القصة

ترياق السعادة ” بقلم: “إدريس جوهري”

قصة : ” ترياق السعادة ” 💕💕
مر أسبوعين منذ خروحي من المصحة النفسية ،
كنت أعاني من إكتئاب حاد ، بسبب انفصالي عن زوجتي ،
لأني عقيم لا أستطيع إنجاب الأطفال ، كان زواجا عن حب ،
دام عشر سنوات ، اكتملت قصة حياتي معها بدون أطفال .
ذهبت إلى الصيدلية ، لشراء الأدوية من مضاد الإكتئاب ،
و المهدئات ، إنها تشبه المخدرات ، تجعلني ثقيل الحركة ،
ضعيف التركيز ، و كثير النوم ، دائما أحس بالتعب ،
و الخمول ، تأتيني خادمة لتنظيف و ترتيب البيت ،
مرتين في الأسبوع ، و بما أني أصبحت عاجزا عن القيام
بكثير من الأعمال لوحدي ، أرسلوا لي مساعد يعينني في حياتي ،
كلما احتجت لشيء ، كقضاء وقت خارج البيت أو التسوق ،
أو إجراءات إدارية ، و غير ذلك …
وضعت كرسي في الشرفة المطلة على البحر ، أشرب القهوه ،
و أستمتع بمنظر الأمواج المتلاطمة ، و طيور النورس تحلق
في الفضاء ، عقلي يطير معها حاملا همومي ، أفكاري السوداوية ، اضطراباتي النفسية ، أحزاني كلها ، فيلقي بها في دوامة النسيان ،
كنت وحيدا البارحة ، و اليوم صرت كذلك ، فقدت طعم الحياة ،
لا أمان للدنيا ، لا تستقر على حال ، من كان يقول أننا سنفترق
يوما ما أنا و ” تتيانا ” لكن ما لم يكن في الحسبان وقعت فيه ،
وها أنذا أعزل بدون عائلة ولا حبيب ، يشاركني حياتي …
في بعض المرات ، تزورني جارتي ” جاكلين ” فهي على علم
بحالتي الصحية ، تحضر لي بعض الأكلات الدسمة و تبقى معي تؤنسني ، نتفرج في الأفلام الرومنسية و الكوميدية ،
و مسلسلنا المكسيكي المفضل ” أنت أو لا أحد ” نسترجع
من خلاله ذكريات ماضينا الجميل ، مع عشاقنا و بعض المرات
آخذ سنارتي ، و أذهب إلى النهر لاصطياد السمك ،
ثم آخذ ماصطدته لجارتي للعشاء …
أما يوم الأحد فهو أحسن أيامي ، أخصصه لزيارة الأيتام في الملجأ ، أستيقظ في الصباح الباكر ، أتصل ” بدانيال ” مساعدي الخاص ليرافقني في مشواري ، أستقل طاكسي ، و يشتري لي جميع
الأغراض التي يحتاجها الأطفال ، من الخضر و الفواكه و اللحوم
من كل الأصناف ، حتى الحلويات و اللعب ، و لائحة الطلبات
التي كتبوا لي آخر مرة من أدوات و مجلات ، كل واحد أخصص له طلبه في علبة بإسمه ، بعد انتهاءنا من التسوق نذهب إلى الميتم ، كعادتهم ينتظرونني عند الباب ، فور وصولي و نزولي من السيارة ، يسرعون جريا نحوي ، ينادونني .. ” بابا عمر ” .. ” بابا عمر ” ..
و يقفزون حولي كالكتاكيت الصغار ، يعانقونني بحب و شغف كلهم ، حفظت جميع أسمائهم و طباعهم ، كأنهم أبنائي الذين لم أستطع إنجابهم بسبب عقمي ، أقربهم مني ، هم ” فيونا ” و ” أندري “
و ” جاك ” و ” ميلاني ” ، و ” سمير ” و ” صوفيا ” و كذلك
” بياتريس ” و ” فيصل ” ، و التوأمتين ” ياسمين ” و ” كاميليا ” ،
لقد وجدت معهم طعم السعادة الذي افتقدته ، و أكثر من ذلك
فهم يعطونني الحب و الحنان ، و الأمل في الحياة ،
أرى فيهم حاضري و مستقبلي ، يومي و غدي ،
اكتشفت معهم نفسي أكثر ،
و أخيرا ذقت حلاوة الأبوة معهم ،
حتى و إن لم يكونوا من صلبي ،
فنحن صرنا عائلة واحدة متماسكة ،
يجمعها الحب الإنساني ، الذي لا يعرف
لونا ولا جنسا ولا دينا …❣❣
@ بقلمي / إدريس جوهري . ” روان بفرنسا “
15/12/21 Jouhari-Driss
Wiki Drama & “Many seek happiness in
what is higher than man, and others
in what is lower than him. But happiness
is as tall as a person.”Confucius
كثيرون يبحثون عن السعادة فيما هو أعلى
من الإنسان، وآخرون فيما هو أوطى منه.
لكن السعادة بطول قامة الإنسان”. كونفوشيوس

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى