المقال
حرب الوعي الفكري والرؤى المستقبلية بين الإتهام بالتهور و الغرور و التخلف بجهل بقلم: “الحاج نورالدين أحمد بامون”
حرب الوعي الفكري والرؤى المستقبلية بين الإتهام بالتهور و الغرور و التخلف بجهل , رؤيات متابعدة في حرب الجيلين .1970-1980—- 1990—–2000
تواصل جسر جلسات الحوار و تمازج الثقافات العربية الإسلامية و الإفريقية الأوروبية في ظل الرهانات و التطورات الحالية و مدى نجاحها و تأقلمها.
من ضمن جلسات الحوار كانت لنا أمسية هذا الأسبوع جلسة أدبية علمية, أكثرمنها ثقافية إجتماعية سوسيولوجية, بموضوع الشباب بين الجيل الماضي و الحالي ومفاتيح النجاح وأساليب تطوره , ونظرتهم المستقبلية بعيدة المدى بعيون مترصدة.
كانت جلسة شيقة متنوعة وجهات النظر و متعددة الجوانب. وضمن الجوانب التي تطرقت إليها جلسة الحديث هاته الأمسية الصيفية ,كانت حرب الجيلين بين العشريتين 1970-1980 عشرية الرخاء و الإزدهار ——-1990—2000 عشرية سنين الجمر وسنين التحولات و التقلبات .
فالكل وبإجماع يرى أن حرب الجيلين الحالية, هي حرب شرسة يصعب التحكم فيها و السيطرة على صناعها , كونها جد طاحنة تدور رحاها بلا هوادة, حرب صراعات و زعامات و فرض وجود بسلطة شخصية قومية أكثر منها نفسية فردية .
حرب أتت على الأخضر و اليابس ولم تسثني منها لا صغير ولا كبير ولا متعلم و لا أمي ولا مثقف ولا جاهل إلا ما رحم ربي .
ومن خلال الحديث تبين أن حرب الشباب الحالية تفرض نفسها بكل ما أوتيت من قوة لإدارة المعركة بوحشية للتغلب و إستلام زمام الأمور ولكن بدون دراسة ميدانية بكل المعاير و المعطيات و المقايس الواجب إتخاذها و سبل النجاح الواجب إتباعها و بدون خطط إستراجية تحدد معالم نهاية هاته الحرب التي لا يجنى منها سوى الخراب و الدمار, إن لم يكون للوجهاء العقلاء تدخل عاجل ورأي متميز بإدراك ووعي يخدم المصلحة العامة, و يجنب الأمة الكوارث والمخاطر المحدقة بها و المؤدية للهاوية التي لا يحمد لعقباها خير, إن لم يتم ادراكها و إخمادها في مهدها ساعة إندلاعها.
وأمام هاته العوامل التي تفرض نفسها وتحتم خوض هاته الحرب بوحشية لا نظير لها, وحشية مهارات وتقنيات تصنف في مصف الإبتكارات الحديثة، أكثر من الإبتكار العسكري والتطور التكنولوجي والخيار الإجتماعي المرسوم بنظرة غير معهودة.
حرب تدار بخلفية الخروج بإنتصار يتطلع إلى إنشاء نظام جديد يكون على مقاس وهوى الجيل القادم المتطلع للوصول للسطلة وإعتلاء سدة الحكم، حرب بينت كل النقائص و الثغرات التي تغاضى عنها الحكام و مسؤولوها يومها النظر غير مبالين بنتائجها الكارثية و أضرارها الوخيمة .
حرب يرى فيها الجيل القديم جيل الثمانيات أن شباب اليوم جيل مغرور و متهور و غير واعي وغير مسؤول ولا مدرك للخطورة و يجب عليه إتباع نهج السلف ويسلك درب طريقه و سماع نصائح و إرشادات الكبار عملا بالمقولة الشعبية من فاتك بليلة فاتك بحيلة حسب مفهومهم لذلك.
فمن وجهة نظرهم إن نشوة العشرينيات الصاخبة التي عاشها شباب اليوم ، مزالت مؤثرة فيهم و عليهم ,ثم يرونه أنه مازال في طور التكوين الفكري و الوعي و ينقصه كثير من الوقت للتعلم و حفظ الدرس ليكون من القادة.
ويرى شباب اليوم الجيل الحالي, جيل المستقبل ورجال الغد, أن جيل الأمس هو سبب الفساد والكساد الكبير وإنعدام التنمية و التقدم و الرقي و الإزدهار بالبلاد وهو المتسبب في هجرة الأدمغة خارج الوطن و تشردها في أرض المهجر و الحد من قدراتها و إستنزاف طاقتها البشرية من طرف الأجانب و إستغلالهم إستغلال السيد للعبد, وفي أخر المطاف يرمونه رمي لا يقدرون حتى إسترجاع أنفاسهم فما بال قوتهم و إستعادة هيبتهم وكرامهم المسلوبة و حقزقهم المهظومة.
وإنه حان وقت التغير الجدري و مسح شمولي لكل قديم مع الإحتفاظ بحق الأصالة و الهوية و القومية و مكوناتها, عملا بأن حب الوطن من الإيمان و أن البلاد جزء لا يتجزأ من قيمة و كرامة الإنسان و المواطن المغلوب على أمره .
كما يطمح إلى بناء دولة قوية بسواعد شبابها ومنحهم فرصة الإستثمار البشري بوعي و حس قومي منير و متمير بعيد عن أية همجية وعنهجية عنصرية و قبلية وعرقية , كما يتطلع لرسم خريطة الطريق لمستقبل واضح برؤية بعيدة المدى على مدار العشرية القادمة بتأملات واقعية بعيدا عن الأحلام الوردية و الوعود الكذابة و الخطب الرانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع و التي سبق وأن أتت على الأخضر واليابس و لم تترك شيء إلا و التهمته و راحت تلتهم ما تبقى من باقى الرماد لالشيء إلا لأجل مسح كل آثار حتى لا يبقى التاريخ شاهد حي عليهم و علي خيبتهم و فشلهم الذريع وعلى الخسائر التي تسببوا فيها و على الكوارث التي أحدثوها .
ويبقى الصرع قائم و مستمر و الغلبة للأقوى بكل تأكيد , لكن في عصر العلوم و التكنولوجيا و المال و الإقتصاد يصعب التنافس على البقاء و الإستمرار في العناد و التصدي للحرب الشرسة التي تديرها عصابات و لوبيات المال والمصالح و منطق القوة الإقتصادية الإجتماعية بورقة التحكم من باب التقشف و الترشيد .
وتبقى الحرب متسمرة علانية و بترقب و عيون مفتحة و بنوايا لا يعلم بخباياها إلا الله سبحانه و تعالى و أصحابها المخططين لها من كلا الطرفين و الجهنين بمؤازرة و مناورة و مساند لكل جهة على حساب جهة و تبقى الكلمة الأخيرة الكلمة الفيصل الحاسم في زمام الأمور والحسم في المعركة لساحة الوغى ريثما تنتهي حربها الوطيدة الدائرة رحاها هنا وهناك كل وقت و بدون موعد مسبق وبدون مكان محدد تندلع شرراتها كل لحظة و حين و بحجج مختلفة و ذرائع مصطنعة لا يعلم لجودرها باطن ولا لظاهرة وضوح.
الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون ____ ستراسبورغ فرنسا