الظِّباء
شعر/د. عبد الولي الشميري
مُدْلِجٌ بالعِيسِ في سَفْحِ الرُّبا
شَامَ بَرْقًا في الفَيَافِي غَرَبَا
في سُكونِ اللَّيْلِ أشْتَاتُ المُنَى
تُبْعِدُ المشتاقَ مَهْمَا اقْتَربَا
وَمْضَةَ النَّجْمِ أُنَاجِي سَحَرًا
والنَّوى يَسْفَحُ دَمْعِي قِربا
آهِ مِنْ لَيْلِي، وشَوْقِي، والسُّرَى
قَطَّعَ البُعْدُ فُؤادِي إِرَبَا
وانْبِلاجاتُ صَبَاحٍ واعِدٍ
يَا خَلِيلَيَّ أَأَهْوَى كَوْكَبَا؟
أَيْنَ يَا كَوْكَبُ مِنِّي ظَبْيَةٌ
طَفْلَةُ الرُّوحِ سَبَتْنِي مِنْ سَبَا؟
رَشَأٌ مِنْ وَجْنَةِ النُّورِ لَهُ
غُرَّةُ البَدْرِ وَأَنْسَامُ الصَّبَا
يَتَباكَى ظَالِمًا مَحْبُوبَهُ
كَيْفَ يَبْكي نَاهِبًا مُغْتَصِبا؟
يَتَوَلّى إنْ يَرَانِي هَائِمًا
ذَارِعًا مَشْرِقَه والمَغْرِبَا
مُعْرِضًا مستهتِرًا عَنْ حِبِّهِ
قَبْلَ أن يَقْضِي إليه مَأرَبا
هل رأيتم في عنادٍ مثلَه
كُلَّمَا قاربتُ منْهُ احْتَجبَا
وَإِذَا ساءَلْتُ أَسْرَابَ المَهَا
قُلْنَ: ما نَعْلَمُ عنهُ مِن نَبا
ما عَلَى رِئْمِ الفَلَا مِنْ عَتَبٍ
وَعَلَى قَلْبِي المُعَنَّى العَتَبا
كَيْفَ يَهوى القلبُ ظَبيًا نافرًا
يَرْتَعِي الزَّهْرَ وَيَهْوَى الكُثُبا؟!
أَيْنَ مِنِّي حُلُمُ العُمْرِ الَّذِي
ضَاعَ فِي لُجَّةِ أَيَّامِي هَبَا؟
كَمْ حَجَجْنا لِلغَوَانِي كَعْبَةً
وَسَجَدْنَا فِي خشوعٍ للقِبا؟
فَلِمَنْ أَشْكُو غِواياتي، لِمَنْ
الصَّبايا، وَعُرامِي، والصِّبا؟
مَا دَهَى قَلْبِي الذي أَشْعَلَهُ
عِشْقُهُ، بعدَ التَّنائي لَهَبا
كَمْ لَقِينا فِي الهَوَى مِنْ تَعَبٍ
وَلَكَمْ ذَاقَ مُحِبٌّ تَعَبَا
قُلْ لأحبابي ويا شوقي لهم
عَلَّمُونِي في التَّمَادِي مَذْهَبا
مَا نَسِينَا بِالتَّنائِي مَرْتَعًا
خَطَّ فِي مُهْجَةِ قَلْبِي كُتُبا
لا لَيَالِينَا لَيَالٍ بَعْدَكمْ
ولقد صرنا يَتامى غُرَبا
الظِّبا والحُبُّ دائي، فمتى
أَتَشافى وفؤادي قد أَبى؟
كيف أشكو يوم لُقْيانا غَدًا؟
“الظِّبَا”؟ لا سَامَحَ اللهُ الظِّبَا