سلسلة : ” حديث النفس ” بقلم ادريس جوهري
معجبون متابعون معلقون
على صفحات موقعنا …
تجمعنا صور منشورات فيديوهات
و نادرا نادرا ما تكون
هناك صداقة خالصة
علاقة إنسانية صادقة …
مسلوبون من عقولنا العاطفية
مبرمجون مخدرون
روبوتات آلية تشبه ” ذا ماتريكس ”
مجردة من المشاعر …
ساعات طوال موصولة
في عالم افتراضي بعيدة عن حياة
إجتماعية إنسانية ننسى فيها
حتى واجباتنا الأساسية
أبسط حقوقنا أكل و نوم و عائلة
لا راحة نفسية معهم …
تغريدات رناة تعليقات رسائل
تقلق حالنا كأنها الواقع
و ما نعيشه خيال في خيال …
دائما نعرض نكشف بيوتنا
حياتنا اليومية أسرارنا
أمام سكان الأرض
كنسخة من بطلة ” ذا سيركل ” …
أو دائرة دوامة غرقى فيها
نترقب إعجابهم إطرائهم
بفارغ الصبر نفرح لكلمات
نحزن نتعصب لأخرى
ننام بجانبه دائما …
رن المنبه فتحت عيناي
يوم جديد على الكوكب الافتراضي
فتحت جهازي رسائل كثيرة
من مواقع التواصل الاجتماعي
صفحات جروبات وقنوات إلخ .. إلخ ..
نسيت أن أرد عليهم البارحة
والمشاركة في مسابقة …. ومنتديات …
زوجتي تناديني … لحظة حبيبتي …
مرت ساعات أمام الجهاز …
ما زلت متسمرا أمامه
لا يرمش لي جفن
وإذا بالأولاد قد تناولوا الفطور
وذهبوا للمدرسة الإنجيلية …
حتى سمعت أطيط الباب عند خروجهم
هناك فقط تذكرت نداء زوجتي …
إنه وقت بثها الجنسي المباشر اليومي
مع زبائنها المعتادين تعمل هكذا
لمساعدتي في مصاريف البيت
و تجاوز الأزمة المالية الراهنة …
أبوها مدمن كحول أخوها الصغير
راهب كنيسة والأكبر زعيم مافيا
لحسن الحظ أنهم لا يدرون بشيء
وإلا قتلوها و قتلوني
مثل ما جرى بين ” الإخوة كارامازوف ” …
ثم ما بين طرفة عين وانتباهتها
في جزء من الثانية توقفت عن كل شيء
انتفضت من مكاني اعتزلت تركت
الآلات الأدوات الجامدة اللاشعورية
الأصدقاء الأعضاء المساعدين المراقبين
قدمت استقالتي من عملي ك …
على آخر كوكب المجموعة الشمسية
ثم قمت بانقلاب على جمهوريتي
تهديم البنية التحتية
و إعادة بنائها و ترميمها
لتجديد النظام بكليته و كينونته …
إنها ” فوضى الحواس ”
أقبلت على ” معابد الشاولين ”
و ” الزوايا الصوفية ” و ” فنون البوذية ”
لإعادة رسم حروفي الأبجدية الجديدة
و تلويينها و تزيينها و ترتيبها و تركيبها
في أحلى وأرقى و أسمى حلة أنيقة
حتى تصبح في تناغم و تناسق
و انسجام و إيقاع و توازن
كما نراها في لوحة ” ليلة النجوم ”
أو العجوز مع ” محارب سلمي ” …
ثم أجدد عزائي إلى الذين يعانون
في صمت .. في كمد وكبد .. وشجن
يترددون يفكرون في شروذ
يصدقون ولا يكذبون
يمرون يتعثرون
يقفون ” تحت ظلال الزيزفون ” …
أو يستقلون قطار الحيرة و الحب
و الخيانة و الأمل و الألم
مثل ما فعلت يوما ” آنا كارينينا ” …
مهووسون بالتحكم وتتبع كل شيء
يكتمون ولا يبوحون ولا يصرخون
يتحسسون من نسمات الهواء
وأوراق الشجر المتساقطة …
وحرارة أشعة الشمس الساطعة
وذرات صقيع الثلوج
من مد البحار وجزرها
يختنقون من رائحة السجائر
في الشوارع و سواد الغيوم …
واكتظاظ الناس في الأسواق
وضجيج الجيران في آخر الليل
حكايتهم ما بين صعود و هبوط
ذهاب و رجوع أو بدون عودة
أو لربما في ” البحث عن الزمن المفقود ”
يفضلون السكينة والهدوء
وقلة القيل والقال وضيق المكان
مع ثلة بسيطة من الأنام …
يحبون المشي تحت الأمطار
ولا يركضون وراء الأسعار
حالهم حال ” عابر سبيل ” …
قلوبهم وجلة رحيمة حساسة
رقيقة الحس كأفئدة الطيور
شموع تضيء عتمة الطريق
إنهم ” قناديل الروح ” …
تود لو أنها تحرر أو تتحرر
من نفسها أقصد دخيلتها
التي احتلت أراضيها
لكن هي تريد استقلالها
و إعادة سيادتها الكاملة
” إلى من لا يهمه الأمر ” …
تمر الفصول تلو الأخرى
حتى تصبح يوما ما ” ذاكرة جسد ” …
الروح تائهة مع أشباح كوكب افتراضي
و النفس تائهة هائمة بين دنيا الأوهام
و حياة الأحلام والخيال و السراب
تبقى سجينة في عزلة مئة عام
أو ربما ” مئة عام من العزلة ” ..
صوت ينادي .. إنه أذان فجر الحرية .. والسلام ..
و أخيرا انتهيت من كتابة مقالي الجديد …
حفظ .. نشر .. أول تعليق من ..؟؟!! ..
ومتى ..؟؟!! .. عقارب ساعتي .. !! ..
تيك تاك .. تيك تاك .. ” ا .. ل .. ب .. ر .. م .. ج .. ة “❣❣
. ” روان بفرنسا ”
08/02/21
‘Red Garden’ by Patricio Clarey on Artstation