القصة
— رواية قصيرة بعنوان انتقام جان بقلم: “أ. عبدالاله ماهل”
————– رواية قصيرة بعنوان انتقام جان
————لكاتبها أ. عبدالاله ماهل
– الفصل التاسع
قربت الشمس نحو المغيب، اشتد الحال وبلغ أشده، ولم تكن المسكينة بأحسن حال منهم، حيارى وما هم بحيارى، سكارى وما هم بسكارى، بين قيام وقعود يترنحون بأجسامهم، يمرغون وجوههم في التراب، على وقع مزمار يصدع بأهازيج، أبى صاحبه إلا أن يزيد في أنفاسه لتزداد الجدبة اشدها والحيرة مداها، جرفت البادي والداني، دوامة اختلطت فيها الألوان واستوى فيها الموالي بين آل الباشا حمو وآل ميرا…
لم يسلم من وقعها أحد، ولا من أحد تجرأ وبرح المكان؛ وكأن بهم جمعا من الأشرار، أتوا عليهم، التبسوا بهم، سلبوا إرادتهم وتركوهم بلا روح تنبض؛ ليغدو الجسد طوع يمينهم، دمية يعبثون بها، يتلاعبون بها أيما حلا لهم.
وغير بعيد عنهم، انتصب المارد على كرسي من زمرد، بخيمة طويلة عريضة نصبت على شرفه، حفها الحرس من كل الجوانب ولفها اللبس والتلبيس، يرمقهم يحركهم كراكز على هواه؛ سمفونية تصدع لحنا هو رائدها، ذلك المايسترو الماسك بزمام أمرها، والوفود من طينته، واجهات لأي دنب اقترفه، تتقاطر عليه من كل حدب وصوب مهنئة إياه؛ صنيعة احسن سبكها، عاصفة اختلقت على مقاسه لن تزيده عند كبيره إلا شرفا، بوأته مكانة لا تقل عن كونه شيطانا رجيما.
أرخى الليل سدوله، وغشت ظلمة حالكة المكان وأهل المكان، اللهم نور باهت ينبعث من بين فوانيس علقت هنا وهناك، ليختم الحفل على مأدبة عشاء، اصطفت موائدها أرضا، ضمت قصريات كسكس خارجا عن المألوف، مذاقه كطعم العلقم؛ سرعان ما تهافت عليه الحشد وبشراهة منقطعة النظير؛ وكأن بهم جوع ذئاب في برد قارس.