إشراقات أدبيةالقصة

المكان بقلم الكاتبة خولة البصري /العراق

المكان
تيريزا معتادة على النهوض باكرة تزحف الى الخلف وتمد قائمتها الأمامية وتسحب بصعوبة إحدى قائمتيها الخلفيتين لكنها تضحك بصوت ناعم يشبه رنين جرس المدرسة .تضحك على نفسها وعلى قائمتها المكسورة التي تبحث عنها كل يوم في زاوية من زوايا المكان, وعندما تستوي مرتكزة بثلاث قوائم ورابعة مكسورة تبدأ بإطلاق صوتها المشابه لرنين جرس المدرسة ذاك وتغني
-ياصباح الخير يلي معانا ..الكروان غنى وصحانا
صوتها يجعل ممرود يتمايل وهو نائم وقوفا ويميل القمجي يمين يسار, فوق تحت ,وهو يصفر من فم المبسم ويضحك هو الآخر مع ضحكات تيريز لكن زليخة التي لا تروقها ضجة الابطاليين كما تسميهم تقفز ثلاث قفزات وتتوقف الى أن تصل الى مشعل الاذربي لتوقد ناره مستأذنة بلكنتها الفارسية الطويلة أن يسمح بذلك فهي لا تشعل النار تحته إلا بعد الاستئذان منه لئلا تخترع كما تقول دائما.
و تخاطب مشعل الاذربي بالتأنيث كما تخاطب تيريز وفيونكا وسلوى وهلاهل بالتذكير.
وحين تصطف أكواب الشاي المعطر بالهيل والمصنوع بهدوء وروية بمزاج مشعل الذي يتحسن كلما صدحت الأصوات العميقة التي تشبه الصدى المنبعث من مغارة من خلال دوران الاسطوانات المرحة بحضن أبو حلك الذي كان يبدل اسطوانة فيروز باسطوانة سليمة مراد
– خدري الجاي خدريه عيوني المن اخدره
يتجمع الأبطاليون حولها وهي مكسورة من جوانب مختلفة بعضها بلا يد وبعضها مهشم الحافة .وبأصوات متناقضة تعلو الأغنيات في حين تزمجر هلاهل وهي تحاول أن تخرج الأصوات من جوفها بصعوبة ,وبقيت سلوى تتمايل مع الريح وترتفع وتنخفض بحنان وهي تستمع الى مزيج الأصوات المختلفة و تحاول الانسجام مع بعضها لكن فيونكا المركونة فوق الرف الذي يحاول ان يهتز رقصا تكشر جبينها وتنزل طرفيها انزعاجا من عدم انتظام الأصوات .من بعيد وبين سلسلة من الجبال الشاهقة ووسط واد كبير تسكن تيريزا التي تقول إنها من أرمينيا لكن حبها وانتمائها لوطنها الذي عاشت فيه ثلاثين عاما, وممرود الذي يرفض الانتساب الى المؤنث ويقول عن نفسه إنه مذكر بدلالة أجزاءه القمجي والمبسم والبكار والصحن وليس فيه من التأنيث سوى الشيشة فحق له ان يكون ذكرا .هكذا كان يجادل زليخة التي تقول له انتِ بكسر التاء مع إن فيونكا تخبره دائما أن زليخة إذا قالت انتِ بكسر التاء فهذا دليل على أنه ذكر وهنا تبقى زليخة تدير نفسها عليهما مرة يمين مرة يسار وهما يتحادثان أما فيونكا فكل ما لديها من ذكريات أنها كانت معروضة على رأس دمية جميلة بشعر مستعار خلف زجاج سميك ونظيف في مكان تذكره جميلا مرتبا قبل ان يسرقها أحد الجنود ويضعها في حقيبته الرمادية مع أغراض مختلفة ويظل يسير ويسير ولا تدري إن كان قد وصل الى مقصده أم لا فقد سقطت الحقيبة من كتفه وأخذت هي تجري وتجري مع بقية الأغراض حتى وجدت نفسها في المكان. هكذا كانت تروي حكايتها دائما وهي تتباهى بحلاوتها رغم أن قما شتها الحريرية الحمراء قد تمزقت واستحالت الى خيوط رفيعة هشة تتطاير بخفة في الهواء وتنفخ هلاهل نفخة طويلة تكلفها جهدا كبيرا إذ ان معظم فتحات فمها مسدودة بفعل تقلبات الجو لكنها تقول إن فتحات فمها مسدودة لأن الفنان البشري الذي كان يعزف عليها أخذها معه إلى مكان مظلم يسميه البشريون السجن
-انهم يذهبون الى هذا المكان كثيرا وما أعرفه أن هذا المكان يصنعونه ليعذب أحدهم الآخر
هكذا تحدثت هلاهل وسط دهشة الجميع من غرابة صنع البشريين ببعضهم البعض
-كانوا يسمونني هارمونيكا لكنه أسماني هلاهل
-قال إنني أُشبه هلاهل أمُه عندما يخرج من سجن البشريين كل مرة لكنه في المرة الأخيرة تركني على منصة مرتفعة وبقي هو معلقا بحبل تتدلى قدماه لا أدري لم؟وهكذا حضرت الى المكان
وغنى الجميع بصوت موحد.. أخيرا بعد شد وجذب
ياصياد السمج صدلي بنية ..عجب انتة احضري وآنة ابدوية
وحين شعروا بانتظام أصواتهم ورجع الصدى بين الجبال وتهاديها في الوادي الذي تتجمع به تحت سقف كُنكريتي قديم لا يعلمون كيف اطلقوا عليه اسم مكان. ارتفعت أصواتهم وشعروا بالانتشاء واهتزت سلوى تطير لتمسك السقف البعيد وتعود وتمر بذاكرتها الحجرة المزينة الحيطان بالورود والرسوم الجميلة رسمة لأمرأة تملأ دلوها من نهر عذب نظيف وحولها بطات كبيرة بيضاء اللون وعلى البعد طاووس فتح ذيله وظهرت ألوانه المتناسقة وهناك سرير بغطاء وردي مكشكش الحاشية ووسائد من اللون نفسه والكشكش نفسه وتتذكر إن البشرية التي كانت تعلقها على شباك يطل على مكان مليء بالورود كانت تردد إسم بشري تسميه ولدها لكنها لا تذكر كيف هجرت البشرية الحجرة ولم تعد تهتم بها وأنها غطتها بغطاء أسود تذكر سلوى إنه كان يسبب لها الاختناق حتى هجر البشريون المكان وطارت هي في الهواء حتى وصلت المكان.
تعالى الغناء منسجما مع الصدى نفخت هلاهل ونفخت كانت تشعر بالزهو وهي تميز صوتها بين الأصوات وتمايل ممرود وارتفع القمجي حتى زفر زفرة طويلة خرج من المبسم رذاذ الماء وسقطت ذرات منه على طرف سلوى فنفضت طرفها ونظرت نظرة لوم الى ممرود الذي كان مندمجا بتمايله سارحا بما تبقى من ذكرى عالقة فيه في مكان قديم الطرز تمتلئ جدرانه بصور بشريين بعضها قديم وآخر حديث ورجال ببذلات قديمة وشباب بأزياء عصرية واسطوانة تشبه ابو حلك لكنها حديثة الطرز وكُتب هنا ,وجرائد هناك ,وأحاديث عن شيء يسميه البشريون شعرا, مرة ,وأدبا, مرة ,ويذكر أنهم كانوا يكرهون شيئا أسموه صناع الحروب .هز ممرود فخارية رأسه ليزيح ذكرى راودته ورفع عقيرة مبسمه وصدح بغنائه
–اخذني وطير بية وخليني طاير وديني لكهوة عزاوي باجر
نظرت اليه تيريزا من خلف نظارتها المكسورة لتنبهه ألا يخرج عن نص الأغنية التي كانت تسمعها في بيت البشري الذي كان يعالج البشريين المرضى بطريقة كانت تجعلهم يحبونه ويجلونه ويسمونها المجان .وكان يقضي أوقاته بعد عمله يستمع للأغنيات ويقرأ ويتهامس مع البشرية التي كان يناديها مريام قبل أن يهجرا دارهما ويفران وتبقى هي مع بقية الأغراض في الدار المهجورة حتى أتى بشريون وحملوهم وقذفوا بهم في مكان ليس فيه شيء سوى الرمال ثم وجدت نفسها بعد مدة لا تعرفها تحت سقف المكان
سمع غواص صوت الغناء فأسرع كعادته كلما سمع الابطاليين يغنون فهو لا يسمع الغناء في قبيلته لأنها لا تعرف الغناء .كان غواص شابا حسن المظهر زرقة عينيه الدائريتين تضيف على شكله جاذبية كبيرة خاصة مع شعره الطويل المنسرح الذي يصل حتى قدميه, والذي يلتف في الهواء عندما يدور ثلاث دورات في الهواء متحولا الى قطة سوداء أو غرابا أسود .
وهكذا دار غواص متحولا الى قطة سوداء وزحف ليجلس على الحافة الكُنكريتية لجدار المكان ليستمع الى غناء الإبطاليين لكن المجموعة سكتت فجأة واستحالت جمادا صامتا .تيريز أريكة بقائمة مكسورة ودوشمة متهرئة ,وأبو حلك حاكية عتيقة تدور اسطوانتها ببطيء وتصدر أصواتا متقطعة غير مفهومة تغطي عليها أصوات المجموعة, وزُليخة طاولة دائرية بثلاث قوائم من الصاج الثقيل لم تتأثر كثيرا بفعل الإهمال وتقلبات الجو وتعدد المناطق التي مرت بها,وهلاهل هارمونيكا لاتينية الصنع تسد معظم فتحاتها ذرات سميكة من الأتربة ,وسلوى ستارة حريرية كانت معلقة يوما ما في غرفة شاب مقبل على الزواج ,ومشعل السماور المصنوع في معمل لمدينة من مدن اذربيجان والذي كان برفقة عائلة تركية غرقت في بحر واسع بسبب نيران مصحوبة بأصوات عالية قال أنه يسمونها قذائف
بقي غواص يتلفت يمينا يسارا متصنعا عدم الاهتمام عل المجموعة تستعيد حياتها ولكن عبثا باءت محاولاته فانسحب متخاذلا خارج المكان وطار مرة ثانية الى الجبل الشاهق الذي يضم بين خباياه وأصداءه قبيلته التي تتزعما أُمُه فارهة .
عاد غواص مخذولا كما السابقات مستغربا فعل الابطاليين. فهو لا يروم بها سوءا سوى أنه يريد أن يصبح صديقا لها, لكنه كان يتخذ لها عذرا أنها تخاف المخلوقات المتحركة من بشريين وحيوانات فقد سمع أفراد المجموعة لغير مرة يتحدثون عما أصابهم من أذى البشريين الذين كانوا يسيئون معاملتهم ويرمونهم في مكبات النفايات أو يبيعونهم ببخس الثمن عند استغنائهم عن خدماتهم .
كان غواص مرهف الحس يعشق الغموض ويكره الحياة الرتيبة في خبايا الجبال السارينية ويتمنى الشروع بمغامرة يستكشف فيها ما وراء عالمه الراضخ لضوابط يعلن قومه عنها كل يوم ثلاث مرات عندما يجتمعون لأداء التحية لعرش قبيلته ,وطوال فترة نموه التي لم تتجاوز السبعين شهرا حيث أصبح يافعا لم يجد ما يثري روحه حتى استماعه أغنيات مجموعة الابطاليين وحكاياتهم عن أزمنة وأمكنة مروا بها قبل مجيئهم وتجمعهم تحت سقف المكان
ابتعد غواص محلقا بعد مشهد تعنيفي من أمه لغيابه المكرر دون عذر وتجاهله اجتماعات القبيلة لأداء فروض التحية وعدم اندماجه مع أترابه للتعرف أليهم .
أخبرته فارهة أن ابتعاده واختفاءه أثار شكوكا حوله لكنه لم يكن يعير ثورتها هما ,فما أن يغفو الجميع بين زوايا ومتاهات السارينية حتى يرتفع محلقا ليرهف سمعه لأصواتهم الحزينة الملآى ذكريات حانية لا يجد لها مكان في عالمه الخبيء.
بقي نهاره قلقا لم ينم كما فعلت القبيلة التي يبدأ نشاطها الحركي في الدقائق الاولى لغياب الشمس ,وعندما استسلم أخيرا لتعب جفنيه الغزيرة الرموش حلم أنه يجلس مع الابطاليين ويغني أغنياتهم ويداعب ضحكاتهم ويمازحهم وأن ُزليخة تضحك بصوت شبيه بالصفير وتمازحه و تيريز تخبره بصوتها المشابه لرنين الجرس أنها سمعت البشريين يصفون الجن بأوصاف بشعة ومخيفة وأخبرته أنهم يصورنه وقومه بأذنين وعينين طويلتين وذيل مثلث النهاية وتضحك ويضحك هو حتى يسقط على الأرض. وتنبه من نومه وهو ساقط على الأرض فوجد القبيلة منشغلة بأعمالها ووجد أمه فارهة جالسة على عرشها تدير شؤونها فعاد مرة أخرى الى سريره لكنه عدل الى رؤية رؤية الابطاليين وحول نفسه هذه المرة الى غراب وأخذ يطير حتى ارتفع على سفح السالينيه ولم يفطن الى ثلاث من أقرانه يتبعونه, وتعقبوا أثره حتى وجدوه واقفا في الظلام على حافة المكان لكن الابطاليين كانوا في سباتهم فتحسر وقفل راجعا وهنا ظهر أمامه لين وساوي ورعبول وهم ثلاث من صغار الجن يقاربونه سنا.
دارت لين حوله ثلاث دورات وارتفع شعرها الأحمر المنسرح عاليا وقالت
-لم لا تُشركنا معك في سرك؟ قد تحتاجنا يوما
-لا سرً عندي
أجابها غواص
-أنت ابن زعيمتنا .وستضحى زعيمنا يوما .فلم تنفرد بنفسك عنا.قال رعبول الصغير الدائري الشكل ذي العينين الواسعتين السوداوين الخاليتين من البياض.
وارتقع الثلاثة لما رأوا من غواص أنه لايحب مشاركتهم لعبهم ومرحهم بين سفوح السالينيه ومغارتها.
وبات غواص فيما تلا من ساعاته يحاول أن يمارس تدريبات المقدرة في التحول الى أشياء أخرى واستطاع الاستعانة بالعارف الاكبر الذي وجهه الى كيفية القدرة على التحول مبينا له أن التحول لا يكون إلا بأمرين أولهما الاجتهاد في التغيير والثانية المقدرة على الحب .
وهكذا تمكن من التحول الى حجارة صغيرة وأخذ يستمتع بحكايات الابطاليين وأغنياتهم الحالمة وتدريجيا أخذ يتدحرج برفق ومحبة ليلتصق برجل تيريزا المكسورة ويلتف حول شيشة ممرود وكلما علا صوت الحاكي أبو حلك وتناغم صوت المجموعة ازداد تآلف غواص وشغفه بمجموعة الابطاليين حين صاحت هلاهل بنغمة منفردة حبيتك في الصيف ليجبها الآخرون بصوت حنون حبيتك في الشتا..
شعر غواص بريح تدحرجه بين قوائم زُليخة وتيريز وشعرت تيريز بها تلفح قماشتها الأرمنية وشعرت بها زُليخة ترسم خيطا على سطحها المصقول وشعرت فيونكا بها تحرك طرفيها دون إرادتها وشعرت هلاهل بها تنفذ من خلال ثقوبها وشعر أبو حلك بها وهي تجرح الأسطوانة الدائرة فتثير فيها شيء من الرهبة وشعربها ممرود وهي تلتف حول القمجي وشعربها مشعل الأذربي وهي تثير نفخة رهبة في ناره وشعرت بها سلوى وخشيت منها لأنها رفعتها الى الأعلى وهبطت بها يمينا وشمالا وأحست بها ريحا شريرة, لأنها تعرف التمييز بين سمات الريح لكثرة مرورها عليها فهي قادرة على التمييز بين الريح الحنون والريح العذبة والريح المشاكسة والريح اللعوب والريح الكارهة وكانت هذه الريح ريحا كارهة, لذا أخذت سلوى تهتز وتهتز خوفا, وصمت الجميع وحاول غواص أن يظهر أمامهم ويطمئنهم لكنه خشي أن يثير في نفوسهم خوفا أكبر لذا بقي منصتا مترقبا حتى زاد هبوب الريح وبانت رائحتها .رائحة أخافت الأبطاليين فأخذت الجميع هزات توتر ورهبة اهتزت تيريزا وتذكرت الأيدي التي كانت تضرب دوشمتها بعنف وهي تكيل لها أبشع الألفاظ قبل أن تقذف بها في عربة كبيرة كُسرت على أثرها قائمتها. ولما لم يعد مجال للشك في الشر الطارق تدحرج غواص الى خارج المكان وهاله أن الغبار الكثيف المتصارع مع أشعة الشمس الدافئة يكتنف كائنات لم يسبق له أن رآها لكنه سمع عنها الكثير من أحاديث قبيلته الذامة وحكايات الابطاليين المؤلمة. وقف غواص أمام الحاجز الكُنكريتي للمكان ورأى آلة كبيرة تتقدم وتثير الغبار خلفها يمتطيها بشريون تختفي وجوههم خلف أقنعة بلاستيكية ذات أنابيب وحيوانات ذات ذيول طويلة عرف غواص أنها خيول من خلال وصف أمُه لها عندما كانت تحكي له حكايات البشريين الذين يحاولون اكتشاف عالمهم والدخول الى مجاهله فيكون نصيبهم من مغامراتهم داء يسميه بنو جنسهم …الجنون.
ازداد الغبار كثافة واقترب القادمون من بناء المكان ووجم الابطاليون من شدة الخوف وكانت زُليخة تسترجع ذكريات مؤلمة في يوم شبيه بهذا اليوم وقعت فيه صاعقة مدمرة على المكان الكبير الذي يضم الكثير من قريناتها مع قطع من الاثاث الجميل ودمرت تلك الصاعقة المكان وتناثرت أشلاء رفيقاتها مع تناثر كل ما كان في المكان وتقاذفتها أيدي البشريين بالبيع والشراء حتى وصلت المكان ,وإنها لتذكر أن تلك الصاعقة كانت تسمى بلغة البشريين زلزالا ,وماهي إلا لحظات حتى هجم الملثمون على المكان وأخذو يضربون الابطاليين بعصي ثخينة وآلات ثقيلة يحملونها بأيديهم التي كانت مبتورة الاصابع وكادت فيونكا تموت عندما رأت أحد البشريين يرتدي زيا مشابها لزي البشري الذي اختطفها من المكان الذي كانت فيه فارتجفت وحاولت الأحتماء بكتف مشعل الذي كان يهتز خوفا من القادمين الذين يذكًرونه ببشرين قذفوه مع مجموعة كبيرة من الاغراض الى أعماق البحر عندما صاح بشري فيهم ألقوا بالأغراض الفائضة عن حاجتنا وهنا أحس مشعل بإهانة تكاد تمزق نحاسه اللامع رغم مرور السنين فحاول أن يقذف بنفسه على بشري كان يضرب يمين يسار كيفما اتفق وتقع ضرباته مرة على زليخة وأخرى على تيريزا وآخر يحاول ان يجر سلوى ليقتلعها من مكانها وكان أن مزق طرفها فأحست بألم كبير أخذت تصرخ على أثره لكن صراخها كان من إحساسها بألم الانتهاك أكثر من ألم طرفها الممزق ,لكنً غواص عندما سمع صوت سلوى الذي لم يستطع البشريون سماعه ارتفع الى الأعلى ودار ثلاث دورات حولت المكان الى عاصفة هوائية شديدة وأخذ يضرب البشريين ببعضهم وحاولت تيريز أن تحتضن المسنة زُليخة ومدت قائمتها المكسورة الى فيونكا وهلاهل ليلتصقا بها فهب إليها ممرود ومد القمجي فتمسكت به كلتاهما وهنا راودته الذكرى الأليمة التي كان يبعدها عن خاطره كلما مرت عليه. ذكرى اليوم الذي دخل فيه جماعة غلاظ قساة وأخذوا بجر جماعات الشباب والكهول الجالسين في المقهى الجميل الذي كان يسمع فيه أشعارهم وقصصهم وخواطرهم وشعر بوخز الألم الذي سببه ارتطامه في الحائط حين ضربه أحد البشريين بعصى غليظة فهب ورفع القمجي وضرب بشريا كان يحاول أن يدوس بقدمه على فيونكا وكان غواص يصارع بكل ما تعلمه من فنون القتال وتمنى في داخله لو أنه سمع نصيحه فارهة واختلط بأفراد قبيلته لكان استعان بهم في إنقاذ اصدقاءه. وماخطر له هذا الخاطر حتى كان ساوي يلف بجناح ناري ثلاث من البشريين ويقذف بهم الى أعماق الرمال المتحركة ودارت لين بشعرها الأحمر وربطت أعناق اثنين من المهاجمين حتى قطعا النفس وقذفت بهم الى دوامة الرمال في حين تفنن رعبول في ذر الرمال في عيون المهاجمين الذين لم يعد أحدهم ير أو يسمع إلا فحيح ناري وصاح غواص
-هاااي…. ساوي كيف علمت بأمر المعركة؟
-كنت أراقبك يوميا عندما تتسلل الى المكان… ياصاح
-هياااا :صاح غواص وارتفع الى الأعلى وهو يقذف بأسلحة المهاجمين وصاحت لين, وصاح ساوي
– هياااا..هياااا..هياااا
وأجابهم رعبول الذي نفخ التراب عن المكان بأن سحب نفسا عميقا ابتلع به كل الغبار الذي طال الأبطاليين وقذف به خارج المكان وانجلت المعركة بابتسامات امتنان تشع على وجوه الأبطاليين وكانت سعادة غواص متفردة حين أعلن ممرود عن انضمام الأصدقاء الجدد الى المكان ووسط فرحة التعارف زحف أبو حلك الذي كان مختبئا طوال الوقت خائفا من تدمير البشريين لأسطواناته, وكان في حضنه اسطوانة ما إن دارت نغمة القيثارة فيها وصاحبها العود والناي حتى تمايل الأصدقاء واحدا بعد آخر وحين علا الصوت الشادي
-ضوة خدك مدري ضوة الكَمرة..جوري عطرك مدري انتة من عطرة
صاحت سلوى, وصاح ممرود, وصاحت هلاهل
يابو حسن حار الوصف بامرك..لاترخًص الغاليين يالغالي
وارتفعت لين بشعرها الأحمر ترقص وقد انبهر الجميع بجمالها الأخاذ حتى …..فيونكا
إنتهت
خولة البصري /العراق

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. Its like you learn my thoughts! You seem to grasp so much about this, like you wrote the ebook in it or something. I think that you simply could do with a few p.c. to drive the message house a bit, but instead of that, this is excellent blog. A fantastic read. I’ll definitely be back.|

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى