حافية القدمين…….. للكاتبة أوسان العامري
أطلت برأس مثلث الشكل،وعينين واسعتين بلون السماء،وقرنين صغيرين يرتعشان مع كل خطوة…
القطتان اللتان تزينان مقدمتي جوربيها الصوفيين الداكنين اللذين تضعهما أمها في قدميها كل صباح تحبهما ولا تفارقهما إلا حين تنزعهما
رحى تعالي ياصغيرتي، أبوك يريدك..
كانت خلف الباب تنظر إليهما..بعد أن استيقظت على أنين والدها الذي يلازم الفراش منذ أشهر..
تقدمت بخطوات بطيئة…ثم توقفت…
اقتربي يارحى، لا تخافي أنا بخير
جرت خطاها، وارتمت على صدر والدها باكية…
ضمها إلى صدره..اهدئي يا صغيرتي…
سكنت..أخذ يداعب شعرها الأشقر المنساب على كتفيها ..ويمرر يده عليه من أعلى إلى أسفل ..
همس لها:
هل تريدين جوربين جميلين كالذي ترتدينهما؟
ردت رحى مبتسمة ودموعها لم تجف:
هل ستذهب لتشتري لي؟
رد والدها: نعم يارحى، حين أشفى سآخذك إلى السوق وأشتري لك معطفا وجوربين…
قاطعته رحى وهي ترفع إحدى قدميها كهذا؟…
ضحكت أمها..
أردف والدها: نعم يانور عيني كهذا..
نامت رحى على صدره، ونام هو بعد ليل طويل صارع فيه الألم..
في منتصف الليل..تستيقظ رحى على ذلك الصوت الذي اعتادت عليه كل ليلة…
تختبئ خلف باب تلك الغرفة لتنصت لأنينٍ يهز جدران المنزل..على ذلك السرير المتهالك…
يتمدد جسد يقاسي أنواع الآلام…
بعد كل جرعة كيماوية يصبح لذلك الصوت صدى يكاد يسمعه كل من في الحي…
في الصباح استيقظت رحى.. نظرت إلى جوربيها قد اخترقت إبهماها جوربيها..
نزعتهما وهي المرة الأولى التي تفعلها ومشت حافية القدمين تحمل جوربيها بيديها، وقد أغرورقت عيناها بالدموع..
كما هي عادتها طلت من خلف باب حجرة والدها.. هدوء غريب يسود أرجاء الغرفة…
أحدهم بجوار والدها…صوت بكاء…
اقتربت.. نظرت هنا وهناك
ثوب ناصع البياض يغطي ذلك الجسد النحيل…
ثوب أسود ترتديه أمها…
أمي..
لم أسمع صوت أنين أبي..
هل تعافى؟
سيصطحبني إلى السوق، أليس كذلك؟..
قال لي:
إنه سيشتري لي معطفا وجوربين أجمل من هذين الجوربين..أريد جوربين فيهما صورة” لولو كاتي”
مدت يديها وهي تمسك كلا الجوربين بيديها:
أمي انظري تمزق جورباي!…
تعالي ياصغيرتي قبلي أباك قبل أن يرحل..