مسيرة حياة الشاعر عراقي : بدر شاكر السياب رحمه الله
بَدْر شاكِر السيَّاب ولد في قرَية جِيْكُور في محافظة البصرة في جنوب العراق، شاعر عراقي يعد واحدًا من الشعراء المشهورين في الوطن العربي في القرن العشرين، كما يعتبر أحد مؤسسي الشعر الحر في الأدب العربي.
عاش بدر شاكر السيّاب متنقلاً بين جيكور وأبي الخصيب والبصرة لتلقِّي علومه الدراسيّة، ثمّ التحق بدار المعلمين في بغداد عام 1943م، ودرس أدب اللغة العربية لمدة عامين، وفي العالم الثالث انتقل إلى قسم أدب اللغة الانجليزية، وتخرّج منه عام 1949م حاملاً شهادة في اللغة الإنجليزية والأدب الإنجليزي
بدأ السيّاب بواكيره الشعرية عندما كان شاباً صغيراً، فبدأ بنظم الشعر باللهجة العراقية الدارجة، ثم تحوّل إلى الشعر الفصيح محتذياً بشعراء المدرسة الرومانسية، إلّا أنّ شعره لم يتميّز بشئ جديدٍ في تلك المرحلة، ولم يتّفرد بشيء لا سيّما في بناء القصيدة، وقد أنتج حينها ديوان (أزهار ذابلة)، وديوان (أساطير)، وعند نهاية الحرب العالمية الثانية ومع دخول ثقاقات مختلفة إلى البلاد بدأ السيّاب مرحلةً جديدةً من شعره امتازت بغزارة الإنتاج، حيث وضع عدة دواويين شعرية أهمها: (أنشودة المطر) و(المعبد الغريق)، و(منزل الأقنان)، و(شناشيل ابنة الجلبي)، وفي تلك المرحلة بدأ ينأى بشعره عن منحنى الشعر التقليدي القديم، ويسعى لبناء أنماط جديدة للقصيدة، فأصبح في مقدمة الشعراء المجدّدين في الشعر العربي الحديث، وفي نهاية الأربعينيات وضع أول قصيدةٍ له بأسلوبٍ جديدٍ من ألوان الشعر
المراحل الشعريّة عند بدر شاكر السيّاب ٤ السمات الشعريّة عند بدر شاكر السيّاب ٥ محاور شعر بدر شاكر السيّاب ٦ شعراء تأثر بهم السياب ٧ مؤلفات بدر شاكر السيّاب ٨ المراجع ذات صلة خصائص شعر بدر شاكر السياب أشعار بدر شاكر السياب نبذة عن بدر شاكر السيّاب بدر شاكر السيّاب شاعرٌ عربيٌّ عراقيّ الأصل، وهو من أشهر روّاد التجديد في الشعر العربي المعاصر، ومن أوائل مؤسسي مدرسة الشعر الحر، حيث قام بذلك بالاشتراك مع مجموعةٍ من أشهر الشعراء أمثال صلاح عبد الصبور، وأمل دنقل، ولميعة عباس عمارة، وقد تميّزت قصائد السيّاب بالتدفق الشعري، والخروج عن الشكل التقليدي للقصيدة، كما اتّسمت بلمحة حزنٍ سيطرت عليها، وذلك بسبب ظروف حياته الصعبة، من الناحية الاجتماعية والنفسية والجسدية، لا سيّما مرضه الذي أدى في النهاية إلى موته يوم الرابع والعشرين من شهر كانون الأول من عام 1964م.[١][٢] 0 seconds of 0 seconds حياة بدر شاكر السيّاب وُلد بدر شاكر بن عبد الجبار بن مرزوق عام 1926م، في يومٍ وشهرٍ مجهولَين حتى بالنسبة للشاعر نفسه، فقد نسي والده عند تسجيله تاريخ مولده بالتحديد، وكانت ولادته في قريةٍ صغيرة وبسيطة جداً، ذات طبيعةٍ خلابةٍ تقع جنوب العراق وتسمى (جيكور)، وكان معظم سكان هذه القرية يعملون في فلاحة أشجار النخيل، أمّا والده شاكر عبد الجبار فكان كغيره من سكان القرية يعمل كما يعملون في فلاحة أشجار النخيل، ويعيش في ضيقٍ مادي في بيت العائلة الممتدة، وكانت أمّه كريمة التي هي ابنة عم والده قد أنجبت ولدين آخرين غير بدر، وهما عبدالله ومصطفى، وبنتاً توفيت هي ووالدتها إثر وضعها في عام 1930م، فعاش بدر يتيم الأم وهو في السادسة من عمره، ونشأ متنقلاً بين بيت جده لأبيه وجدته لأمه.[٣] عاش بدر شاكر السيّاب متنقلاً بين جيكور وأبي الخصيب والبصرة لتلقِّي علومه الدراسيّة، ثمّ التحق بدار المعلمين في بغداد عام 1943م، ودرس أدب اللغة العربية لمدة عامين، وفي العالم الثالث انتقل إلى قسم أدب اللغة الانجليزية، وتخرّج منه عام 1949م حاملاً شهادة في اللغة الإنجليزية والأدب الإنجليزي.[٤] المراحل الشعريّة عند بدر شاكر السيّاب بدأ السيّاب بواكيره الشعرية عندما كان شاباً صغيراً، فبدأ بنظم الشعر باللهجة العراقية الدارجة، ثم تحوّل إلى الشعر الفصيح محتذياً بشعراء المدرسة الرومانسية، إلّا أنّ شعره لم يتميّز بشئ جديدٍ في تلك المرحلة، ولم يتّفرد بشيء لا سيّما في بناء القصيدة، وقد أنتج حينها ديوان (أزهار ذابلة)، وديوان (أساطير)، وعند نهاية الحرب العالمية الثانية ومع دخول ثقاقات مختلفة إلى البلاد بدأ السيّاب مرحلةً جديدةً من شعره امتازت بغزارة الإنتاج، حيث وضع عدة دواويين شعرية أهمها: (أنشودة المطر) و(المعبد الغريق)، و(منزل الأقنان)، و(شناشيل ابنة الجلبي)، وفي تلك المرحلة بدأ ينأى بشعره عن منحنى الشعر التقليدي القديم، ويسعى لبناء أنماط جديدة للقصيدة، فأصبح في مقدمة الشعراء المجدّدين في الشعر العربي الحديث، وفي نهاية الأربعينيات وضع أول قصيدةٍ له بأسلوبٍ جديدٍ من حيث الوزن والقافية افتتح بها مشروعه الحداثي وهي قصيدة (هل كان حباً).[٥] السمات الشعريّة عند بدر شاكر السيّاب التراكيب اللغوية والألفاظ استخدام تعابير جديدة: إنّ للسياب رؤيةٌ حول التعابير التي ينبغي للشاعر الحديث استخدامها في نصوصه الشعرية عبَّر عنها في قوله: “إنّ الشاعر الحديث مطالب بخلق تعابير جديدةٍ، إنّ عليه أن ينحت لا أن يرصف الأجر القديم”، وقد اتّسم شعر السيّاب باستخدامه للتعابير الجديدة، وذلك كما في قصيدته (ابن الشهيد) حيث قال كما يأتي:[٥] يا ليتني ما زلتُ في لعبي في ريف جيكور الذي لا يميلُ عنه الربيع الأبيض الأخضر السّهل يندى و الرّبى تُزهرُ ويُطفئ الأحلام في مُقلتي كأنها مِنفضة للرمادْ همس كشوكٍ مسّ من جبهتي يُنذر بالسارين فوق الجيادْ إذ يُلاحظ في المثال السابق التحام التراكيب اللغوية، وترابطها وانصياعها للفكرة ودلالاتها، وهذا ما تتّسم به معظم النصوص الشعرية عند السيّاب الذي كان مهتماً بسبر أغوار القديم لغةً وأسلوباً منذ بداياته.[٥] استخدام الألفاظ المضعفة: كثُرت الألفاظ المضعّفة في نصوص السيّاب الشعرية، والتي أضفت على النص سمات موسيقية وأخرى دلاليّة، ومثال على تلك الألفاظ (هسهسة، وغمغمة) اللتين جاءتا في قصيدته (أطفال وأسلحة)، وهذه بعضٌ من أبياتها:[٥] عصافير؟ أم صبيةٌ تمرح عليها سناً من غدٍ يلمح؟ وأقدامها العارية مُحارٌ يُصلصل في ساقية لأذيالهم رفة الشمألٍ سرت عبر حقلٍ من السَنبل وهسهسٌة الخبز في يوم عيدْ وغمغمة الأم باسم الوليدْ تناغيه في يومه الأول استخدام الألفاظ العامية والشعبية: أكثر السيّاب في شعره من استخدام الألفاظ العامية -العراقية الدارجة- بعد أن طوّعها مبرزاً جمالياتها في إيصال فكرته ومشاعره للمتلقي، ومن هذه الألفاظ: ( كوخ، شناشيل، مجداف، تنور، دندنة…إلخ).[٥] استخدام الألفاظ المكانية: انتشرت ألفاظ المكان في قصائد السيّاب مثل: ( البيت، النافذة، الجدار، النهر، المدينة، جيكور، بويب..إلخ) ومثال على تلك الألفاط ما جاء في قصيدته (أفياء جيكور) حيث قال كما يأتي:[٥] جيكور، جيكور ياحقلاً من النور ثم قال: جيكور مسّي جبيني فهو ملتهب مسّيه بالسَّعِف و السنبل الترف الصورة الفنيّة يمكن تعريف الصورة الفنية بأنّها مقدرة المبدع على إنتاج صورةٍ بيانيةٍ أو بلاغيةٍ تعبّرعن الهيئة الحسيّة والشعورية بالربط بين شبيهين أو شكلين، ويرى السيّاب الصورة الفنية على أنّها “نسخة جمالية تَستحضر فيها لغة الإبداع الهيئتين الحسيّة والشعورية للأجسام أو المعاني، بصياغة جديدة تمليها موهبة المبدع وتجربته وفق تعادليّة فنية بين طرفين هما المجاز والحقيقة” كما قال، وقد امتلأ شعره بالصور الفنيّة المختلفة، إذ اتّخذ منها وسيلةً للتعبير عن أفكاره وعواطفه، والتي من أهم ميزاتها ما يأتي:[٥] استخدامه للمجاز بكثرة كما في النص الآتي حيث استخدم الاستعارة، فاستعار خاصية الهمس من الإنسان إلى سعف النخيل:[٥] في ليلة قمراء سكرى بالأغاني، في الجنوب نقرالدرابك من بعيد يتهامس السعف الثقيل به، ويصمت من جديد الاستعانة بالقصص الأسطورية: سبق السيّاب شعراء جيله في اكتشاف قيمة الأسطورة في إثراء النص الشعري من الناحية الفنية والفكرية، فشغلت الأسطورة حيزاً كبيراً في قصائده إذ جعلها رموزاً في أشعاره، وهي رموز تعود لحضاراتٍ مختلفةٍ كالحضارة البابلية، والأشورية، والرومانية، واليونانية، والفرعونية، والعربية الشعبية، ومن هذه الرموز ما هو حقيقي وما هو خرافي، مثل: (المسيح، السندباد، أيوب، أوديب، عشتار، تمور..إلخ)، ويجدر القول أنّ كثرة استخدام السيّاب للأسطورة أضفى على قصائده جمالاً وإبداعاً رغم الغموض الذي أحاط بها، ومن الأمثلة على استخدام السيّاب للأسطورة قوله في قصيدة (غريبٌ على الخليج):[٥] غنيت تربتك الحبيبة وحملتها فأنا المسيح يجرّ في المنفى صليبه المستوى الدلاليّ خلّف السيّاب وراءه إرثاً شعرياً غزيراً مبنىً ومعنىً رغم قِصَرعمره، ورغم مصاعب حياته، لا سيّما يُتمه وحرمانه من حنان أمّه وعطفها وهو لازال في الرابعة من عمره، إضافةً إلى مرضه وفقره، وفي هذا دلالة على عبقريته الفذّة وعلى سعة ثقافته، وقد كان لتلك الظروف التي عاشها السيّاب أثراً كبيراً في شعره، فقد جسّد حياته في ذلك الشعر بآلامها الجسدية والنفسية، وأنتج قصائد كوّنتها تجربته الذاتية تعددت موضوعاتها الشعرية بشكلٍ كبيرٍ جداً، وامتلأت بذكر ألفاظ الشقاء: (كالموت، والمنيّة، والرّدى، والوصيّة، والحزن، والغربة) وما إلى ذلك من ألفاظٍ كئيبةٍ، أمّا عن أهم الموضوعات في شعر السيّاب فهي:[٥] الحب والشقاء: ممّا لا شك فيه أن فقدان الأم هو فقدانٌ لأعظم حبٍ في الوجود، والسيّاب قال معبراً عن فقدانه لهذا الحب في قصيدته (الباب تقرعه الرياح):[٥] هي روحُ أمي هزّها الحب العميق حبّ الأمومةِ فهي تبكي آه يا ولدي البعيد عن الديارْ ويلاه كيفَ تعودُ وحدك لا دليلْ و لا رفيقْ أماه ليتكِ لم تغيبي خلفَ سور من حجارْ لا بابٌ فيه لكي أدقّ و لا نوافذٌ في الجدارْ الغزل: شغلّ الغزل جزءًا كبيراً من ديوان السيّاب، ولعلَّ السبب في ذلك تعطّشه لحنان الأمومة الذي حُرم منه في صغره، فقال مرّة متغزلاً في زميلاته اللواتي كنّ يستعرنّ ديوانه الشعريّ ليقرأنّه:[٥] ديوانُ شعرٍ ملؤهُ غزلُ بينَ العذارى راحَ ينتَقِلُ أنفاسيَ الحرّى تهيمُ على صفحاتهِ، والحبّ ُ والأملُ الشعر الوطني: أدى فقدان السيّاب لأمه ثم لأبيه وجدته، بالإضافة إلى فقره ومرضه إلى شعوره بالغربة وهو في أحضان وطنه العراق، وازداد هذا الشعور وتعمّق في وجدانه بعد رحيله عنه وتنقّله بين الدول بسبب ظروفه السياسية والصحية، فعبّر عن ذلك في قصيدته (لأنّي غريب) وقال:[٥] لأنّي غريبْ لأنّ العراق الحبيبْ بعيدٌ و أني هنا في اشتياقْ إليه إليها أنادي : عراقْ الموت: كَثُر ذكر الموت في قصائد السيّاب الأخيرة حتى طغى على ذكر الحب، فها هو في قصيدته (دار جدي) يتحسّر على حياته ويتباكى على أجله الذي دنا، فأنشد قائلاً:[٥] أهكذا السنون تذهب أهكذا الحياة تنضب؟ أحسُّ أنني أذوب أتعب أموت كالشجر. وقال في قصيدة أخرى متمنياً الموت بسبب شدة آلامه: منطرحاً أصيح..أنهش الحجار أريدُ الموت يا إله محاور شعر بدر شاكر السيّاب يدور شعر السيّاب من حيث المضمون حول ثلاثة محاورٍ وهي كما يأتي: الزمكان لعب مفهوم الزمكان -الزمان المكانيّ- دوراً كبيراً في شعر السيّاب، وقد تجلّى إبداع السيّاب في وعيه بزمانه ومكانه من خلال تجربته الإنسانية بشكل عام والذاتية بشكل خاص، وقد ارتبط المكان والزمان عند الشاعر ببعضهما وشكّلا جزءاً مركزيّاً من البناء النفسي والعاطفي لديه، فإحساسه بالمكان ولّد عنده إحساسه بالزمان، إذ تمثلت في شعره الأزمنة على شكل شخوصٍ وأشياء مكانية، وكان تركيزه منصباً على الزمكان الأسطوري الخيالي هروباً من الواقع، أمّا المكان الذي ارتبط به شاعرنا وكان له حضوراً قوياً في شعره، فهو قريته التي نشأ بها، والتي هي بالنسبة له أكبر بكثيرٍ من كونها رقعةً جفرافيةً، حيث استطاع عن طريقها إثارة الكثير من المعاني، وتشكيل نصوص شعرية كثيفة ذات دلالةٍ زمانيةٍ ومكانيةٍ اتّسمت بصدق العاطفة، وعمق انتماء الشاعر لقريته ومسقط رأسه جيكور.[٦] يحنّ السيّاب إلى جيكور كمكان ارتبط في ذهنة بزمنٍ سعيدٍ حيث طفولته وأيام صباه، فيستدعي ذكرياته فيها لأن آلام الحاضر وهمومه أثقلتا كاهله وبعثتا في أعماقه الشوق والحنين إلی ذلك الزمن، فيحاول الشاعر الهروب من حاضره ملتمساً الراحة حتى وإن كانت في الخيال، وحين يستدعي السيّاب جيكورالمكان يستدعي الزمن أيضاً، إذ لا يمكن إلأ أن يستدعيهما معاً، لأنّ ذكرياته ليست مرتبطة بالمكان وحده بل بالزمان أيضاً، فجيكورالمكان دون الزمان مُقفرةٌ، ويصف السيّاب في قصدية له جيكورعند عودته ورؤيته لها وقد غيرتها عوامل الزمن، وحولت بيت جده إلى مكان خاوٍ لا حياة فيه، وهو إذ يصف ذلك إنما يصف حزنه لرؤية المكان الذي احتضن ماضيه قد غيّر ملامحه الزمان، فيقول كما يأتي:[٦] وحين تقفر البيوت من بناتها وساكنيها، من أغانيها ومن شكاتها نحسّ كيف يسحق الزمان إذ يدور الرمز يُعدّ السيّاب أكثر الشعراء العراقيين توظيفاً للرمز والأسطورة في نصوصه الشعرية، وذلك بسبب معاناته الجسدية والنفسية، وبسبب أحوال العراق السياسية، متبعاً بذلك أسلوب أبي تمام وإديث ستويل، وهذا ما أخبر به السيّاب نفسه حيث قال: “أغلـب قـصائدي هـي مـزيج مــن طريقـة أبـي تمـام، وطريقـة ايـديث سـتويل: إدخـال عنـصر الثقافـة والاســتعانة بالأساطير والتأريخ والتضمين في كتابة الـشعر”، وقد طوّر السياب المذهب الرمزي بأسلوبه المتفرد، فابتدع رموزاً شخصيةً، وأقنعةً شعريةً تََخفّى خلف شخوصها ليستطيع أن يمرّرعبرها أفكاره وآماله، واتكأ عليها في التعبيرعن معاناته الشخصية وعن معاناة وطنه، فاستطاع بواستطها التقريب بين الرمز والواقع، وقد وسمت هذه الرموز شعره بالأصالة، وأضفت عليه جمالاً وسحراً نادرين.[٦] كثُرت الرموز في شعر السيّاب وتنوعت وتشعبت، ومن أهم الصور الرمزية ظهوراً في شعره (المرأة) التي شغلت جزءاً كبيراً من أشعاره، وشكّلت الكثير من الإيحاءات والدلالات المختلفة، ومن تلك الصور الرمزية مثلاً: المطر في قصيدة (المطر) الذي يرمز إلى الأم والحبيبة وإلى أرض العراق، (وجميلة) التي ترمز إلى النضال والكفاح والتضحية في قصيدة (جميلة بوحيرد)، أمّا (إقبال) في قصيدة (الوصية) فهي رمز لجيكور،[٦] واستطاع السيّاب من خلال استخدامه للرمز أن يعبّر عن خلجات نفسه، فمزج بين الرمز ومعاناته الشخصية كي يستطيع مواجهة آلامه، وجسّد هموم الإنسان وأحلامه مستعيناً بكل ما في الرمز من دلالات جمالية وطاقات إيحائية، وقد لجأ إلى التخفي وراء الرمز ليستطيع محاربة قوى الفساد التي ليس من الممكن محاربتها بشكل مباشر، فوجد في الرمز ملاذاً آمناً استطاع عن طريقه تجاوز عالم الوعي إلى اللاوعي هروباً من الواقع المضطرب.[٦] الاغتراب يتّضح من خلال دراسة النص الشعري للسياب والولوج في أعماقه تحليلاً أنّه عانى من حالات عدّة من الاغتراب، ويُعد ّاغتراب الإنسان المكاني والروحي بكل ما يحمل من شمولية في المعنى من أهم ما يميِّزالمضمون الإنساني لإنتاج الشاعر، وقد امتلأت نصوص السياب الشعرية بمفرداتٍ عبّر بها عن شعوره بالاغتراب أظهرت بشكلٍ جليّ معانانته وآلامه، ومن هذه الألفاظ: (الوحيد، الطريد، الشريد، الغريب، الحزين، القبر..إلخ)، وما إلى ذلك من مفردات جسّدت معاني الغربة عند السيّاب وشكلّت جوهر شعره، وأظهرت براعته في التعبير عن أوجاعها، وقد ارتبط شعوره بالاغتراب بفقدانه لأمه وأبيه وجدته، إذ كان هذا أول وأكبر اغترابٍ له في حياته، لكنّه ظل دفيناً في نفسه واستر في التعاظُم، لا سيمّا في ظل تردّي أحوال الواقع الذي كان يعيش فيه بما في ذلك صراع القيم بين الحاضر والماضي. وصف السيّاب شعوره بالاغتراب بابداعٍ في نصوصه الشعرية، وصوّره كما لم يصوره شاعرٌ في عصره، ومن ذلك النص الآتي حيث وصف فيه حنينه إلى أمه في ليالي الخريف الطويلة في ليالي الخريفِ الطِّوال آهِ لو تَعلمِين كيف يَطغى عليَّ الأسى والمِلال؟! في ضلوعي ظلامُ القُبورِ السجين في ضلوعي يصيح الرَّدَى بالتراب الذي كان أمي: «غدًا سوف يأتي، فلا تُقلقي بالنحيب عالمَ الموتِ، حيث السكونُ الرهيب شعراء تأثر بهم السياب تأثّر السيّاب أثناء تطور مراحل شعره ببعض شعراء العرب القدامى والمحدثين وبعض شعراء الغرب، لاسّيما في الخمسينيات إذ تأثر آنذاك بالشاعرين البريطانيين وليم شكسبير وجون كيتس، وقد نُقل عن السيّاب قوله: “وأكاد أعتبر نفسي متأثراً بعض التأثر بكيتس من ناحية الاهتمام بالصور، بحيث يعطيك كل بيت صورة، وبشكسبير من ناحية الاهتمام بالصور التراجيدية العنيفة، وأنا معجب بتوماس إليوت، متأثر بأسلوبه لا أكثر، ولا تنس دانتي فأنا أكاد أفضّله على كل شاعر”، ويُذكر أنّ السيّاب ذكر في عام 1956م أنّ البحتري هو أول شاعرٍ تأثر به، ثمّ تأثّر بعد ذلك بالشاعر المصري علي محمود طه فترةً من الزمن، وأنّه قد أفاد من مطالعته لترجماته للشعراء البريطانيين والفرنسيين، حيث تعرّف على آلوانٍ جديدةٍ من الشعر.
تاريخ ومكان الميلاد: 24 ديسمبر 1926، البصرة
تاريخ ومكان الوفاة: 24 ديسمبر 1964، المستشفى الأميري، مدينة الكويت، الكويت
مكان الدفن: مقبرة الحسن البصري، الزبير