إشراقات أدبيةالمقال

بائعة ( البوظة )

 

بائعة.. (البوظة )
ــــــــــــــــــــــــ
قصة قصيرة :
ـــــــــــــــــــ
بقلم : يوسف شهير
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
في السوق كل شيء ..كل شيء ؛ ففي السوق واجهتني عيونٌ لم أرَ في حياتي مثلها .. حياتي التي مرَّتْ كقطار يسافر في صحراء قفار قاحلة ، لازرع فيها ولا ماء ، ولاحتى بشر.
كانت هذه العيون تحمل كل معاني الود ، والرحمة ، والحب ، والحزن أيضاً ، مجتمعات معاً في لحظة واحدة ، فأقبلت عليها تاركاً خلفي جبل الوحدة واللارغبة في أي شيء.
لكأن الوحدة قد خُلقتْ لي لوحدي من دون خلق الله . فمنذ نعومة أظفاري، وأنا أدور في أفلاكها كشهاب ضال ، وأتخبط بين أركانها الخاوية الباردة المذلة . هكذا وجدت نفسي وحيداً بلا أهل .. بلا أعمام ولاعمات ، ولا أخوال ولاخالات ،ولاأصحاب ، ولا معارف ، في امتداد طبيعي لأب هو الآخر ؛ عاش جُلَ عمره وحيداً في بلاد الثلج والضباب .. بعيداً عن وطنه وأهله ،وربما في كثير من الأحيان عن نفسه التي بين جنبيه ، وقد فقدها هناك .. هناك في انجلترا ، وأثناء منحة دراسية ؛ تزوج من أمي بعد ان أحبها – على حد كلامه لي عنها – وكانت زميلة دراسة ، في مخالفة صارخة لإرادة أبويه،ساعدته أمي منذ البداية في الحصول على عمل ، كي يتمكن من تكوين بيتاً لاسرتهما الجديدة ، وكان العمل في مدبغة للجلود ، قضى بسبب العمل فيها نحبه ، إذ كان يعاني منذ طفولته من حساسية في الصدر ، وعمله في المدبغة عجل بنهايته .
كان عمري ثمانية أعوام ، عندما توفي أبي؛ إثر نوبة حادة من نوبات الربو الذي زاد عليه واستفحل نتيجة عمله الشاق في المدبغة ، فأعادتني أمي إلى أهلي -والد ووالدة أبي – كي تتمكن هي من الزواج من رجل آخر ، كانت قد أحبته قبل وفاة أبي . كانت رحلة عودتي إلى أهلي شاقة ومريرة ،تمكنت الشرطة من خلال المعلومات التي زودتني بها أمي ؛ من الوصول إلى مكان أهلى بصعوبة بالغة، لعبت فيها الصدفة دوراً كبيراً .
توفي جدي حزيناً مكسوراً بعد عام من عودتي ، ففقدتُ بموته آخر حصون أماني من الأحزان ، وبقيت مع جدتي في بيت ريفي عتيق وسيع ، ذات جدران ونوافذ وابواب عالية ، يكوِّنُ الخشب والحجارة المبنية بالرمل والجير القاسم الاكبر من تكوينه . كان كل ما فيه ممل ورتيب وكئيب . ترك لنا جدي قطعة ارض زراعية كبيرة بعض الشيء ، وعقارات عبارة عن دُور ، ودكاكين ، وأحواش ، في البلدة التي هي مسقط رأس أبي وجدودي .
وجدت صعوبة بالغة في مد جسور التفاهم والمحبة مع جدتي ؛ سريعة الغضب .. ضعيفة السمع والصحة ..قليلة الحب لي .. كثيرة الكراهية لأشياء عديدة بسبب وبلا سبب وعلى رأسها أمي ، لذلك فضلت الالتحاق بمدارس داخلية ، تاركها – أي جدتي -لسيدة كانت تخدمها في وجود جدي ، ورجل يدعى ( عم جابر ) هو حارس الأرض ، ومحصل الإيجارات.
ولما حصلت على شهادتي الجامعية ،عُينت معلم للغة الإنجليزية في مراحل التعليم ماقبل الجامعي ، في محافظة نائية ، فاعتبرت هذا من فضل الله أن أبعدني عن جدتي التي كانت لاترغب ابداً في وجودي ، وحتى عندما كنت أزورها زيارات قصيرة جدًا ، ومتباعدة ؛كانت تقابلني أثناءها بفتور بغيض لايطاق ، لكنها صلة الرحم التي أمر الله بها أن توصل .
استلطفت في البلدة التي كنت أعمل فيها ؛ فتاة كانت تلميذتي في الثانوية العامة بالصف الثالث ، تزوجتها لما انهت دراستها الجامعية ، لكن الاحزان ، والوحدة ، و الآلام ؛ كانت تلاحقني ، فقد توفيت زوجتي بعد عام من زواجنا ،أثناء الولادة، هي والمولود.
فكرت في العودة إلى بلدتي ، وجدتي ، لكن الموت كان قد سبقني إليها ، ليزيد من وطأة الوحدة التي لاتفارقني كأنفاسي ، في الوقت الذي قطعت أمي كل أواصر الصلة بيني وبينها متفرغة تماماً لحياتها الجديدة ، وكأنني لم آتِ إلى الوجود ، أو كنت أثر ذنب تريد ان تناسنا معاً ؛ الذنب وأثره ..وكلما حاولت الاتصال بها ؛ باءت محاولتي بالفشل الذريع والأسف والندم ..لكنها – مهما كانت ؛ أمي .
حاول زملائي وزميلاتي في المدرسة محاولات مخلصة لزحزحتي عن عزلتي ، واخراجي من ظلامها إلى نور الأمل والتفاؤل ، لكنهم لم يفلحوا في ذلك ولامرة ، لأنني استسلمت استسلاماً كاملاً للحزن والقنوط ، والهموم ، والوحدة ، مستعذباً حالي ، كأعمى ؛ لافرق عنده بين ظلام ، ونور .
وذات يوم – وكان يوم خميس ..اليوم الذي يقام فيه السوق في البلدة – اصطحبني -بكثير من الإلحاح – أحد زملائي إلى السوق ليخرجني من حالة العذلة التي دفنت نفسي فيها ،وقد ذهب مبكراً – قبل موعد المدرسة – ليتسوق لاسرته لوازم الاسبوع . وأثناء تجواله في السوق – وأنا أمشي معه كالمنوم مغناطيسياً – دعاني إلى تناول شراب لم أكن أعرفه من قبل..شراب ( البوظة).
توقفنا أمام فتاة هادئة هدوء النسيم .. ووديعة ، وجميلة بلا تكلف ، يطل من عينيها نور البراءة والطهر في حزن شفيف ناصع ومهيب ، فطلب منها الشراب ، ولحظة أن كانت تعد لنا الطلب ؛ التقت عينايَّ عينيها في نظرة لا أستطيع وصفها كما ينبغي على وجه الدقة على الإطلاق ؛ فبعض المواضيع بالذهن يبصر ، ختمتها بابتسامة أكثر من رائعة،تمدد نورها على جميع ملامحها ، ولما أعطتني كوبي ؛ لامست أصابعي أصابعها ، وواللهِ لا أدري إن كان هذا التلامس عن عمد ، أم عن غير عمد .
سرت في بدني موجة من السحر ، اجتاحت كل ذرة فيه ، فأفقدتني القدرة على التمييز بين الأشياء ، وأردتني ساهراً مسهداً ليلتي ؛ أسترجع كل لحظة مرت في هذا الموقف ، متسائلاً :
– هل يوجد بشر في الدنيا بهذه الصفات ؟؟ وهل الجميع مثلي ؛ يرونها كما أراها ، ولديهم تجاهها نفس شعوري ؟؟ أم أنا وحدي الذي يرى مالايراه غيري ؟ ..على الرغم من أن لامقياس عندي للجمال ، لكنني رأيتها بإحساسي ؛ أجمل فتاة في الدنيا ..!! ، فهل رأيت روحها ؟؟ ..الله أعلم .
وفور أن تركت السوق ؛ إشتقت إليها ، وفكرت أن أعود مرة أخرى ، لكنني حسمت أمري بألا أعود ، حتى لاتفسر عودتي بتفسيرات لا أحبها .. انتظرت يوم الخميس التالي .. يوم انعقاد السوق ، ويوم الخميس الحالي لم يمض منه بعد إلا ساعات معدودات ، وصورتها الحبيبة لاتفارق ثانية واحدة خيالي ، وظللت أجتر مشاهد ما جرى ، وبأدق التفاصيل ودون ملل ، بل وباستمتاع كبير ، وبدأ الوقت لايريد أن يمر ، إن مر ..مر بطيئاً سمجاً ، وثقيلاً ، كسلحفاة عرجاء ..عمياء ..بليدة ، ومملاً كهسهسة الأفاعي .
كانت ليلة الخميس ، التي انتظرت صباحها بفارغ الصبر ؛ أطول ليلة في حياتي ..استرجعت فيها كل ما مضى من عمري في عذابات ، ومعاناة ، وحرمان ، ووحدة .. رحت أعد ثوانيها ثانية ..ثانية ، ولحظاتها لحظة ..لحظة ، وهي بالنسبة لي تأبى أن تمر كما مرت ليالٍ قبلها ، ولكن غير ليالي هذا الأسبوع الممطوط بعرض وطول الزهق ، فلياليه لم تكن كبقية الليالي.. كانت اثقل من جبل التوباد أو جبل الجيوشي ، أو أي جبل ثقيل آخر ؛ولاتريد أن تمر ، إلا أن ليلة الخميس كانت أثقلها ، وأملها جميعاً .
أخيراً بزغ ضوء نهار يوم الخميس المنتظر على أحر من الجمر من الخميس الفائت ، وتنفس صبحه ، وفرشت أنوار شمسه السماء ؛ فخرجت منطلقاً كسهم إلى السوق ، لا أحتاج من هذا السوق شيئاً إلا أن أراها ، فأهل زوجتي تكفلوا بكل شيء أحتاجه منذ أن رحلت ابنتهم ، ظناً منهم بأنني سوف أتزوج ابنتهم التالية ..هكذا يفعل غالبية أهل الريف .
رتبت في خيالي كلاماً كثيراً لأقوله لها عندما ألقاها ، وأسئلة أكثر تحتاج لإحابات صريحة .. قررت حسم الأمر معها في هذا اللقاء ، ووضع النقاط على الحروف ، فربما أكملت بها مسيرة حياتي كزوجة ، إن كانت غير متزوجة ، أو وهبتها حبي وإخلاصي حتى آخر لحظة من عمري ؛ إن كانت متزوجة .
ومن قبل أن أصل إلى المكان الذي تنصب فيه فرشها ، وتضع أدواتها ؛ شاهدت شاباً يقف على الفرش مكانها ، ويبيع للناس (البوظة) ، فقلت لنفسي :
– ربما ذهبت لأي مكان آخر ، وستعود لاحقاً .
تلكأت ، ثم ذهبت ، ثم عدت كجرذ في مصيدة ، كل عالمه هذه المساحة المحدودة مهما اتسعت ، ولامهرب . ولما مرَّ وقت غير قصير ؛ أيقنت بأنها لم تأت ؛ ولن تأتي ، فرجعت حزيناً إلى بيتي ، ولم أذهب في هذا اليوم إلى المدرسة ؛ خشية افتضاح أمري مما انتابني من قلق وفقدان توازن .
بالرغم من أنني سلمت لهاجس هاجمني بكل قوة وضراوة ؛ ؛ أن هذا الشاب ليس إلا زوجها ، إلا أنني لم أستطع منع نفسي من التفكير فيها ، ورحت أعيد شريط وقائع ماحدث الخميس الماضي .. بل لم أستطع منعها – نفسي – من أن تنتظر الخميس القادم !! .
تكررت الأسواق ، والشاب إياه باسط سيطرته على الفرش ؛ لايفارقه إلا بعد انتهاء السوق ، وانصراف الناس عنه ، وفي نفسي دارت رحى معركة حامية الوطيس بين الأمل واليأس ، اقترب اليأس فيها من تحقيق نصراً حاسماً على الأمل ،بعد أن أحرز تقدماً كبيراً في جميع الجولات .
إلى أن أتى سوق ، ولم يأتِ الشاب ولاغيره .. بل لم يكن هناك فرشاً بالمرة .
عنما اقتربت من مكان الفرش ، وقبل أن أسال أصحاب الفروش المجاورة ؛ قال لي أحدهم :
– الأستاذ ( بدر ) لم يفرش اليوم ..أخته صاحبة الفرش توفيت منذ يومين !! .
عرفت منهم عنوانه ، وكان من بلدة قريبة من البلدة التي أعمل فيها ؛ فسافرت إليه في الحال ، ولم أجد صعوبة في الوصول إلى منزله.
كان الشاب يجلس أمام المنزل مع مجموعة من أهل القرية والقرى القريبة المجاورة ؛ يواسونه ، ويعزونه في مصابه كعادة أهل الريف . ولما اقتربت منهم ؛ هب الجميع لمصافحتي ، وعندما جاء الدور عليه بينهم ؛ صافحته ..ضممته إلى صدري معانقاً ، وهمست في اذنه :
– هل يمكنني زيارة قبرها ؟ – راجياً ، ومؤكداً – ..لو سمحت ؟؟.
جلست القرفصاء أمام القبر ، وقد مالت الشمس لحظتها ، بعد أن انتصف النهار ؛ عن كبد السماء باتجاه الغرب استعداداً للرحيل ، والغروب .
ام أتمالك نفسي .. انخرطت في بكاء يصحبه نحيب ؛ جاهدت لكتمانه ، لكنني لم أفلح .. كنت أبكي كلَّ ما مرَّ في حياتي ، وكان يستحق البكاء ، ولم أفعل .. لا لأنني لم أجد وقتاً لأبكي ؟ .. أو كنت أقوى من أن يكون البكاء مجرد ردة فعل ، أو لأي سبب آخر ؟؟ ..كلا ، وألف كلا ..فقط كنت أكره البكاء بلا حدود ؛ من كثرة أن رأيت أبي يبكي ، فظننت أن البكاء ؛ قتله !!! .
ثم توجهت إلى ساكنة القبر في نفسي وعبر الصمت القاهر الآسر :
– هذا قضاء الله أن نفترق قبل أن نلتقي ، ولا راد لقضاء الله .. أحتسبتك عنده إلى يوم القيامة ، أعاهدك ألا أحب غيرك ماحييت ، ولن أنساك مهما طال بي العمر.. ستظل صورتك في خيالي ، وملامحك البريئة في وجداني ، حتى و إن تزوجت ألف امرأة غيرك ؛ لكنني لن أتزوج ، ولن أعود إلى بلدتنا ..سأظل هنا إلى جوارك !!!.
وأنشدت بيتاً للشاعر أحمد شوقي :
” قد يهون العمر إلا ساعةً … وتهون الأرض إلا موضعا ”
كان حزني حيياً ووقوراً وصادقاً ؛ احترمه الفتى ، ولم يوجه لي كلمة واحدة متحاشياً جرح مشاعري المستنفرة في أسى وشجون .
حملني من تحت إبطي ، ورفعني ليوقفني على قدميَّ ، وضمني إلى صدره مهدهداً ومواسياً ، ومسح بكفيه عن خدي دموعي في حنان ولطف وود ، ثم أخذني إلى بيته ، فقد أقبل الليل بوحشته ورهبته عند القبور .
أدخلني في بيته المبني بالطوب اللبن غرفة تسمى ( غرفة الضيوف ) ، أثاثها يتكون من عدة كنبات مفروشات بقطع من القماش القطني ناصعة البياض ، وجدرانها مطلية بالجير الملون باللون الأخضر الزرعي ، وعلى أحد الجدران علقت بعض الصور لأشخاص منهم الراحلة ..لكن الصور جميعاً كانت باهتة ، وبالأخص صورتها ..كانت أكثر بهوتاً .. كانت تشبه حقاً صور الموتى .
تأملت في الصورة طويلاً.. كانت تبدو وكأنها منقولة عن صورة أصغر ، وملونة تلوينا يدوياً ، غير منقن ، لذلك لاتشبهها إلا قليلاً ، وعلى أية حال ؛ الأصل – دائماً – أفضل ، وأجمل مهما كان !!.
استأذن مني لتحية معزين جاءوا من قرى مجاورة أمام البيت ، وبقيت وحدي في الغرفة أكرر استعراض ماسبق أن شاهدته مرات .
لم ألحظ في تلك الأثناء من تحاول فتح باب الغرفة من داخل البيت ؛ فللغرفة باب آخر من داخل البيت ، لتدخل بظهرها لأنها كانت تحمل صينية كبيرة عليها أطباق وطعام .. لم أصدق عيني !!! ..هي بشحمها ولحمها ، فقلت هاتفاً :
– الله أكبر.. قالوا توفاك الله ، فماذا حدث ؟؟.
فأسرعت قائلة :
– أنا بدرية ..أختي بدور هي التي توفاها الله .. أنا وهي توأمتان – ثم استدارت مشيرة إلى صورتها المعلقة على الحائط – وأكملت كلامها : هذه صورتها .
– لكنني رأيتك أنت على الفرش ؟؟
– كنت أذهب مكانها لما كان أخي يأخذها إلى المستشفى .
– يا الله .. كم أنت رحيم بي ياربي ، ورءوف .. هل تدرين ماذا حدث لي ؟ لقد اختلط عليَّ الأمر ..الحمد لله رب العالمين .
– أخي حكى لي ما حدث في المقبرة ، لهذا أصررت على أن أحضر الطعام بنفسي ؛ لأزيل هذا الالتباس ..بدور عانت كثيراً بعد أ ن توفي زوجها منذ عامين تاركاً لها طفلين ، فقد كان يعمل في المعمار مبيض محارة ، وسقط من على الصقالة من مكان مرتفع ؛ فمات في الحال .. تعلمت بدور عمل البوظة من جارة لنا ، وذهبت إلى أسواق القرى والبلاد المجاورة لتبيعها وتصرف على أولادها ، فنحن لانملك من متاع الدنيا غير هذا البيت ، وأبي سافر من سنوات ولانعلم عنه حتى جهة سفره ، وجاءنا من أكد انه كان معه في إحدى الدول العربية ومات ودفن هناك ، وسلمنا شهادة تفيد بذلك .
ولما أصيبت بدور بالمرض اللعين ( السرطان ) بعيد عنك ، وعن أهلك وأحبابك ؛واشتد عليها ، ذهب أخي بدلاً منها إلى السوق ، وحول دراسته في الجامعة إلى انتساب .
( قاطعتها سائلاً ) :
– وأنت تزوجت؟
– لا ..لم أتزوج ، فزوج أختي في باديء الأمر ؛ جاء ليخطبني أنا ، لكن أمي – وكانت لاتزال على قيد الحياة – اصرت على أن يتزوج من بدور.. وللآن لم أعرف السبب الذي دفع أمي للإصرار على أن تتزوج أختي بدور من خطيبي ، ولا أريد أن اعرف ، ومن ساعتها وأنا مضربة عن الزواج ، وقد تقدم لي العديد من الشباب ، والرجال ، وأنا على موقفي ، والحمد لله سأربي أولاد أختي .. من سيربيهم غيري ؟؟.
قلت بحماس شديد وثقة :
أنا وأنت .. هل تتزوجينني ؟ ..أنا أحبك حباً يفوق الوصف .
أبدت حياءاً لايخفي شعورها تجاهي ….
عُدنا .. أنا وحبيبتي ، والطفلان ، وخالهما إلى بلدتي ..إلى بيتي الوسيع لنملأه دفئاً وحباً . وفي أحد المحال التي ورثتها عن جدي رحمة الله عليه ، أسس الشاب ( بدر ) مشروعه .. مشرب تُقدم فيه كل أنواع المشروبات الباردة والساخنه والعصائر ، وعلى رأسها جميعاً مشروب ( البوظة ).
في صباح يوم زاهٍ ، حمل العم ( جابر ) الطفلين تحت جناحيه ، وجاء بهما إلى حديقة البيت ، حيث كنت أجلس وزوجتي الحبيبة بدرية ، فقلت له :
– اذهب بهما إلى خالهما ، واشرب معهما ( البوظة ) ، ولاتغب ..ينتظرنا عمل كثير ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( تمت ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ترويج المنشور

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى