إشراقات أدبية

اللغة العربية  الجزء السابع  والثلاثين     الفصل الخامس   بعد الاسلام  اللغة العربية في العهد العثماني // للكاتبة اللبنانية ملفينا ابومراد

اللغة العربية

الجزء السابع  والثلاثين

الفصل الخامس   بعد الاسلام

اللغة العربية في العهد العثماني

ذكرت في العدد السابق عن محاولة تتريك اللغة العربية و الاصوات المناهضة لها ، و في هذا الجزء ابرز الراي المضاد .

علما لكل عصر مؤيدين و مناهضين .

الدولة العثمانية واللغة العربية

 

 

وقد شهدت الهوية التركية – بسبب اللغة العربية – مراحل متدرجة في التشكل والبناء، فكانت البداية عندما اتخذت العربية لغة دين وعقيدة، ثم تطور الأمر لتصير العربية لغة ثقافة وتعليم، وبالتالي كانت النتيجة أن صارت العربية لغة تفكير، بمعنى أن اللغة العربية في الدولة العثمانية تدرجت حتى صارت هوية حضارية لا تتصادم بأي شكل مع الهوية القومية الخاصة للترك.

مما يبرز لنا العلاقة الجدلية الدينامية المتصاعدة بين اللغة العربية وبين الهوية الإسلامية، ولأنها لغة القرآن فقد صارت مرتبطة عقائديًا بالضمير الجمعي التركي، واتخذت مكانًا مقدسًا لا يتصادم أو يتماس- أو حتى يقارن بأي حال – مع اللغة التركية أو العثمانية، فصارت صورة للهوية الدينية. ثم اتسعت رقعة الدولة العثمانية، وصارت دولة عالمية، واتسع معها الأفق الفكري والمفاهيمي لدى الشخصية العثمانية التي أرادت استيعاب الشعوب المختلفة في بوتقة حضارية واحدة لتصنع نموذجًا مبكرًا من العولمة الثقافية، فكانت اللغات التركية والفارسية والعربية هي لغات التعليم والثقافة؛ سواء للعامة أو رجال الدولة أو حتى القصر العثماني والأسرة الحاكمة، فصارت صورة للهوية الثقافية.

وعندما بدأت تترسخ المنظمات التعليمية العثمانية في الدولة وتتخذ الشكل المؤسسي، كانت اللغة العربية سباقة في احتلال مكانة رفيعة في مناهج التعليم، وتمكن المتعلمين، وحتى في التقسيم المنهجي للمدارس ومسمياتها، فصارت صورة للهوية التعليمية وبناء الشخصية.

وأخيرًا استمرت اللغة العربية تحافظ على مكانتها تلك حتى الأيام الأخيرة من عمر الدولة، ولدى طبقاتها العليا من الطلاب والعلماء، وحتى السلطان نفسه. ولهذه المراحل جميعًا تصير اللغة العربية صورة للهوية الحضارية التي تتماهى فيها العقيدة مع الدين والثقافة والتعليم والشخصية، لتصبح هوية حضارية بعيدًا عن أي شوفينية أو قومية.

تُهمة تتريك الدولة العثمانية للدول العربية التي دخلت تحت رايتها، تطل برأسها كثيرًا منذ الحملة الشرسة التي أطلقتها بعض الدول العربية التي ناصبت تركيا العداء.

– استبدال الهوية الثقافية لأي مجتمع بأخرى لا تتم إلا عن طريق اللغة، فوجب التركيز عليها في الرد على اتهام الدولة العثمانية بعثمنة أو تتريك الدول العربية التي دخلت تحت نفوذها.

– لو كانت الدولة العثمانية عملت على تتريك المجتمعات العربية وفرضت اللغة التركية عليها، على غرار هيمنة الفرنسية في المغرب العربي، فكيف لم ينقل لنا التاريخ أن هذه الشعوب كانت تتكلم اللغة العثمانية.

– من يتحدث عن تتريك العثمانيين للبلاد العربية يجهل طبيعة الحكم العثماني، الذي قام على مبدأ الاستعانة بعناصر الحكم القديمة في البلاد المفتوحة، والاكتفاء بمظاهر السيادة وترك البلاد لأهلها تسير حياتهم كما كانت تسير.

– كان التعامل باللغة العثمانية في نطاق الإدارة والحياة السياسية بين السلطان العثماني والولاة والموظفين، أما المعارف والعلوم والثقافة، فقد ظلت كما هي باللغة العربية.

– الحكم العثماني حافظ على بقاء اللغة العربية في ثقافة شعوب تلك الدول، ذلك لأن العثمانيين كانوا يجلون تلك اللغة باعتبارها لغة القرآن.

– نسبة المفردات العربية في اللسان العثماني تربو على 40%، وهي دلالة قوية على تأثر اللغة العثمانية بالعربية وليس العكس.

النهضة الثقافية العربية في القرن التاسع عشر بدأت في اعقاب خروج محمد علي باشا من بلاد الشام عام 1840 وتسارعت وتيرتها أواخر القرن التاسع عشر، وكانت بيروت والقاهرة ودمشق وحلب مراكزها الأساسية، وتمخض عنها تأسيس المدارس والجامعات العربية والمسرح والصحافة العربيين وتجديد أدبي ولغوي وشعري مميز ونشوء حركة سياسية نشطة عرفت باسم “الجمعيات” رافقها ميلاد فكرة القومية العربية والمطالبة بإصلاح الدولة العثمانية ثم بروز فكرة الاستقلال عنها مع تعذر الإصلاح والمطالبة بتأسيس دول حديثة على الطراز الأوروبي؛ كذلك وخلال النهضة تم تأسيس أول مجمع للغة العربية وإدخال المطابع بالحرف العربي، وفي الموسيقى والنحت والتأريخ والعلوم الإنسانية عامة فضلاً عن الاقتصاد وحقوق الإنسان، وملخص الحال أنّ النهضة الثقافية التي قام بها العرب أواخر الحكم العثماني كانت نقلة نوعية لهم نحو حقبة ما بعد الثورة الصناعية، ولا يمكن حصر ميادين النهضة الثقافية العربية في القرن التاسع عشر بهذه التصنيفات فقط إذ إنها امتدت لتشمل أطياف المجتمع وميادينه برمته، ويكاد يعمّ الاتفاق بين المؤرخين على الدور الذي لعبه المسيحيون العرب في هذه النهضة سواءً في جبل لبنان (جبل لبنان كان له نظام خاص مستقل عن الدولة العثمانية لذلك كان لمثقفيه حرية التعبير ، نظام المتصرفية ،

هو نظام حكم أقرته الدولة العثمانية وعُمل به من عام 1861 وحتى عام 1918، وقد جعل هذا النظام جبل لبنان منفصلاً من الناحية الإدارية عن باقي بلاد الشام، تحت حكم متصرف أجنبي مسيحي عثماني غير تركي وغير لبناني تعينه) .

. أو مصر أو فلسطين أو سوريا، ودورهم في ازدهارها من خلال المشاركة ليس فقط من الوطن بل في المهجر أيضًا. إذ كَّوَّن المسيحيون في العصر الحديث النخبة المثقفة .

تابع

ملفينا توفيق ابومراد

لبنان

2023/8/30

جزء من المعلومات من غوغل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى