إشراقات متنوعةالمقال

طائرات الغرور المحطمة بقلم: “خالد الدسوقي العنوان”

بقلمي خالد الدسوقي
العنوان : طائرات الغرور المحطمة
البشر دائما يفتخرون بما يمتلكون من مزايا جميلة تفرقهم عن الجميع وتميزهم عنهم منهم ماقد يصيبه فخره و تميزه بالغرور ومنهم من يصيبه فخره بالتواضع منهم من يساعد بهذا التميز الآخرون فيكون نعمه للجميع ومنهم من يتنازل عن مساعدة الآخرون فينفرد بتميزه لنفسه فقط ذلك الفخر بالتميز يكون أشبه بفخر الصقور الجارحة بقدرتها على الانقضاض وإصطياد فريستها ومهارتها الفائقة في ملاحقه الفريسة قبل الانقضاض بنظرها الحاد تلك الميزات تجعلها تفتخر بما تمتلكه ويفتقده باقي الطيور الأخرى هذا الغرور قد ينتهى عندما يرى صقرا أكثر مقدرة منه بالمهارة كذلك هو الانسان الذى يفتخر بما يمتلكه سواء أكان ذكاءا دراسيا أو ذكاءا حياتيا أو بزوغه في موهبه ما لم يكن بهذه الموهبة أحد بمن حوله فيظل يتباهى بذلك حيثما ذهب جاهلا ماتحدث به الله في كتابه القران الكريم عندما ذكر قصه سيدنا موسي عليه السلام مع الخضر مبينا بها أنه لكل ذى علم عليم فمن يظن أنه ذكى هناك من هو أذكى منه ومن يظن أنه بارع في أمرا ما هناك من هو أبرع منه بذلك لكن من يتواضع ويتعلم من مايكون أبرع منه يكتسب الكثير من علمه فنحن خلقنا لنتعلم من بعضنا البعض
تلك هي كلماتى التى تفوهت بها شفتاى عندما كنت ماشيا برفقه أحد أصدقائي في إحدى طرقات البلدة أثناء السير إذا بي اشاهد طفلين يقومان بصناعة الطائرات الورقية فشاهدت إحدى الطفلين قد أسرع في صنع الطائره قبل الآخر قائلا لصديقه الذى بجانبه أنه لن يستطيع صناعه طائرة مثلما فعل فقام الطفل الصغير بتقطيع أعواد الخيزران وربطها ببعضها البعض واضعا عليها غطاءا ورقيا رابطا إياها بكتلة من الخيط الكثير الملفوف ببعضه البعض قائلا لصديقه لقد استطعت أن أفعل طائرة مثل مافعلت ليس هناك مستحيل مع من يحاول فطائرتى صعنتها أكثر تماسكا من طائرتك
فاندهشت انا وصديقي بهذا الفتى كثيرا الذى لم يسيطر عليه غرور صديقه فلم يعتبر الأمر مستحيلا فقام بصنع طائرة ورقية مثلما فعل صديقه المغرور
فما أغرب هذه الحياه التى يتباهى الأشخاص بغرورهم متجاهلين حقيقه البشر بما يستطيعون أن يفعلوا مثل مافعلو وأكثر
فما أشبه اليوم بالبارحه فالتاريخ يشهد بأمثالا مشابهه فهناك شخصا مغرورا للغاية أخذه الغرور بنفسه أنه شاه جيهان حاكم امبراطوريه مغول الهند الذى كانت تربطه علاقة صداقة قوية للغاية بالسلطان العثمانى الشاب مراد الرابع فأرسل مع مبعوثه إلى السلطان مراد الرابع درعا مصنوعا من عشرة طبقات من جلد وحيد القرن فالمعروف عن هذا الجلد أنه اصلب جلد حيوانى على الاطلاق فظن هذا الامبراطور المغولى أن درعه من النوع غير قابل للاختراق متغافلا لشخصية وقوة السلطان العثماني الشاب البدنيه التى لايضاهيها اى سلطان عثمانى قبله أو بعده فاعجب السلطان بكلام المبعوث عن الدرع الذى أرسله الامبراطور المغولى فأراد اختباره فأمر إحدى رجاله بإحضار رمحا ليجرب به هذا الدرع فقام السلطان العثماني الشاب برمى الرمح باقصي ماعنده فأحدث في هذا الدرع ثقبان واضحان للغاية امام أعين المبعوث المغولى للهند فاندهش جميع من حضروا هذه الحادثه بما فيهم المبعوث فتحدث إليه السلطان موجها إليه كلماته أنه ليس هناك درعا لايمكن اختراقه غير إذا كان الرامى غير واثقا بقدراته بمافعله السلطان أمام أعين المبعوث انتهى غرور الامبراطور بهذا الدرع
فلاتخلو هذه الحادثه من وجه شبه لأخرى مشابهه فما فعله الشعب المصري في حرب اكتوبر المجيدة لايختلف عن ذلك عندما انهو غرور إسرائيل وفخرها بصناعه سد برليف المنيع الذى صنعه أحد جنرالاتها فسمى هذا السد باسمه فبانهيار هذا السد انتهى غرور اسرائيل به وفخرها امام العالم به
فرغم اختلاف الماضي متمثلا بارسال امبراطور الهند لدرعه الصلب إلى السلطان العثماني الشاب مراد الرابع واعتقاده أنه لايمكن لأحد اختراقه وفخره به و صناعه اسرائيل لسد برليف المنيع وفخرها امام اعين العالم بانه لايمكن تحطيمه و الحاضر متمثلا بالطفلين اللذان يصنعان الطائرات الورقيه اللذان رايتهما أثناء سيرى مع أحد أصدقائي إلا أنه ظهر أن كلا من الاحداث الثلاثة قد جمعهم شيء واحد فقط إلا وهو أنه ليس هناك شيء مستحيل .

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى