صنع في الصين بقلم:ماهر اللطيف
صنع في الصين
(نثر)
بقلم :ماهر اللطيف ( تونس 🇹🇳)
حملت في يدها منديلا أبيض اللون وهي ترفعه إلى السماء
وتمسك في يدها الأخرى قارورة ماء،
فقلت لها باستهزاء وتنمر واحتقار وازدراء
“غيري الماء بغصن زيتون لتكوني زعيمة فيحاء
ترفعين راية السلام عاليا في السماء من هنا
وخضرة الزيتون وخصوبته ونعمته من هناك في الهواء،
وقولي قولا حسنا يشد العقول و َالقلوب في الاثناء” ،
فقاطعتني في الحال بعد شرب قسطا من الماء
والهمز واللمز بينها وبين الرفيقات والرفقاء
وقالت بصوتها الشجي الذي يخر لوقعه الهواء
” دعك من الثرثرة واللغو والهراء
وانظر إلى الأمام وتقدم بدل البقاء في الخفاء
ملتحفا بالجفاء ورأسك في العراء،
انضج بفكرك وطوره لنرى مقدرته على الاثراء
والعون والدفع به نحو الأمام ومكافحة الغباء
والجهل والأمية واللامبالاة والتبعية العمياء
والخنوع والاستسلام والرضوخ لاوامر من اعتلى
سدة الحكم حتى افقدنا طعم الوطنية والانتماء… ”
فقاطعتها بضحكتي المستفزة النكراء
وقلت بصوت عال شق سحاب السماء
وامطر المكان حتى فاض وكاد يغرقنا
” يا أيتها الجميلة الحسناء، يا صاحبة الدلال والبهاء
أحبك حبا جما لم يعشه أحد من البشربة جمعاء
مهما حقدت وقلت واحتقرت وغمزت مع الزملاء،
فأنت مهجة القلب ومالكته وهذا الكيان الذي هوى
ما إن رآك ذات يوم فاعتل وسقم وهوي
واعترف بالهوى وقال قف يا قلب فقد انتهى
البحث والجري وراء شريك القلب والنوى
ها هي حياتي ومنبع الدم و الهواء والماء
قد برزت واحتلت القلب الذي قنع واقتنع بها
وقال بها تحلو الحياة ومعها حتى الفناء….”
فابتسمت،نظرت إلى الحضور وقالت في حياء
“ما هذا الهراء ؟ هذا حب صنع في الصين كما أرى
ثب إلى صوابك ودع عنك هذا الانتشاء
فأنا مرتبطة وغير مستعدة لتبادل الهوى
معك وانت نكرة بالنسبة لي ولعاطفتي الهوجاء
وانت لا تتقن غير اللغو والسفسطة والانشاء”،
ثم تركتني ورحلت وبقية الزميلات والزملاء
بعد ان رشقتني بوابل من السهام السامة في الاحشاء
والقلب وكل الجسد الذي اصابه الداء
فاردته أرضا في الحال بعد أن ارتخى
وبات لا تشفيه اية وصفة أو دواء
ولا حتى اعتذارها وهو محال ومن المنى…