المقال

تجهيل معتمد بإسم المعتقد بقلم: إحسان باشي العتابيلع

(تجهيل متعمد بإسم المعتقد)

بقلم:احسان باشي العتابي

العقل هو الخط الفاصل دائمًا بين المنطقي واللامنطقي،بل هو سلاح الإنسان الحقيقي،الذي إذا ما حافظ عليه من كل الميول والاهواء بل والخزعبلات،يكون حينها في مأمن يقيه كل ردية، تلحق الأذى أو العار به ولو بعد حين من الزمن.

لهذا لو لاحظنا أن الرسالات السماوية التي جاء بها الأنبياء والرسل وحتى الصالحين،جميعها كانت تحمل طابعًا عقلائياً للتفريق بين الحق والباطل وبين المعقول واللامعقول؛من أجل توجيه البشرية نحو طريق الصواب، بدءًا من صغائر الأمور إلى عظيمها.

وبينما أرى اليوم التغييب المؤدلج للعقل،تحت عناوين ومسميات تنافي أبسط البديهيات التي يسلم بها العقل البشري الواعي،أصاب بالذعر بل وحتى اليأس في إصلاح المجتمع أو تغيره بتجاه بوصلة العقل والمنطق.

علي أبن أبي طالب(ع) دائمًا ما كان مثالاً حياً للإنسان العاقل الواعي بصغائر وكبائر الأمور على حدٍ سواء؛فحينما نفذ أبن ملجم المرادي جريمته بحقه وفلق رأسه بذلك السيف اللعين والخبيث،لم يتنكر علي (الخليفة والإمام)لخصوصية الطبيب ودوره المهم والحيوي بالمجتمع آنذاك،من خلال تقديم المشورة والعلاج له،بإعتباره خليفة المسلمين وإمام معصوم ومفترض الطاعة،وإنه يعلم بكل شاردة وواردة بإذن ربه.بل أنصاع لتوجيهات الطبيب كونه(صاحب إختصاص بمجاله).

أما ما نسمعه ونراه اليوم من الأعم الأغلب ممن(يدعون بالولاء لعلي أبن أبي طالب وبمختلف عناوينهم)أنهم يسيرون وفق مبدأ(خليها على الله وأهل البيت)! إزاء كل قضية علمية لا تبيح فعل ما،من شأنه الإضرار في المجتمع أو الزيادة فيه.

وها نحن جميعاً نسمع ونرى استخفاف بل واستهتار أولئك البعض،وعلى وجه الخصوص الذين يعتبرون أنفسهم عينة القوم في المجتمع العراقي وتحديدًا(بعض المعممين)،تجاه جائحة كورونا وعواقبها على المجتمع العراقي ككل،بذريعة أن (حب محمد وآل محمد) يقينا شرورها؛بل لعل بعضهم أخذ يشكك بدرجة إيمان من يقصد زيارة الأضرحة وهو يرتدي(ما يقيه الإصابة)!

وتناسوا أولئك(المدعين بالإيمان زورًا وبهتانًا)أن فايروس كورونا لم يسلم منه حتى المعممون من أصحابهم المدعين(بالولاء لعلي)وبمختلف درجاتهم التي اتخذوها مسميات لهم في أوساطهم وفي المجتمع.

وبرأي الشخصي.. أن الذي جعل أولئك وأمثالهم يفتون بغير علم ولا هداً ولا كتاب منير هو(جهل الناس والمنتفعين وضعف تطبيق القانون)،وخير دليل على واقعية تشخيصي،هو ما تعيشه بعض المحافظات العراقية منذ أيام تحت مسمى (أيام عاشوراء)،والتي ستبقى فعالياتها قائمة إلى ما يقارب شهرين قادمين.

حيث تناسى الجميع أن كورونا ومضاعفاتها اطاحت بدول عظمى تمتلك أرقى نظام صحي في العالم؛فما بالنا نحن الذين نعيش في بلد،تصفه بعض المنظمات الدولية التى تهتم بشتى المجالات،بأسوا بلد في العالم وعلى كافة المستويات وبضمنها القطاع الصحي المتدهور.

للأسف الشديد ما أراه اليوم لا يسمى عقيدة ومبدأ بنهجٍ معين،بل هو تجهيل للمجتمع العراقي على وجه الخصوص،أعد مسبقًا بكل إتقان وحرفية من قبل جهات بعينها ليكون(عقيدة ومبدأ)كما يظن المؤمنين به؛وإن كل منتقد له(بمنطق العقل)حتى وأن كان يشارك أولئك بذات ما يعتقدون به من أسس رئيسية،سيكون بنظرهم منحرف وضال مضل!

لهذا وفي خضم هذه الطامة الكبرى التي نعيشها منذ قرابة العقدين من الزمن،جراء التجهيل المتعمد لشريحة واسعة من المجتمع العراقي والذي نوهت عنه سلفاً،لا أملك الا دعوة صادقة لجميع أولئك الذين انطلت عليهم حيل واكاذيب الأعداء،بمراجعة أنفسهم وإحترام عقولهم التي ميزهم بها الخالق جلت قدرته وحكمته لمعرفة الحق من الباطل،والتمييز بين ما يوافق العقل والمنطق وما يخالفهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى