( النثر )الدرس الاندلسي / عائدة
#الدرس الأندلسي
النثر في الفترة الأندلسية :كما هو حال أي أمر أندلسي كان النثر الأندلسي انعكاسا لمثيله النثر المشرقي فأي تطور في فنون المشرق سيظهر صداه في بلاد الأندلس ولا بد أن يفيد الاندلسيون من أقارنهم المشارقة لنلحظ ظهور الفنون الأدبية ذاتها عند المشارقة …….
أهم فنون النثر الأندلسي
عندما دخل العرب الأندلس فاتحين كانوا بطبيعتهم ميالين إلى الخطابة ,ثم إن عصر الولاة كان عصر اضطراب وحروب وصراع بين العصبيات لعربية , فكان ذلك داعيا إلى ازدهار الخطابة في الأندلس في ذلك العصر , فكانت الوسيلة الفعالة في إشعال الحروب وتأييد العصبية القبلية عندما تكون الحروب والنزاعات بين العرب العدنانيين والقحطانيين , وكانت الوسيلة فعالة في الحث على الجهاد وقتال الكفار عندما تكون الحروب ضد نصارى الأندلس . وكانت الخطابة في تلك الفترة تتميز بالسهولة والوضوح والإيجاز والبعد عن التكلف ؛ لأن الخطباء من الولاة والأمراء والقادة كانوا عربا مطبوعين على الخطابة والارتجال . لكن عندما استقرت الأمور ومال الناس إلى الدعة ضعفت الخطابة الأندلسية , وتفوق الشعر والنثر لفني عليها , وإن كانت الخطابة الدينية قد ازدهرت بفضل بعض العلماء الذين كانوا يجيدون الخطابة كالقاضي منذر بن سعيد البلوطي . وعندما عادت الأندلس إلى عصر الاضطراب والحروب في عهد ملوك الطوائف والمرابطين والموحدين كانت الملكة والسليقة العربية قد ضعفت , فلم تزدهر الخطابة من جديد مع وجود دواعي الازدهار , بل دخلها كثير من الصنعة اللفظية , وامتلأت بالسجع المتكلف فضعفت , ولم يعد لها تأثير يذكر .وأشهر خطباء الأندلس : طارق بن زياد فاتح الأندلس , والأمير عبد الرحمن الداخل مؤسس الحكم الأموي في الأندلس , ومنذر بن سعيد البلوطي , والقاضي عياض , ولسان الدين بن الخطيب .
-الكتابة الأدبية : كانت الكتابة الأدبية في عصر الولاة وبداية الحكم الأموي محددة الأغراض , لا تتعدى القدر الذيتدعو إليه ضروريات الحياة كالمكاتبات الرسمية والعهود والرسائل الإخوانية .
وكان أسلوبها يتسم بالوضوح والبعد عن التكلف والصناعة اللفظية . ثم هبت رياح الصناعة اللفظية والتكلف من الشرق على الأندلس , فوجد من كتاب الأندلس من قلد ابن العميد والصاحب بن عباد والقاضي الفاضل وغيرهم . ويمكننا أن نقسم الكتابة الأدبية إلى :
الرسائل الديوانية :
وهي الرسائل الرسمية التي تصدر من ديوان الخليفة أو الوالي إلى ولاة الأقاليم أو قادة الجيوش أو إلى الأعداء الخارجين على السلطة , وتشمل أيضا ك الرسائل السلطانية .
وكان الخلفاء يختارون كبار الأدباء , إلا أنها تتعلق بالأمور الرسمية , ولذلك فإن الخيال والإبداع الأدبي فيها محدود .
ومن كتاب الرسائل السلطانية : ابن زيدون , وابن برد الأصغر , ولسان الدين ابن الخطيب .
الرسائل الإخوانية :
وهي الرسائل التي تدور بين الإخوان والأصدقاء للتهنئة أو التعزية أو الشوق أو الشكر أو العتاب وهي ميدان فسيح للإبداع والتأنق , خصوصا إذا كانت بين أديبين يريد كل واحد منهما أن يظهر براعته للآخر , وأن يرتفع بمستوى رسالته إلى آفاق سامية من الجمال والإبداع .
ولأدباء الأندلس رسائل إخوانية كثيرة , أجادوا فيها وأبدعوا , منها القصير وهو الغالب , ومنها الطويل الذي يستوعب عدة صفحات .
ومن أشهر كتاب هذا النوع من الرسائل : ابن زيدون , وابن برد الأصغر , والفتح ابن خاقان , ولسان الدين بن الخطيب .
المناظرات :
أجاد الأندلسيون في المناظرات الأدبية والمفاضلة بين الأشياء الواقعية , كالمفاضلة بين المشرق والأندلس , أو بين مدن الأندلس كقرطبة وطليطلة مثلا , والخيالية كالمناظرة بين السيف والقلم , وبين أنواع الورود أو الفواكه .
والمناظرات الأدبية ميدان فسيح للإبداع , وقد أكثر الأندلسيون من عقد المناظرات والمقارنات بين الأندلس وبلدان المشرق دفاعا عن بلدهم ضد من اتهم الأندلس بالتقليد والتبعية للمشرق في كل شيء , كما فعل الإمام ابن حزم في كتابه : ” فضائل الأندلس ” , وكما فعل أبو الوليد إسماعيل الشقندي أيضا . ومن المناظرات ما كان يقوم بين بلدان الأندلس نفسها , كما في رسالة الأديب أبي بحر بن إدريس إلى الأمير عبد الله بن يوسف الموحدي , والتي بناها على مناظرة بين مدن الأندلس , حيث يحكي مفاخرا كل مدينة أندلسية , وما تمتاز به على المدن الأخرى , وأنها أولى بإقامة الأمير فيها من غيرها ومن المناظرات الخيالية المناظرة التي عقدها ابن برد الأصغر بين السيف والقلم .
المقامات :
تحدثنا عن المقامات عند دراستنا للأدب العباسي , ونشير هنا إلى أن الأندلسيين قلدوا المشارقة في فن المقامات , فكتبوا مقامات عديدة لم تنل شهرة مقامات بديع الزمان الهمذاني ولا الحريري .
ومن كتاب المقامات في الأندلس : أبو حفص عمر الشهيد , وأبو الحجاج القضاعي , وأبو طاهر محمد التميمي السرقسطي ” المقامات السرقسطية ” وعددها خمسون مقامة على عدد مقامات الحريري ، ولسان الدين بن الخطيب ومن مقاماته بعنوان : ” معيار الاختيار في أحوال المعاهد والديار ” , و ” خطرة الطيف ورحلة الشتاء والصيف ………… ولا يمكن إغفال كتابين غاية في الأهمية لازالا من فرائد الإبدعات النثرية وهما كتاب (رسالة التوابع والزوابع )لابن شهيد الأندلسي التي شابهت في رأي الكثير رسالة (الغفران لأبي العلاء المعري في كون الرسالتين مولود رحم الخيال ومن بنات أفكار المؤلفين وسنقف في درس لاحق بعون الله على رسالة ابن شهيد موضحين مفسرين مبينين لغرض لتأليف …أما الكتاب الثاني فهو (طوق الحمامة) لابن حم الأندلسي وهو كتاب وضع فيه المؤلف نظرة خاصة في الحب وعلاماته ذاكرا قصصامستشهدا بشعر بعض منه من تأليفه …وللحديث عن النثر وفنونه وقفات أخرى بعون الله #عائدة