القصة
براءة قلم بقلم: “حركاتي لعمامرة”
براءة قلم
بين الحضور و الغياب قضى زهرة شبابه،سئم التقزيم والتهميش فأعتزلهم وراح يخط حروفه في صمت …
هاهو يستبشر خيرا بمن كانوا مثله يتجرعون من كأس المهانة والعذاب وقد إبتسمت لهم الحياة فأعتلوا المنابر واحتلوا المواقع وقبعوا على الكراسي ،سرًه الأمر في البداية
وتظاهروا من جهتهم بالترحاب حين لقائه ، حاولوا إحتواءه لكنًه مازال عصيا ،إختبروا ماءه ،وجدوه كماعرفوه أيام زمان،
قالوا في سرهم لن ينفعنا إذن بل سيفضحنا ويكون وبالا علينا ، بدأوه بالتجاهل ثمً كان سلاح النميمة الفتاك حاضرا،
فلعبت الفتنة لعبتها وإنهالت التهم الباطلة تحيط به وهو في غفلة من أمره ،ولما أفاق وجد دفاتره قد إمتلأت عن آخرها
فصار في نظرهم خائنا و عدوا لدودا وهم من تجرع من نفس الكأس قبل عقد مضى من الزمان .
أفاق على وجع جديد وألم أيقظ فيه أحلام الطفولة وأمال الشباب …”لن أستسلم هذه المرة” ، قالها في قرارة نفسه لكنها كانت ظاهرة للعيان على وجهه وكأنها كتبت على جبينه بماء الذهب …
كتب عريضة الدفاع عن قلمه البريء الذي لم يرتكب جرما بعينه غير أنه كتب بمرارة عن ألم صنع منه رجلا وعن آهات جيل يصارع من أجل البقاء ،وخط حروفا للبراءة التي حرمت لذة الطين ورائحة الغدير ونكهة اللاڨمي وحكايات المداح الجميلة .. كتب عن مدينته التي يلفها الغموض كل يوم وعن شوارعها الحزينة ،كتب عن ذاكرة مدينته وكيف كانت تأكل خيرة أبنائها في صمت ،لكنه لم يكتب عنهم وعن ردتهم وكيف صاروا يجيدون لعبة النرد في غرفة ضيًقة …
حان موعد المحاكمة ليقف مدافعا عن نفسه وهم ينتظرون حكما قاسيا في حقه وبينما كان القاضي يقلب اوراق القضية رأى بين السطور شيئا غريبا أثار حفيظته وسمع صوتا قادما من بعيد : جاء الحق وزهق الباطل !
أطرق القاضي قليلا وهم ينتظرون حكمه الذي سيريحهم منه ،لكنه طلب من الجميع أن يستريحوا قليلا ليعلن حكمه بعد المداولة .
وبعد هنيهة يدخل القاضي ليعلن الحكم الفاصل الذي لم يكن منتظرا فكانت البراءة للقلم وإدانة لخصومه الذين أصابتهم لعنة المدينة الحزينة ودعوات جيل ظل يعاني تهميشا وحرمانا ،فإنطلقت الزغاريد تملأ القاعة فرحا وحبورا وإنتصر الحق وعادت للمدينة بسمتها وللشوارع نضارتها وجمالها وأشرقت شمس البراءة من جديد وإعتلى القلم البريء منصة التنشيط ليعلن للجميع عن ميلاد عهد جديد.
حركاتي لعمامرة بسكرة الجزائر