العزلة في زمن الكورونا
الحجر المنزلي
(مقامة العزلة والحجر)
رقم المقامة(145)
كتبها الأديب :عبدالمجيد محمد باعباد..
حكى لنا المعزول باعباد قال:أعيش في بلاد العزلة المنعزلة، والديار المنهزلة، والحروب الجزلة ،والكروب النازلة، مواطن من الدولة المعزولة ،أعاني من عجز الجهات المسئولة وأقاوم ضعف الحكومة المشلولة، وأصارع ظروف البلدة المغلولة، وأحارب أطماع العِداء المجهولة، وأسكن في حجرة منزلية تعتلي محافظة جبلية مأهولة بالسكان تقطن أسرتي المجبولة في قرية ريفية نسائمها زكية وشعابها رزية وطرقها هزية ونساؤها غزية ورجالها نزية لكن خدماتها لغزية ووسائلها محزية أعيش فيها معدًّا كامل الجاهزية من أجل الحصول على أبسط الخدمات الأساسية للحياة المعدومة في الريف كالضوء والماء والغذاء والداء والشبكة بلا تغطية والكهرباء منطفئة والخدمات منطوية فلا مكان لشحن الهاتف النقال ولا نت يفتح بالحال عفوا رفيقي الهاتف الجوال بيانات الاتصال تبث في انفصال وشبكة الاتصالات ترد كافة المكالمات ووسائل المحروقات تخنق المخلوقات وأزمة المشتقات ترفع مصادر الطاقات والعيش في الريف يحمل معه المشقات المتعبة التيار متعجرف والظلام يرفرف والماء منصرف والنت يطفطف والجوع يعصف والعدوى تقصف والمرجف يهرف بما لا يعرف والمودف يصارع الوضع المؤسف والعاقل مغلول الكتف والجاهل قائد مشرف والطائش محترف والناهش منتشف واللاقف ملتقف والناكف مكتنف والعارف مقترف والأمي مكتشف والمعلم مرتدف والعسكري يجترف دولة نامية منهكة بالأزمات ومهدومة فيها كافة المقومات ومحرومة من أبسط الوسائل اللازمات ومنعدمة فيها الحاجات الأساسيات وأهم الخدمات الرئيسيات غير متوفرة والكهرباء متدثرة والشبكة مندثرة والأوضاع متوترة دولة حربها شعواء وخبطها عشواء وشعبها أشلاء وقتلاها شهداء ومواطنوها نزحاء فهي دولة معزولة عن دول العالم الأخرى تسمى اليمن موبوءة بالفتن ومزروعة بالمحن وديارها معجونة عجن تناهشتها أطماع الأعداء ومزقتها أنياب الدخلاء فحياتها في أشد بلاء فهي موبوءة قبل الوباء تعاني من إجهاض وطني حاد وسعال سياسي زاد وإجهاد عنادي صاد وسقم غبائي ساد وعضال بلدي باد كل جميل عن ماضيها وحجب الشفاء عن أراضيها وجاء بكل عدوى تضاهيها فقد اعتدت بالجرب الغبائي قبل المرض الوبائي ومرضت بالداء الإنساني قبل الفيروس العدواني وعانت من جميع الأمراض وظهرت فيها جميع الأعراض الرديئة والظروف المتردية حتى اختل فيها جهاز المناعة وحل فيها الفقر والمجاعة ودمرت بنيتها التحتية وهدمت مقوماتها التنموية وضعفت جهاتها التعليمية وغابت أجهزتها الأمنية وتدهورت عملتها الاقتصادية وزعزعت حالتها الصحية وأصبحت مصابة بالعدوى السياسية ومحرومة من كافة الحقوق الأساسية مفترسة قبل الفيروسات مصابة بعدوى عدوانية تسمى الحرب الضروس دمرت القرى والمدن وتركت الوطن مقصوفًا والشعب محتوفًا والبلد مطحونًا والوضع يجن جنونا والحرب حصدت ما لم تحصده كورونا من الأرواح البشرية دولة يقتلها فيروس السلاح ويجتاحها صوت القراح وينتابها دموع النواح مجتاحة قبل الجائحات مثخنة بالجراحات تحتاج إلى طبيب دولي جراح يعاين حالتها الصحية ويعالج علتها الجراحية فهي بحاجة إلى عملية سياسية إصلاحية ومعالجة دولية تصالحية تقيها من شر الاعتداءات وتمنع عنها العداوات وتعالجها من جميع الأمراض والعلات فهي بأمس الحاجة إلى رعاية الطب الإنساني قبل مداهمة الفيروس الفئراني واستئصال العضال الطغياني والوقاية من الحرب العدواني وكل يوم تستغيث إلى دواء أمني وهدوء سكاني وجهد أممي يمنع عنها هذه الحرب العدوانية ويقيها من الفيروسات الكرونية فأوضاعها حرجة قبل أن تجتاحها جائحة كورونا فوضعها معلولًا وشعبها مقتولًا ووطنها مشلولًا وبلدها محفولًا بالصراع الدامي فكيف بها إذا اجتاحها الوباء العالمي والفيروس الأممي فيا ربي قها من عدوى الفيروسات ونجها من بلاوى السياسات واجعلها سالمة في أتم صحة وسلامات وخالية من أي إصابات فيروسية وابعد عنها هذه الأوضاع القاسية ومتعها بالروح الإنسانية وكف عنها الحرب العدوانية يقول الراوي بهذه الحكاية التزموا بإرشادات الوقاية وابذلوا أسباب الحماية وعليكم بالعزلة والاعتزال فالعالم لا يزال يعاني من هذا العضال ويسعى جاهدا في كل مجال لمواجهة هذه الجائحة العالمية والعلة الأممية فالأمر بالغ الأهمية والفيروس يفتك بالأرواح الآدمية فاحترزوا منه بكل وقاية وأغسلوا أيديكم بعناية واتبعوا التعليمات الصحية والتزموا بالحجر الصحي والعزل المنزلي فالوباء جندي مأمور والفيروس منذر للعالمين جاء ليرغم أنف المتكبرين ويظهر ضعف المتسلطين ويكشف عجز البشرية ودولها العظمى أنها ضعيفة أمام القدرة الإلهية وعاجزة أمام أضغر المخلوقات المختفية يقول المعزول باعباد نؤمن أنها أقدار الإله المسجلة وجنوده المرسلة وهذا الفيروس سماوي ومبعوث أممي جاء يصحح غفلة البشرية وينزع النزعة الشيطانية التي طاشت بالإنسانية من الأنانية والعدوانية والطغيانية وما هي إلا موعظة كونية تنقضي بالرحمة الربانية والتوبة الإيمانية ويختم المعزول يقول عليكم الأخذ بالأسباب فهو أمر واجب والعمل به رشد صائب فاجتنبوا العدوى وعليكم بالاختلاء والعزلة حتى تنقضي هذه النازلة بلطف الله ورحمته ويكمل المعزول حكايته ساردا في بدايته حال وطن المعزولين ووضع المعزولين في بلدة عزلت قبل العزلة وحجرت قبل الجائحة بالحجر الحربي فيا حبذا الاحتجار بالحجر الصحي فالحجر عن المهالك خير من شر المعارك ويختم المعزول يقول ما أفرسك أيها الفيروس المفترس وما أحدسك أيها المحترس وما أعجبك أيها الخفي الدقيق ما أبشعك أيها الكائن المجهري الرشيق أفزعت العالم أيها الفيروس وأرعبت نفوس الناس وخوفت جميع الخلائق وأظهرت عظمة الخالق وجئت بالحقائق وأظهرت المكشوف وأثرت الجدل وقهرت جبروت الدول وأثبتَّ أن الإنسان لا حول له ولا قوة إلا بلطف الله عز وجل وقد استقلت استقلال السيف في حدك وامتددت امتداد النووي في مدك واستحكمت سهم الإصابة في حصدك ووقف العالم كله ضدك وأنت لا تبالي لأنك جندي علام الغيوب أفزعت جميع الشعوب وكشفت للناس خطورة أشرارك وأظهرت للأمم عجائب أسرارك وعلمت البشرية التواضع والاهتداء وأبعدتها عن التكبر والكبرياء وأظهرت الضعف والذعر في جميع الأوطان فلو عاد الناس إلى خالقك لانتهت عدواك وفكت عوائقك وانتهت خطورتك أوقف الله مداك ومنع انتشار عدواك ووقانا من خطر وبائك…