القصة
انا السبب بقلم: “رحيمة حزمون”
انا السبب
داخل إحدى الحارات الشعبية تعيش عائلة يمنية مكونة من
ابوين وصبي وبنية لم يكن لإبيهم وقت كافي ليجلس معهم
ويلبي طلاباتهم اليومية لأنه مشغول ببيع الزلابية طيلة
الصيفية داخل سوق الحمادية ولا يعطوه اجازة الا وقت
الشتوية فكانت والدتهم هي من تقوم بتربيتهم والاطلاع
على طلاباتهم اليومية ،وفي احد الايام جاءه ابنه مسرعا
وناداه قائلا توقف يا ابتاه اني اريد استشارتك في أمر
خاص
الاب : كلي اذان صاغية ماتريد
الابن: اني افكر في التسجيل في المدرسة القرآنية
الاب: وماذا عن دراستك؟
الابن: تعلم القرآن لن يشغلني عن دراستي لأنه له وقت
واحد يا أبتي وهو ايام العطلة
الاب: حسنا لكن عليك ان تعدني انك ستكون لكتاب ربك
وفيا
الابن: حاضر يا أبتي أعدك بذلك
وسجل ابنه في المدرسة القرآنية وقد كان له صوتا لم ُيُسمع
مثله في تلك الحارة حتى انه كان أول من ياخذ الجائزة
في حفظ القرآن الكريم وبقي في اجتهاده إلى أن ختمه
واختاروه ان يكون بالناس مصليا وكان ذلك فخر لابويه
وقدوة لأخته صافية وقد أمرها بالحجاب وهي صبية
فكانت بحجابها اجمل بنية وصارت اعين الشبان
عليها الكل يقاتل لأن تكون له زوجة مؤمنة تقية
لكن اخاها يرد كل من تقدم لخطبتها حتى يأتي
من يراه مناسبا لها ويقدر ان يصون اخته
الحلوة البهية
في احد الايام تعرف على صديق من ايام المدرسة
وكان شاب وسيم وطويل لكن غير متخلق كان اكتر
الناس لربه عصيا وكم نصحه بتوبة لكن كل مرة
يقول له امهلني يومين واعدك بتوبة وبعد يومين
يعود إليه يجده في نفس الحالة من شرب الخمر
وضحك ولهو مع البنات وسعي لفعل المنكرات
فيتركه ويعود لخلوته مع ربه ويدعو الله له
ان يعده للطريق السليم ويرح قلب والديه .
وفي احد الايام شعر زكي بالم في راسه
وهو برفقة صديقه كالمعتاد فاعتذر منه بقوله
اريد ان اعود الى المنزل اني أشعر بتعب شديد
فاقترح عليه صديقه ان يشرب حبة من هذا
الدواء مدعي انه مخفف الالم فأبى لكنه لم يتركه
في حاله حتى شربه وذلك بخدعة منه بوضعها
في كوب العصير وبعد ماشربه صار يحس براحة
نفسية وصار مثل الخاتم في أصبعه وادخله غرفة
الشبهات وأمره أن يخلو بهذه الفتاة بقوله ان لا
احد يراه وحين همّ بفعل ذلك ناداه صوت لا تنسى
ان الله يراك وكان ذلك صوت الضمير
الذي ايقظه في الوقت المناسب وفر زكي هاربا
إلى امه وجلس بين يديها باكيا
اماه انا لست ابنك الدي انجبتيه
الام: ماذا دهاك يا بني؟
الابن: لقد كدت ان أقع في الحرام.
الام: اي حرام وانت امام مسجد يا بني اين كان عقلك؟
حين كدت الوقوع في الحرام
الابن: عقلي كان مخدر بخدعة من صديقي
الام ألم انهيك عن رفقاء السوء؟
الابن: كانت غلطة خارجة عن ارادتي
الام: حسنا اذهب وتحمم وصلي لله ركعتين عساه
ان يغفر لك خطيئتك ففعل زكي ما امرته به امه
وفي المساء بلغت ابيه بذلك فغضب منه وطرده
من المنزل وكانت أكبر غلطة يقوم بها الآباء اتجاه
أبنائهم حين يقعون في الخطأ ويكونون هم السبب
في ضياعهم وهذا ماحدث مع زكي فلقد ترك
كتاب الله والصلاة واتبع الشهوات واباه من كان
السبب ولم يشعر بما فعله بابنه حتى اتوه محمولا
في صندوق للاموات وضاعت التربية فيه وكم ندم
على تصرفه وراح يلوم نفسه بقوله انا السبب
في ضياعك يا بني……. سامحني
رحيمة حزمون/ الجزائر