صة قصيرة مَاهِيَّةِ الْأُمُور أَشَدّ خُطُورِه بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت
قصة قصيرة
مَاهِيَّةِ الْأُمُور أَشَدّ خُطُورِه
بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت
تلسن المِذْياع عَنْ مَاهِيَّةِ الْأُمُور أَشَدّ خُطُورِه ، عَنْ مَا ضَمَر فِى رَحِيل السَّنَوَات الْفَانِيَة ، مَاذَا قَالَت الْأَخْبَار ؟ ! وَمَاذَا ستقول ؟ ! شَيّ لَن يُصَدِّقْه عَقْل .
يَسْتَعْرِض المِذْياع أَقْوَالِه وَكَأَنَّهَا بِشَارَةٌ مستهلة أَضَاءَت وَجْه المذيع يالا سَعَادَة الْقَدْر ، يَجْهَر برحابة وَاتَّسَع صَدْر ، كَأَنَّه يَتَنَكَّر مِنْ الْمَاضِي المزعج فِى بَوْحٌ هَادِي وارِف الظَّلاَل يَبْتَسِم بوجها مُسْتَقَرٌّ مِنْ الْبَحْرِ ، يَطُوف بذكراه :
بَيَان هااام///
ناسِف عَلَى فَنَاءِ الْجَمِيع ، بَعْدَ قَضَاءِ الْوَبَاء العالمى الَّذِى تَفَشِّي بَيْنَ الشُّعُوبِ ، الملقلب بِـ ( كورونا )
نخاطبكم بِالْأَمَان نَحْن شَعُوب القُوَّات الْعَظَمَة ، شَعُوب الشَّرْقِ الأوْسط ، ناسِف عَلَى نُقْصَانِ زاويكم والتلاشى مِنْهُم ، عَلَى
الْجَمِيعِ إنْ يُدْرِكَ أَنَّنَا وَطَن الأُمَّةُ العَرَبِيَّةُ ، نَمُدُّ أَيْدِيَنَا لِكُلّ
مُحْتَاجٌ يَدًا نَحْو الْعِمَالَة وَكِلَا نَحْو تَطوير بِلَادِه الَّتِى بَاتَت
فَارِغَةً مِنْ الْبَشَرِيَّة ، نَحْن الْأُمَّة كِنَايَةٌ الشَّرْقِ الأوْسطِ هُنَا بِلَادِنَا وَهُنَا نَمُدُّ أَيْدِيَنَا لِكُلّ طَالِب التأهيل لِلْحَيَاة ، التَّفَاوُض مِنْ أَجْلِ
الِاسْتِقْرَار ، كُلَّ البِلادِ بِلَادِنَا والشعوب مُخْتَلَفٌ أَلْوَانُهَا شعوبنا
إنَّمَا الهَدَف وَاحِدٍ هُوَ أَنْ نَعيش فِى سَلَام ، بِلَا مقاتلين بِلَا
محتلين ، نعلن لِكُلّ الْبَشَرِيَّة أَنْتُمْ أَحْرَارٌ خَارِج دَائِرَة المحتلين والارهابيين والمنشقين ، طَالَمَا كَانَت الْخُطَى فِى سَبِيلِ الْحَقِّ وَإِعْطَاء الْمَشْرُوعِيَّة لِكُلّ الْبِلَاد فِى تَطوير أَنْفُسِهَا بِلَا غُمُوضٌ
وَرِيبَة ، فَنَحْن لَكُم الْأَمَان ومتسع مِنْ الْإِدْرَاكِ وبداية مُسْتَقِرٌّ ،
إنْ كَانَ سِيَاسَة التَّقَدُّم ، الْقَضَاءِ عَلَى الْعُقُول المحرفة
والمنحرفة ، لِكُلّ الْبِلَاد ، عَلَيْكُم تَغَيَّير التَّارِيخِ مِنْ أَجْلِ الأَجْيَال
الصاعدة ، عَلَيْكُم تَغَيَّير الْعَالَمِ مِنْ جَدِيدٍ والتخلى عَن التَّطَرُّف والعنصرية ، التَّمَسُّك بِالْمَبَادِئ وَالدِّين ، وَخَلْقٌ بِيئَة صَالَحَه بِيَدِ كُلِّ مَوَاطِنٍ وَحَيَاة أَفْضَل بِلَا حُرُوبٌ ، بَلْ إنْ الْحَيَاةَ تَبْدَأُ مِنْ
الْيَوْمِ الْمُوَفِّق أَلْفَان وَثَلَاثُون فِى الْيَوْمِ وَالسَّاعَةِ .
وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ والمستعان .
سَكَت المِذْياع حَتَّى نَظَرَ الْغُلَام لِأَبِيه الَّذِى كَانَ يَنْظُرُ بِعُيون
الوداعة لبراح عَلَى امْتِدَادِ خَلَّى مِنْ الْبَشَرِيَّة مِن الْأَمْيَال ،
حَتَّى تَسَاءل الطِّفْلِ الصَّغِيرِ :
أَبِى مامعنى الْحُرُوب والصراعات ؟ !
نَظَرٌ الْأَبُ إلَى السَّمَاءِ مُتَذَكِّرًا مُشَاهَدٌ قَاسِيَة مِنْ الْمَاضِي :
كَانَت الْحُرُوب فِى زَمَنِ الماضى مُنْذ ثَلَاثُون عَام ، بَيْنَ الْبِلَادِ
وَبَعْضُهَا ، الْقُوَى يَتَغَلَّب عَلَى الضَّعِيفِ نَظَرًا لأهمية الْمَوْقِع
وَثَرْوَة البِلاَدِ وَدُخُولِ الْأَفْكَار الإرهابية خَسِيسَة خِضَمّ وَلَعَلَّهَا
بالتحريف وَالْقَتْل وَإِثَارَة الْفِتْنَة فِى الْبِلَاد الَّتِى تَقْضِي عَلَى
الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَفَرْض السُّلْطَة لِأَغْرَاض سِيَاسِيَّةٌ .
نَظَرٌ الطِّفْل نَظَرِه مُبْهَمَة ، حَتَّى قَالَ رُبَّمَا يُسْتَدَلّ بِذَلِكَ عَلَى
دَلِيلٍ :
هَلْ هُنَاكَ كَتَب تَارِيخِيَّةٌ عَنْ ذَلِكَ يَا أَبِى ؟ !
نَظَرٌ الْأَب لِأَكْبَر حَدَث بِالتَّارِيخ قَائِلًا :
لَلْأَسَف تَفَشَّى الْمَرَضُ الوبائى (كورونا)وتضؤل الشُّعُوب وَرَأَت الْبَشَرِيَّة إنَّهَا بَيْنَ الْأَفْضَلُ أَنْ تَقْطَعَ هَمْزَةُ الْوَصْلِ بَيْنَ الْمَاضِي
وَالْمُسْتَقْبَلِ الَّذِى هُوَ بِمَثَابَةِ تَغْيِير الْعَالِم ، قَرَّر اليائسين حَرَق
تَارِيخ الْحُرُوب المخفقة وَطَمَس ذَكَر أَعْدَاءَ الدِّينِ ، لِأَنَّهُم تقلصوا وَ تَمّ
نَفْيِهِم بِلَاد بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ لَن يَعْرِفُهَا إلَّا كُلُّ مُلْتَقَى بحتفة ،
وَالْإِبْقَاء يَا بَنِى لَنْ يَكُونَ إلَّا بِسَيْرِه الْعُظَمَاء وترسيخ الدِّين
ومؤسسين صِنَاعَة الْبِلَاد الْعُظَمَاء .
تَفَكَّر الصَّبِىّ قَلِيلًا ثُمَّ قَالَ :
لَكِن يَأْبَى الْبِلَاد المسيطرة بِالسِّلَاح وَالْقُوَّة ؟ !
تَنَهُّدٌ الْأَب بالأسي قَائِلًا :
مَات المسيطرون والمتسلحون ، وَكَانَ الْعَالَمُ وَلَدٌ مِنْ جَدِيدٍ ،
وَالْقُوَّة الْعُظْمَى تَتَمَتَّع بِهَا الشَّرْق ، وَالْآن نُدْرِك مَدَى أَهَمِّيَّة
تَغَيَّير الْعَالِم ، مَنْ لَا يُغَيِّرُ مِنْ قَدِيمَةٌ وَيُصْنَع تَارِيخ جَدِيد بِلَا
حُرُوبٌ فَنَحْن الْقُوَّة الْأَعْظَم عَوْنًا لَهُ ، وَمَن يَتَخَطَّى الْعَالِم
الْجَدِيد وَيَظَلّ بِعَهْد بِلَادِه ، بِلَادِنَا لصناعة الحَضَارَة الْجَدِيدَة
ستجعلة ذِكْرَى .
شَهِق الْغُلَام جاهرا :
يالا قُوَّة الشَّرْقِ الأوْسطِ الْجَدِيدَة .
اِبْتَسَم الْأَب بِخُشُوع وَقُوَّة إيمَانٌ :
يالا قُوَّة اللَّهِ الْغَالِبِ ، يُمْهَل اللَّهِ وَلَا يُهْمِلُ .
يُرَدِّد الْغُلَام وَمِلْأ عَيْنَاه الرَّاحَة والفرحة .
عَظِيمَةٌ هِى قَدَّرَهُ اللَّهُ .
رَدَّد الْأَب بِقَلِيلٍ مِنْ التعازى لِنَفْسِه :
عقيمة هِى قُدْرَةَ الْإِنْسَانِ ، مَا وَصَلَتْ للقمة إلَّا تَلاَشَت بِصِغَر
حَجْمَهَا وَصَارَت مَهَبّ الرِّيَاح .