي لماذا تكذب اليس اختك تجلس جنبنا وتاكل وانا وامك لانشتهي الاكل
امي المرحومة سلينا كان قلبها يسع الكون عالجت الموقف واحتضنتتي وقالت اجلس كل طعامك ياابني
بعد أيام انا واختي طلبنا من امي سلينا ان نرى امي وكان ابي منعنا من رؤيتها لأنها رمتنا ولم تسأل عنا
لو اخبرتكم ماذا فعلت امي المرحومة سلينا تقولوا هذا يبالغ لكن اقسم بالله العلي العظيم اقول لكم الحقيقة التي لاتعملها امراة غيرها
اتصلت امي المرحومة سلينا بامي وعزمتها على الغداء بمنزلنا وبصفتها ابنة عمهم لاضير ترى عمها وابناء وبنات عمها وترانا بذات الوقت المهم جاءت امي وبقيت معنا لمدة أسبوعين تفتح خزان امي سلينا وتلبس مايحلو لها من ثيابها وتتعطر بعطرها امي حتى اغلبهم انتقد ماما سلينا على تصرفها اعتبروه غباء منها ان تفعل ذلك مع ضرتهت لكن الإيثار جعلها تنكر ذاتها من أجلنا واستمرت امي تاتي لنا حتى تزوجت للمرة الثالثة من رجل كبير بالسن اغراها بانه سيكتب عقار باسمها ولكنه لم يفي بوعده فتطلقت منه وابي قرر بأننا ممنوع ان نراها او تاتي لمنزلنا مرة اخرى
في وقت من الأوقات اصدر قرار يحق لضحايا الارهاب ان يتسنموا مراكز في دوائر الدولة فعينت امي بصفتها الزوجة لثاني زوج لها كان من ضحايا الارهاب فعينت مركز سكرتيرة في مكتب نائب وزير
امي تغيرت احوالها كانت تبعث ايفادات لدول عربية واوربية تشتري ماركات من سيارات ولبس وعطور ونسيت اولادها من بطنها
بقيت ماما سلينا الام المثالية وكما كانت تقول ليس الفخر لمن انجبت بل لمن ربت
كانت حريصة علينا جدا غرست الحب والعطاء والإنسانية والايثار والمبادي والقيم النبيلة بنا
دعوني احدثكم عن نريمان وعلاقتها بامي كانت اختي تحب تتعلم من امي كل شي وكنا نعلم جيدا ماما سلينا تحبنا لان الطفل بذكاء فطري يشعر بهذا الحب
المهم ذات يوم كانت نريمان مع امي يقمن بتنظيف المنزل وامي تضع لها القمامة باكياس ونريمان ترميها جنب منزلنا توجد حاوية كبيرة لرمي القمامة على الرصيف قرب المنزل وحين نزول نريمان امي تنظر لها من البلكونه حتى تصعد للطابق الثاني تأخرت نريمان ربع ساعة نصف ساعة ساعة نريمان اختفت وامي ساعتها قلبها احترق وصار جسدها يرتعش وتردد خطفوا بنتي وخرجت تجوب الشوارع لكنها لم تجد اي اثر لاختي وكانها فص ملح وذاب
بعدها رجعت امي وتمددت في الارض وحالها يرثى له
جاءت نريمان بعد ساعة ونصف وامي تربعت وجلست القرفصاء وكان الدم رجع لعروقها أين كنت ماما هل احد خطفك وتسأل وتسأل ونريمان تجيب ببرود مابك ماما ذهبت لصديقتي اخذ منها درسا لم أكمله قامت امي وصفعت نريمان كفا وقالت ياخسارة تربيتي فيك ثم ذهبت وتوضات لصلاة الظهر وقفت باتجاه القبلة وبالركعة الأولى تركت صلاتها وجلست تبكي بأعلى صوتها ونادت بصوت حزين تعالي هنا يانريمان شلت يدي التي رفعتها عليك يابنتي ونريمان تبكي أيضا وتقول لها لا ياماما انا استحق لاني لم استأذنك وذهبت دون علمك استحق صفعتك لاتبكي ياامي
وتمر الأيام والشهور والسنين ونزداد قربا من المرحومة امي وتصبح الفجوة كبيرة بيننا وبين من انجبتنا
لو تبادر إلى اذهاكم أنني ولد عاق بوالديه ساعطيكم دليل وانتم احكموا وسارضى بحكمكم ….حين سافرت للهند لإجراء عملية لقلبي كانت امي سلينا وهي خارجة من العمليات تفكر بي وتنطق اسمي حين كانت من التي انجبتني برحلة إيفاد تجوب الإفطار العربية مصر ولبنان وقطر ولم تكلف نفسها عناء الاطمئنان وسؤال عني
وموقف اخر كانت امي المرحومة سلينا غاضبة من ابي ومنعها من رؤيتنا شهر طلبت من التي انجبتني بحكم الزمن جعلها تسجل على الورق انها امي ان تعطيني فون وهي تمتلك ثلاث جوالات ماركات وبأسعار خيالية اتعرفون ماذا إجابت لم املك ورث ابيك وجدك دع ابيك يشتري لك وكسرت خاطري والدمعة ترقرت بمقلتي قررت اهرب من بيت جدي لأرى ماما سلينا فذهبت لها واحتظنتني وقالت يهون عليك ماتسال عني وانا قلبي يتمزق لفراقكم على الاقل كنت تكلمني مكالمة قبلت جبينها وقلت لها لا أحد يسمح لي بمكالمتك وتعرفين لا أملك جوال مسكت جوالها واعطته لي قالت خذ هو لك وارجع للبيت كي لايؤذوك قلت لكن امي هو جوالك كيف أخذه قالت عندي فون قديم لست بحاجة لهذا الجوال
رجعت البيت وكنت اقارن بين من انجبتني وبين من ربتني وجدت الفرق كالفرق بين الثرى والثريا

للحديث بقية……..يتبع

 

الجزء السادس من السيرة الذاتية لحياة سلينا الجزائري المرحومة امي
كبرنا واصبحنا نعي جيدا مايدور حولنا وصرت الوحيد الذي اقف بوجههم سواء كان ابي او اعمامي او جدتي وعماتي كان يتهمون امي بانها ساحرتني علما انها لاتؤمن بالشعوذة والسحر مثلهم انسانة تقية مؤمنة صابرة إضافة انها ليس لها أي أحد بالعراق وعلاقاتها مجرد زمالة المدرسة ولا تخرج وحدها من المنزل لانها تتوه حتى حين كان تعينها بإحدى مدارس بغداد كانت في كل مرة تتوه وتتصل بنا وياتي بها ابي
كبر اخي عبد الله وصار بعيدا جدا عن امي وكانت تعاني من قسوته وعدم نطقه لكلمة ماما لها كانت رحمها الله تقول اموت واسمع عبودي يقول لي ياامي
اما اختي نريمان فكانت امي تخاف عليها من بيئة منفتحة وتحرص عليها جدا وذات يوم وفي الساعة العاشرة والنصف ليلا طلبت عمتي من نريمان ان تذهب للأسواق لشراء البوظا لهن كانت امي في الطابق الثاني وهي في الطابق الأرضي عند بيت جدي همت اختي بالذهاب للاسواق لشراء البوظا وانا ذهبت لأمي مسرعا لاخبرها بخروج نريمان ليلا علما ان منزلنا مقابل لدائرة الإقامة وهي دائرة شبه عسكرية وتوجد كرفانات للحرس والشرطة وأصوات ضحكاتهم وكلامهم البذيء والانحلال الخلقي نراه ونسمعه
هرعت امي تجري مسرعة على السلم وتنادي نريمان تعالي وقفت عمتي أمامها وقالت لها ماذا تريدين قالت لها انده لبنتي
اجابتها عمتي بستهزاء وضحكة ساخرة والله كذبتي كذبة وصدقيتها وقالت لها باللهجة العراقية ( بابا روحي احسن افرشك وامسح فيك الأرض)
امي قالت لها لن تخرج نريمان بهذه الساعة من الليل ولو خرجت على جثتي
امي قالت نريمان اصعدي الطابق الثاني وانا انتظر عمتك كي تمسح الارض بي وهي تهم بضرب امي ومسك شعرها حضر ابي واستفسر عن الأمر….قالت له امي انا ام عبد الرحمن ونريمان ولا لاء قال بلى امهم
قالت اسأل اختك تريد أن تخرج صبية بهذا العمر وبهذه الساعة المتأخرة كي تشتري لها بوظا …قال ابي لاخته كيف تسمحي لنفسك ان تبعثيها وامها مسؤلة عنها ولاداعي للسخرية منها وهم ليسوا أولادك بلى هم اولادها وتحرص عليهم اكثر منكم يكفيكم افسدتوا اخلاق عبد الله دعوها تربي ابنائها في الحقيقة انا وامي استغربنا ابي ان يكون صارما ولأول مرة بحياته ووقف بجانب امي
الحقيقة انا شعرت بزهو الانتصار انتصار الحق على الباطل ونظرت لعمتي نظرة تشفي وتهكم وابتسم بوجها ومسكت ذقنها قائلا حسنا ياعمتي خسرتي هذه الجولة قالت المعركة معك ومع امك لم ولن تنتهي
رغم حصول فجوة وبرود بعلاقة ابي مع امي لكنها كانت تخفي بداخلها لاتظهر المها وحين ترانا تحاول أن تمثل دور الزوجة السعيدة فتمزح مع ابي وتضحك لكننا كبرنا وصرنا نعي جيدا مايدور حولنا
حين كسرت علاقة ابي وامي ظهر كل شي ولم يعد إخفاء الأمر صار ابي ينام في الطابق الأرضي ونحن مع امي في الطابق الثاني
حينها قررنا انا واختي ان نحاول استرجاع علاقتهم وكان الوقت قريب جدا لعيد ميلاد زواجهم ….أصبحنا نجمع مصروفنا اليومي ونضعه في حصالة حتى جمعنا مبلغا لابأس به من المال واستئذناها ان نذهب نتبضع من رخيته فسمحت لنا واخفينا الهدايا وزينا استقبال الطابق الأرضي في الليل وامي لم تعلم ولا ابي واحضرنا الكيك والحلوى والعصائر وطلبنا من امي تضع ميك اب وفتحنا خزانها واخرجنا فستان سهرة جميل وهي مستغربة وتقول شو عندنا اليوم عرس ابوكم وتضحك المهم اطاعتنا كالعادة لاترفض طلباتنا ومن جهة اخرى اتصلنا بابي فهو كالعادة يسهر وياتي للبيت متأخرا اتصلنا عليه فون واخبرناه كذبا ان جدي اغمى عليه وحملوه شرطة الإقامة بالاسعاف لان أعمامي لااحد منهم معنا فجاء ابي بعد نصف ساعة فلما رأى الزينة وبخنا لاننا كذبنا عليه وقمنا بوضع موسيقى هادئة وطلبنا من ابي ان يرقص مع امي اسلو
امي نفذت كل شي ليس لأنها تريد لملمة ماكسر بل رأت الفرحة بعيوننا فاتقنت دور السعادة

للحديث بقية……….يتبع

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى