القصة

ذيل الحمامة بقلم: “بقلم / مصطفى محمد علاء بركات”

قصة قصيرة بعنوان
(ذيل الحمامة)
ضمن مجموعة القصصية بعنوان ( الأرض الطيبة)

كان الخبر الأبرز فى كل برامج التلفاز و معظم الصحف الحكومية يحمل نفس العنوان : ( ذيل الحمامة )
لابد من إستعمال ( ذيل الحمامة ) لا غنى عنها
( ذيل الحمامة ) يصب فى مصلحة الشعب
تتفرد بلادنا ب ( ذيل الحمامة ) نظرا لاختلاف ثقافتنا عن باقى الشعوب ، و( ذيل الحمامة ) هو عبارة فعلاً عن بعض ريش طائر الحمام مثبتة مع بعضها و عليها رمز أو كتابة أو نقش ما ، يقوم الشخص بوضعه على النصف الأسفل من الجسد فوق البنطلون أو الحزام أو ايا كان ما يلبسه الرجل و المرأة ليغطوا عوراتهم .

و بالرغم من هذا الفيضان فى وسائل الإعلام المكتوبة و المرئية ، إلا أن أحداً لم يشتريه بدأ الوزراء و المسئولين فى الجهات الرفيعة المستوى بوضع ( ذيل الحمامة ) فى الإجتماعات و المؤتمرات المحلية ، كما تطوع مجموعة من المفكرين و المثقفين فقال أحدهم :
– (ذيل الحمامة) الحمامة رمز السلام ، و الذيل رمز الطيران و الحرية
قال أخر : ( ذيل الحمامة ) نموذج للعودة الثقافية لأصولنا الموروثة
– من لا يفهم ( ذيل الحمامة ) يفتقد الحس الأدبى السليم
أحد المشايخ الذى يتلقى راتب و إمتيازات كبيرة من بعض المسؤولين قال ( طاعة ولى الأمر واجبة ما لم تكن معصية و وضع ( ذيل الحمامة ) لا معصية فيه ، فيجب وضعها تجنبا للشبهات و الله على ما أقول شهيد

بدأ الأمر يتحول تدريجياً لتوجه عام ، فأصبح ( ذيل الحمامة ) جزء أساسى من ثياب جميع العاملين بالقطاع الحكومى و تم اعتباره عهدة و أقر كل موظف بحصوله عليها بشكل رسمى ، و التقطت الصور للمديرين و مشرفى الأقسام من ظهورهم بدون صور وجوههم – و ذلك بناء على طلبهم – و هم يضعون ( ذيل الحمامة ) ، أصبح كل شخص يتوجه للحصول على خدمة حكومية أو منتزه عام أو حتى مستشفى لابد من وضع ( ذيل الحمامة ) و تم انشاء جهة رقابية مختصة حازمة جدا و محايدة ، دورها الوحيد التأكد من إلتزام الجميع ، بوضع ذيل الحمامة
و نظرا لندرتها و إرتفاع ثمنها أكثر من ثمن الحمام نفسه ، لجأ البعض مضطرا لوضع ريش دجاج ابيض أو أوراق ناعمة شبيهه بالريش … و لكن وزارتى الصحة و الدفاع صرحت بأن إنتشار هذه الأشياء كلها خطر على الذوق العام بل و قد تؤثر على استقرار الدولة و لابد من الحصول عليها فقط من المنافذ الرسمية المعتمدة ، و تم بث عدة فيديوهات و صور توضح
( ذيل الحمامة ) المعتمد و المقلد و أنه لا يتوفر فقط إلا فى المنافذ المعتمدة ، و أن أسعاره ثابتة منعا للإستغلال !

أصبح ( ذيل الحمامة ) أمراً معتاداً و تقبله الجميع و لو على مضض ، خصوصا خارج منازلهم و عند دخولهم المنزل يلقونه بجوار الحذاء أو على مدخل الشقة ، كما خصصت الدولة ميزانية لهذا المشروع القومى ، الذى حقق أرباح كبيرة بالرغم من أن بدايته كانت بذرة صغيرة ، عندما تعرض أحد المسؤولين الكبار لمرض غريب أصاب الطيور عنده فى مزرعته الضخمة لإنتاج الحمام و أدى لموت كل الطيور فى مزرعته .

( تمت)
من كتاب ( الأرض الطيبة)
بقلم / مصطفى محمد علاء بركات

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى