المقال
سلسلة : ” حديث النفس ” بقلم “إدريس جوهري”
سلسلة : ” حديث النفس ”
مطر غزير وهزيم الرعود أخرجني
من خلال هذه النافذة أتأمل السماء
المشحونة بالغيوم السوداء التي
تقترب وتقترب تنذر بسمفونية ممطرة
لا تتوقف عن الظهور في هذا الطقس
الرمادي والمرير يتم سماع النوتات
اليائسة الأولى ذات القطرات الشفافة ،
واحدة تلو الأخرى ، ثم في عدة مرات
أغمض عيني ، تركت نفسي أذهب
وأضل في هذا المطر الدافئ ، حيث
تتدفق دموعي ببطء ، بصمت شديد
فجأة ، ألقيت نظرة خاطفة على
صورتي المستقبلية من بعيد …!!
يا أيها اليأس ..!! يا نذير الشؤم …!!
والخراب ..!! لمثل هذا يذوب قلبي من
كمد ينفجر يذوب لإدراك أنه كان مجرد
وهم ، أم نبأ يقين انكشف لي من مرآة
واقع القساوة والشتات يا لها من خيبة
أمل ترك صدى أصواتها تطرق باب العقل
لا تفارقني حتى أخرجتني من بيتي
حيث حملت قنديل الإيمان المنطفئ
المضطرب لاستعادة نور وضوء
المملكة الغائب وراء الحجب …!!
أنا أتجول في الشوارع العتيقة
من بين أنين البيوت المحطمة …!!
والقلاع الشامخات المتصدعة ، فتحت
نوافذ الهيكل المريض نظرات المراقبة
العميقة تأخذني بتمعن أرى كل شيء
ينفد .. الألوان تذبل انظر حولي ، وقد
فقدت الحياة لهجتها بهجتها الوردية
رؤية المشاعر الصادقة تصرخ تتألم
انظر إلى النافورة التي تنبض بالأمل
حتى تجف .. تصبح القلوب اليتيمة
تربة قاحلة أرض فضية صماء ، صحراء
بلا واحات ، ألاحظ قلة الوهج في
العيون ، رحلت .. غابت تلك الومضة
الشرارة اللامعة إلى أجل غير مسمى
تنتظر شروق شمسها من جديد …!!
انظر إلى تلك النظرات اللامبالية ،
وابحث في الفراغ عن شيء يملأ
حياتهم لدرجة أنهم توقفوا عن الحلم
لفترة طويلة ، فقد أصبحوا ضباب
وهمي ، تمر الأيام ، يتجول الشعراء ،
في عالم الغرائب وبلاد العجائب
الوردية حيث لا ضوضاء ولا حروب
من بين سطورهم قوافي العشق
المرغوب الممنوع واللامشروط
أو قوافي رثاء الحب المخنوق
المكسور .. المَسْفُوكٌ .. المحتضر …!!
يحاولون إسعاف وإبقاء توأم الشعلة
حية ، لا يتغزلون فيما لم يعد فينا
موجودا … صحة الأرواح وعافية
الوِجْدَان حقا .. نعم …!! نبض الأخوة ..!!
تلك الإنسانية …!! التي كانت حية بيننا ،
هجرتنا .. تفرقت .. تبخرت .. بل تحولت
إلى كائن آخر “المخلوق النرجسي” …!!
غريب الزمان والمكان .. بحر من الأحزان
أذاب الحجر ، فلم يعد يضيء ذلك
الطريق المعتم ، جسر المحبة يصرخ
في الشرق والغرب … هل من مجيب …؟؟
في يوم من الأيام هل من أذن صاغية ..؟؟
أيها الناس ..!! أيها العالم ..!! أين أنتم ..؟؟
أين تذهبون يا صدق القلوب وصفائها ..؟؟
إني لأسمع أصوات الدماء التي تناديني
وقد أغرقت سفن الحرية والكفاح والسلام …!!
وقف الطفل في فزع غريق .. وأوصاله
ترتجف جثى على ركبه مناجيا في
محراب التبتل يستنجد … يستغيث
يبكي آآآآآه ..!! ثم آآآآآه ..!! من لليتامى
مثلي وحيد تتمزق روحي مزقا ..!!
مزقا ..!! ما لي من طبيب يداويني ،
كلمات صاعقات أيقظت أشباح
كهلان وأهرام و إرم ذات العماد …!!
حتى صعدت واخترقت الملك والملكوت
مما زلزل عروش الملأ الأعلى حيث
تشققت السماء يغمرها ضوء الرحمة
ونزلت الملائكة تكفكف دمعاته ثم
اهدته وردة “المسكونية” حيث قبلت
روح البراءة التي تسكنه هناك فقط
انجلت سحب الغفلة رؤية ما وراء
الوهم عندما رأى بعين اليقين حقيقة
هذا العالم الجامد المرعب المظلم القاتل
أكمل المسيرة للقاء الخلود مع العائلة
الجليلة الكريمة في البيت العتيق
تلبية لنداء نطق به في أذني لما
خرجت من رحم الوجود وأنا لا أعلم شيئا …
@ بقلمي/ إدريس جوهري . ” روان بفرنسا “
14/11/21 Jouhari-Driss
Aslan Sarizeybek & “One day I dreamed
that I was standing at the gates of Heaven.
And Saint Peter said to me, “Go back to earth,
there is no slum here.” Mother Teresa.
“ذات يوم حلمت أني أقف عند أبواب الجنة.
وقال لي القديس بطرس: “ارجع إلى الأرض ،
لا يوجد حي فقير هنا”. الأم تريزا.