رضاكِ يا أمي بقلم ا.د/ محمد موسى
♠ ♠ ♠ ♠ القصة القصيرة ♠ ♠ ♠ (أفضل قصة قصيرة لعام 2018)
♠ ♠♠ رضاكِ يا أمي ♠ ♠♠
♠♠ بينما أمه تخرجه للدنيا بعد زواج إستمر فقط لمدة عاماً ، فقد مات أبوه بعيداً عنهما في الغربة ليُأمن لهما حياةً كريمة ، وأصبحت الأم وحيدة في هذه الدنيا ، مما جعلها تطرق كل الأبواب بحثاً عن عمل ، لكي توفر له ولها القوت الضرورى لكي تستمر الحياة ، إلا أنه كان هناك مشكلة منعتها من الإستمرار في أي عمل لمدة طويلة ، هذه المشكلة هي أنها كانت شديدة الجمال ، وكل من يراها وهي تطلب عمل يوفر لها ما تريده فوراً ، طمعاً في أنه يمكن أن يجد السبيل اليها ، وعندما تشعر هي بما يريد تسارع لترك العمل ، وظلت هكذا أيامها ، فقد أقسمت ألا تعصي الله ولا تطعم إبنها من حرام ، وكان يشعر هو منذ صغره بكل هذا التضحيات من أمه ، فكان يجتهد حتى كان دائماً الأول بلا منازع في مدرسته البسيطة ، ومرت الأيام وكبر الولد ودخل الجامعة بمنحة تفوق ، بدون أن يكلف أمه أية مصاريف حتى أن الكتب من تفوقه كانت تأتي له مجاناً من الأساتذة شديدي الإعجاب به ، فهو إلي جانب جمال ووسامة قد ورثها من أمه ، فهو مجتهد ومتفوق وذو خلق رفيع ، وتخرج من الجامعة وكان الأول ، وحصل على تقديرات لم يحصل أحداً من قبل على مثلها ، فتم تعينه معيداً في الجامعة ، ووجد أنه يستطيع أن يحمل عن أم مجاهدة بعض من حملها ، وبسرعة حصل على الماجستير ، بشكل أعجب به أساتذته خصوصاً وهو قد رفض من قبل بعثه للحصول على الماجستير من الخارج ، وأخبر العميد أنه متنازل عنها حتى لا يترك أمه وحدها ، وفى مرة دعاه عميد الكلية لمناسبة في بيتهِ ، وعرفه على إبنتهِ وهي فتاة جميلة وخريجة كلية الأداب قسم لغة فرنسية ، وبسرعة تقربت منه لأخلاقه ورجاحة عقله ، وكأن والدها تمنى هذا وكان كذلك ، (ففي مصر مثال يقال أخطب لإبنتك ولا تخطب لإبنك) ، وفي الحقيقة قص الشاب عليها قصته بصراحة وبكل وضوح ، وأنه مرشح إلى بعثة للحصول على الدكتوراه من إنجلترا وبسرعة عمل والدها على إتمام الزواج قبل البعثة ، حتى تذهب هي معه ، وأخبرها صراحةً أنه سوف يصطحب أمه معه وشعر ببعض عدم الرضى من العروس فقال في نفسه مع الأيام سوف تحل هذه القضية خصوصاً عندما تعاشر أمه التي تتصف بالود للجميع ، ولم يتسرع لمواجهة شديدة مع من ستكون زوجته فهي عروس جميلة وبنت عميد في الجامعة ، وعقد القران ويوم حفل الزفاف في واحد من أكبر الفنادق في البلده ، والحقيقة أن والد العروس قد تكفل بكل هذه المصاريف ، حتى تليق حفل زفاف إبنته الوحيده بها وبه ، حضر الحفل الكثير من كبار هذا البلده ، وصممت الأم أن تجلس تحت قدمي إبنها وهو بجانب العروس ، حاول أن يثنيها عن هذا ما إستطع ، ومرت ساعات الفرح والعروس تتأفف من جلوس الأم هكذا ، وقبل نهاية الفرح قالت له بصوت عالي أطلب من أمك أن تغادر مكانها حتى نتصور مع المعازيم ، قال لها هي لن ترضى وأنا لا أستطيع إغضابِها مهما كان ، فإذا بالعروس تصرخ في وجهه وتقول ترضيها هي ، وتغضبني أنا ، سوف أذهب إلى غرفتي حتى تعرف قدري ، فقامت الأم مسرعة من مكانها حتى لا تحدث مشكلة بسببها ، وطلب العريس من أمه الإنتظار وذهب إلي من معه ميكرفون الحفل وقال ياسادة ياسادة العروس تتأفف من أمي ، ياسادة أمامكم يا من أنتِ زوجتي تعالي إلي هنا ، ودفعها أبوها وأمِها إليه دفعاً قال لها قبلي يد أمي ، فنظرت بغرابة نظرة المغرور عندما يتطاول عليه واحد من رعاع القوم ، أعاد عليها ما قال فتركته ومضت صاعدة إلي غرفتها ، فقال لها بصوت عالِ أنتِ يا من لم أدخل بها بعد أمام الجميع أنتِ طالق ، وكانت هذه أول مرة تطلق عروس في البلده وهي بثياب الزفاف يوم زفافها ، وقال هو للحضور
يا سادة لن أترك شبابي يجعلني أنانياً أمام من باعت شبابها لأجلي ، أنا الذي أخذت منها سنوات عمرها ولم أعطي لها شئ ، إندهش الحاضرين وأكمل قوله أنا لن أقبل يدها فقط بل سوف أنزل لقدميها حيث الجنه لأرتع فيها ، ونزل وسجد على الأرض وقبل قدميها الإثنين وظل يفعل وهي ترفعه ولا يريد ، ثم قام والدموع بعينه وقال فكرت لمدة ثانية واحدة وسألت نفسي من أهم عندي أمي أم عروس أعيش معها شبابي ، فكان جواب عقلي كيف تقارن أمك بأحد ، مهما كان وألقى بدبلة الزواج وأخذ أمه وأنصرف ، حاول الجميع التدخل ولكنه رفض أن يغير من قراره ، حتى أبوها توسل إليه في البداية وأنه بذلك سيؤدي إلى فضيحة قد تقضي على مستقبل إبنته ، ثم هدده صراحةً في مستقبله ، فإذا به يضحك ويقول أمي هي مستقبلي كما كانت الماضي لي ، وعندما وصل إلى بيته وامه تبكي وتقول حبي لك هو السبب ، وهو يقول لأمه قدر الله وما شاء فعل ، وقبل أن ينام دق جرس الباب فإذا هو واحد من أغنى من كانوا في الفرح ، وقال له ما فعلته من أجل أمك يجعلني أقدم لك إبنتي الوحيدة ، وهى كما ترى من جمالها وحسبها ونسبها ومالها أقدمها زوجةً لك ، فهي فقدت أمها يوم ولادتها ، فتزوجها الليلة حتى لا تفقد فرحتك كعريس بلا أي تكاليف منك ، تقديراً لحبك لأمك والذي أبكيت الحضور لما فعلت ، وأمك هي أمها تقبل يدها كل يوم وجلست العروس معه ومع أمه وذهب الأب ، وأحضر من يعقد القران والشهود وعقد القران وفهمت الزوجة أنها للحصول على حب الزوج لابد أن يمر حبها أولاً بأمه ، فهي الباب الملكي لقلبه لتعيش في سعادة ، وفعلاً نجحت وأصبح للأم من يومها ولد وبنت ، ورزقهما ربهما الكريم الذي دعانا بعد توحيده سبحانه وتعالى بالبر بالوالدين بالبنين والبنات وعاشت معاً بسعادة وبحياة مستقرة.
♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى