القصة

الغريقة و الظن // للكاتب م.وائل السعدني

الغريقة و الظن…

كان القمر ذو ضوء باهت ترى أثره على ظلام الليل و كأن هذا الليل تحول إلى اللون الرمادي القاتم قليلاً، كان هذا الضوء منعكساً على صفحة ترعة صغيرة تمر من خلال بيوت الفلاحين البسطاء.
و كان هناك احتفال بموعد الحصاد و كل أفراد القرية تقريباً مجتمعون عند كبيرها و كانوا يشربون و يأكلون و يمرحون فرحين مبتهجين، و لكن فجأة سمعوا صيحات جزعة فزعة و كأنها صرخة من رأى الشيطان نفسه، فذهبوا مسرعين ناحية الصوت ليجدوا أن هناك امراة شبه عارية غريقة في الترعة و وجهها للأسفل.
فأخذ البعض يقول أنها امرأة غانية قد مل منها رفيقها فقتلها، و بعضهم أخذ يقول إنها لصة سرقت أحدهم فقتلها، و قال آخرون كذا و كذا.
و لكن الجميع سكت مرة واحدة عندما على صوت كبير القرية قائلاً:
هل تعرفون هذه المرأة؟ بل هل رأيتم وجهها حتى تنسجوا قصصكم هذه عنها، إن آفة كل شيء هو الضرب بالجهل و عدم تحري الدقة، كلكم أخذ يفتش عن أسوأ ما قد تفعله المرأة لتبرروا مصيرها الذي رأيتموه.
لم يخرج تبريراً واحداً أنها ربما كانت تغسل بعض ملابسها فانزلقت و غرقت، لم تضعوا في حسبانكم أنها ربما تكون قد دافعت عن نفسها و شرفها قبل أن تقتل.
كلكم افترض أسوأ ما في نفسه و لم يختر أخيرها، هل هذا لأنكم منافقون في ظاهركم و لكن في داخلكم شياطين؟ أم أنكم تعتقدون أنكم أطهار و أن كل من لم يمت كما تتوقعون يصبحون آثمين؟
سوء النية دائماً يدل على نفوس خبيثة في داخلها، أنتم في اللهو من الأوائل و لكنكم في الحق و الحقيقة ساقطين من أول رأي.
ليس كل الناس كما نتوقع فخلف كل مشهد من مشاهد الحياة قصة و قصصاً و لعل أسوأها ما أنتم عليه الآن.

وائل السعدني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى