رمضان بين ضبط النفس وعلوّ الهمّة بقلم د. عصام الهادى
رمضان بين ضبط النفس وعلوّ الهمّة
بقلم د. عصام الهادى
لقد تفضّل الله عز وجل على عباده من أمّة النبىّ المصطفى صلى الله عليه وسلم بشهر من أعظم شهور العام، شهر رمضان المبارك، شهر النفحات والإيمانيات، شهر يزداد فيه المؤمن قربا من ربه، طاعة وعبادة وخشوعا وانكسارا، شهر القرآن والصيام والقيام، شهر الصدقة والعطاء والذكر، شهر العبادة والصلاح والتقى. “شَهْرُ رَمَضَانَ الّذِى أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدىً لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدَىٰ وَالفُرْقَانِ”، ولا يعرف قيمة هذا الشهر وفضله وعظمته إلاّ المؤمن التقىّ النقىّ الذى ينتظر هذا الشهر بحرارة الشوق ولهفة المنتظر لعودة حبيب غائب طال انتظاره، والعبد يعصى الله عز وجل طوال العام بارتكاب الذنوب صغيرها وكبيرها، ويقع فى بعض الزلّات التى تغضب الله عز وجل، فيأتى هذا الشهر ليكون فرصة للعبد المقصّر يصطلح فيه مع الرحمن جل وعلا، يطرق بابه ليتوب عليه، يطلب رحمته ومغفرته فيغفر له، يتقرب فيه بأحب الأعمال إلى الله، يسارع فى نشاط وهمّة، ولا يتكاسل ويضيّع أوقاته فى أمور وأشياء لاتسمن ولا تغنى من جوع، حتى إذا كان أخر ليلة من رمضان كُتب عند الله من عتقاء الرحمن يوم القيامة، بل ومن وعجيب رحمة الله عز وجل أنه يغفر الذنوب للصائم الذى صام رمضان مؤمنا محتسبا فى قلبه ثواب العمل الصالح والأجر الذى يرجوه من الله عز وجل عند القيام بهذا العمل من صيام وقيام وذكر وقراءة للقرآن وغير ذلك من عبادات وطاعات. قال النبى صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه” أليس فى هذا الحديث حثٌّ وتحفيز لعلو الهمة وقوة العزيمة وضبط النفس لدى العبد الذى يرجو غفران الذنوب وستر العيوب ليبدأ صفحة نقيّة بيضاء مع ربه وسيده ومولاه، والله إنها لمنّة ومزيّة وفضل يتكرّم به المولى عز وجل على أمة حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم،بل فى رواية أخرى يقول نبينا صلى الله عليه وسلم:”من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه”، فعلينا الآن ونحن فى هذه الأيام المباركة أيام الرحمة والمغفرة والعتق من النيران أن نستشعر النفحات، ونتنفس الرحمات، ونستنشق النسمات بهمّة عالية وعزيمة قوية، وأن نعمل جاهدين على ضبط النفس وحفظ الجوارح من المعاصى والزلات، وأن نصطلح مع الله عز وجل فى هذا الشهر العظيم المبارك،حتى لايحرم المسلم بركة الشهر ومغفرة الرب، كفى بالعبد أن يضيّع وقته فى غير طاعة الله، فإن الصالحين السابقين وعلى رأسهم صحابة النبى الكريم صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم كانوا ينتظرون هذا الشهر طوال العام ليقوموا الليل ويقرأوا القرآن ويخرّوا لله ساجدين خاشعين متذللين باكين راجين رضا الله ورحمته ومغفرته، بل منهم من كان يختم القرآن أكثر من مرّة فى رمضان، ومنهم من كان يختم كل ثلاثة أيام، ومنهم من كان يختم كل ليلة، وإذا ضيّعنا أوقاتنا فى هذا الشهر الذى تفضّل الله به على عباده وأمة نبيه صلى الله عليه وسلم ففى أىّ الشهور نحقّق القرب من الله، وفى أىّ الشهور نقرأ القرآن، وفى أىّ الشهور نقوم الليل، وفى أىّ الشهور نأمل ونرجو رحمة الله وثوابه ومغفرته، نسأل الله عز وجلّ السلامة والعافية فى الدين والدنيا والآخرة، وأن يحفظنا بحفظه من شرّ أنفسنا ومن وساوس الشيطان ونزغاته، إنه نعم المولى ونعم النصير.