برامج و لقاءاتقناة نحو الشروق

سلسلة حوار مع كاتب/الكاتب والدكتور المصري أحمد السعيد مراد يحاوره الاستاذ غيشي نبيل

نرجو تعريف القارئ بشخصكم الكريم؟
أحمد السعيد مراد طبيب وروائي مصري، عضو اتحاد كتاب مصر، صدر لي أكثر من عشر أعمال مطبوعة، نلت الفوز بالقائمة القصيرة لجائزة الدكتور شومان للخيال العلمي لعام 2019، شخص بسيط جدا، خبرته الحياتية جاءت بمعايشة تامة لكافة أحوال وأطياف المجتمع المصري من قاعه إلى قمته، يعشق الهدوء والبساطة والتلقائية في كل الأشياء

متى بدأت الكتابة؟ومن الذي يشجعك على خوض هذا المجال؟
بدأت الكتابة في سن صغير وأنا تقريبا في سن الخامسة عشر، نشرت قصتي بالمجلة المدرسية، وفي مواضيع التعبير التي تتطلب كتابة قصة؛ كنت متهما دوما بسرقتها من المجلات والصحف، وفي مرحلة الجامعة شاركت في كافة المسابقات بالجامعة وعلى مستوى القطر بالمؤسسات الثقافية، وكان فوزي فيها أكبر حافز للاستمرار، حتى نلت المركز الثالث في كتابة القصة القصيرة على مستوى مصر عام 1998 وكنت بالفرقة الخامسة بكلية الطب وقتها.
ويشجعني على خوض ذلك المجال حتى الآن زوجتي الكريمة أعزها الله.

تكلم لنا عن القراءة؟وكيف ساعدتك في الكتابة؟
القراءة هي وقود العقل، من خلال الكتاب أو الرواية يمكنك الترحال أينما شئت وكيف شئت لتحصد الكثير من المعارف والخبرات والتي قد تكون مغلفة بالمتعة الذهنية، القراءة هي زاد الكاتب الذي لا يجب أن ينضب أبدا، فهي سلاحه الذي يستله ويستعد به للكتابة في زياده وعيه وتطوير لغته ونماء زاده من المفردات.

ماهي طقوسكم في الكتابة؟ وطريقتكم في جمع المصادر؟ وكيف توفقون بين الحياة الخاصة والتأليف؟
طقوس الكتابة لدي تتلخص في أمرين فقط، الهدوء وعدم انشغال البال، وقتها يمكنني الانطلاق بالقلم في أجواء الخيال، وفي بعض الأحيان قد أقوم بما يستجلب حالة من الشجن يتطلبها الفصل المقبل على كتابته، حيث أني أتعايش مع جميع مشاعر ودواخل الشخصية أثناء الكتابة عنها، فيصبح التعبير عن ذلك بسيطا وتلقائيا غير مفتعل؛ لأني اخط عما يعتمل بي وقتها.
عند الكتابة عما يحتاج لتحقيق معرفة مسبقة عنه، يكون تجميع المصادر عبر مواقع الانترنت المخصصة لهذا الأمر، مثلا في رواية الزعيم الأخيرة، البطل كان سيلتحق بإحدى الكليات للدراسة في دولة كولومبيا، دخلت الى المواقع الكولومبية وبحثت عن الجامعات الكبرى بها وكيفية الالتحاق، وعندما اخترت اسم الجامعة، فتحت الموقع الرسمي لها، وتجولت فيه بين الصور لمعرفة كافة تفاصيلها البصرية، وما هي كلياتها وأقسامها وطبيعة الدراسة فيها وهكذا، كان هذا جهدا كبيرا ربما لكتابة سطر واحد، ولكنه جهد ممتع جعل الكتابة في هذا السطر ثمرة طيبة أعتز بها.
عن التوفيق بين حياتي الخاصة والكتابة، أنجح فيها أحيانا وأفشل أوقاتا أخرى، ولكن تمرست على اختطاف ولو ساعة من الهدوء والعزلة لأجل الكتابة التي أصبحت رسالة عندي وليس مجرد تنفيسا عن طاقة وموهبة منحني الله إياها.

ماهي أهم الأعمال التي قد ساهمت في تكوين رؤيتك الفكرية والأدبية؟
أعمال الدكتور نجيب الكيلاني كلها

هل تكونت لديك رؤية واضحة لمشروعك الفكرى والأدبى؟ أيهما أكثر قدره على التعبير والتواصل مع القارئ الرواية أم القصة القصيرة،وهل أنتهى زمن القصة القصيرة؟
مشروعي الفكري جلي جدا في وجداني وأسعى إليه حثيثا ببطء ودراسة متأنية ولا أتعجل الثمار، فلو صرت مجرد لبنة بسيطة في بناء سور ضخم؛ هذا يكفيني جدا
مشروعي الأدبي الحمد لله رب العالمين خطوت فيه خطوات كبيرة وفقني الله عز وجل فيها لأبعد مدى، وأسأله سبحانه التوفيق في القادم
القصة القصيرة فن أصعب بكثير من فن الرواية، لأنها فن الاختزال في موقف أو لقطة، أما الرواية أراها الأقدر على التعبير بأكثر من وجه وسبيل، فعبر الرواية يتم تطور الشخصية ببطء ودراسة وتدرج محسوب، ليس للبطل وفقط، وإنما للقاريء ووجدانه كذلك

هل أنت مع أم ضد الكتابة بالعامية ولماذا؟ هل يجوز كتابة السرد بالعامية؟ هل كتابة الحوار بالعامية تفسد الذوق العام؟
ضد الكتابة بالعامية تماما؛ لو تركنا العامية تنمو ولو ببطء شديد بعد مئات السنين سنجد عشرات اللغات الفرعية التي قد لا يعرف بعضها بعضا، أما عند توحد الجميع حول لغة القرآن الكريم، فهذا هو الباقي والدائم باذن الله، وبالتالي أنا ضد العامية في السرد والحوار، ولكن قد يُسمح ببعض الجمل البسيطة بالعامية في الحوار في المواضع التي تستلزم ذلك بالحاح كبير وبقدر لا يتعدي من ثلاث الى خمس جمل في الرواية كلها

هل أنت مع أم ضد المعالجة الأدبية والفكرية للتابوهات؟
كلمة تابوهات حق أريد به باطل، يريدون الهروب من مصطلح ( الثوابت ) بالتمويه واطلاق مصطلح ( تابوه ) بدلا منه، فيفقد اللفظ قدسيته،
وبالتالي سأتحدث عن أصل اللفظ؛ الثوابت
هناك ثوابت لا يمكن المساس بها، منهعا الثوابت الدينية، وبالتالي ضد المساس بها أو محاولة العبث بها بحجة ألا قيود على الابداع وما شابه
وهناك ثوابت قد تستلزم ذلك؛ منها ( ما وجدنا عليه آباءنا ) من عادات وتقاليد قد تخالف ثوابت أخرى وتناقضها ، وتلك الأخرى لها أولوية تسبقها، أو عندما تعوق وجها معرفيا لا فكاك عنه.
هنا أقول لك معالجتها أدبيا هي رسالة كبرى لابد منها وبدارسة عظمى بحيث يتم الوصول إلى الهدف بلا صدام وصراع يخلف دمارا أو كوارث أفدح.

ماهى أهم المعوقات التي يصطدم بها الكتاب الشباب؟ ماهو تقييمك لظاهرة الأكثر مبيعاً؟
الكتاب الشباب أراهم أكبر وأكثر حظا من لأجيال السابقة لهم، كنا نرسل القصة إلى جريدة وننساها ونفقد الأمل فيها وإذا تحقق الحلم وتم نشرها بعد عام أو عامين نكون من المصطفين الأخيار.
أما الآن يمكنك نشر عملك على رؤوس الأشهاد ويحظي بقراءة الآلاف وربما الملايين وترى التفاعل المباشر في لحظات، ويمكنك التواصل مع القاريء بلا قيد أو معوقات.
وبالتالي أرى المعوق الوحيد لهم هو أنفسهم المتعجلة ورغبتهم في جنى ثمار ربما لم يرعو شجرتها لا بالسقي ولا الرعاية ولا بأي من متطلباتها الأساسية.
ظاهرة الأكثر مبيعا ظاهرة تسويقية وفقط، تكون في الغالب خادعة ولا توحي أبدا بجودة العمل.
أقول هذا رغم فرحي عندما يصل أحد أعمالي اليها.

مارأيكم في سياسات النشرالتي تتبعها دورالنشر؟
دور النشر هي مشاريع استثمارية لا يهمها إلا الربح وفقط، وبالتالي هي لا تنفق قرشا إلا إذا ضمنت المكسب الكبير على أثره، فيجب مراعاة ذلك معهم.
تراهم لا يقبلون إلا الأعمال التي يحظى كاتبها ببعض الشهرة الاليكترونية لضمان بيع الطبعة الأولى على الأقل.
أو الطباعة على نفقة الكاتب لضمان عدم الخسارة في حال عدم المبيع المطلوب
وهناك دور تفننت في النصب على الشباب المتلهف على النشر وفقط.

هل طرقت باب النشر الإلكتروني أم مازلت تفضل النشرالتقليدي؟
النشر الاليكتروني باب لابد منه لتحقيق انتشار يمهد الطريق للنشر المطبوع، نشر لي اليكترونيا منذ عام 2005 حتى يناير 2008 بداية النشر المطبوع لي، واستمر النشر الالكتروني بعد ذلك، منها على سبيل المثال رواية ( الزلزال ) التي حظيت بمئات الآلاف من القراءة الالكترونية رغم عدم طباعتها حتى الآن.

هل ماهو رائج الأن من قصة وشعر ورواية يعبر عن الإنسان العربى وأزماتة وصراعه مع ضغوط الحياة ومعذاتة؟
ثلت الموجود على الساحة يحقق ذلك بالفعل.

هل توجد علاقة بين الأدب والعلوم الإنسانية؟ وماهى أهم المهارات الواجب توافرها لدى الكاتب؟
الأدب هو الدماء التي تسري بالجسد، لذا لا يمكن فصله عن أي من أجزاءه لا رأس ولا قدم، وبالتالي جميع العلوم هي روافد ومنابع له.
اذا رزق الله الكاتب بموهبة الخيال الجامح، عليه أن يتسلح بالمعرفة واللغة التي تجعله قادرا على تشكيله بموضعه وصورته الصحيحة

ماهى نقاط التميز التي يمتلكها الأدب العربى؟
لغة القرآن الكريم الثرية والقوية والفضفاضة

هل المثقف العربي عنصر فعال ومؤثرأم انه اصبح أداة في يد من يملك المال؟
المثقف العربي الآن للأسف لا يدرك مدى قوته وتأثيره، عمل درامي واحد قد يشكل وعي ووجدان أمة، فقد يكون هذا العمل مبني على رواية أدبية.
الحياة المادية الطاحنة جعلت المثقف العربي يلهث لاستقراره الذاتي والأسري، وبالتالي تستهلكه في صراعات جانبية تلهيه تماما عن رسالته التي لو أدركها من بيده الأمر لدفعه للتفرغ التام لها، ولكن منطقتنا العربية التي تموج بالصراعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا تدرك هذا الجانب، فتركته لتتلقفه رياح الحياة بين يدي أصحاب الثروات تارة، وبين أنياب اليأس والهزيمة النفسية تارة أخرى.

ماهو تعريفك للمثقف؟ كيف يمكن بناء جسر بين النخبة المثقفة والبسطاء من الناس؟
المثقف هو الشخص التي تكون لديه جزء معرفي كبير يمكنه من طرح الجديد وتحريك المياة الراكدة منذ أمد؛ وبالتالي بناء الجسر يتطلب منه المعايشة الحقيقية لكافة أنماط الحياة.

هل الكتابة هدف أم وسيلة؟ وهل الموهبة وحدها تكفى ليكون الكاتب قادر على صياغة نص جيد؟
الكتابة وسيلة لتحقيق أهداف قد تكون صغرى بتفريغ طاقة أو جمع مال أو تحقيق شهرة، وقد تكون كبرى ببناء وعي وتغيير مجتمعي وطرح فكري.
وبالتالي الموهبة وحدها لا تكفي يجب صقلها وتطويرها والتسلح لها بما يساعدها على الظهور السليم وتحقيق أهداف صاحبها أيا كانت.

أخيرا كيف تقيم مسيرتك في الكتابة؟
ما زلت في خطواتي الأولى.

حوار: الاستاذ غيشي نبيل

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى