عزاءُ طبيعةٍ بقلم ✏الكاتبة سكينة الرفوع
” عزاءُ طبيعةٍ”
على ضفافِ نهرٍ صافٍ ، لم تخدشْ ذراتُ مياههِ عوادمَ المقتِ ، و قسوة المَدَنيّة ، تجري مياهه بحركةٍ موسيقيةٍ ، تُذكّرني بحركاتِ رقصٍ على معزوفةِ البجعِ ، سواقي تشبه في تشكيلها قوافٍ شعريةٍ ، وأشجارٍ عُذريّةٍ لم تغتالها بعدُ يدٍ مشوهةٍ تقتاتُ القسوةَ ، وتسرقُ الابتسامةَ من ثغرِ الشمسِ.
زهورٌ تنتظرُ وَلَهَ الانبثاقِ ترسمُ موعدَ عشقٍ مع فراشاتِ الأملِ ، فلاحون يُغازلونَ الأرضَ ذاتَ غسقٍ ، يشهدونَ لحظةَ ولادةِ الشمسِ من رحمِ الظّلامِ ، نسائمُ ترفٍ تستثيرُ شُجونَ عاشقٍ ،
تركَ قصيدته بينَ نُدماءِ الوَلَهِ يُصارعونَ الهجرَ وأنّاتِ الرّحيلِ، وفي حفيفِ أوراقُ الشّجرِ لحظة السّكون نكهةُ طربٍ تُلهم عازفَ عُودٍ ابتكار لحن يترك أثره على مبسمٍ جَذِلٍ لعاشقٍ رأى محبوبته بعد طول غياب.
بين وشاشاتِ الأفنانِ المتموجةِ على أكتافِ خميلةِ بذخٍ يتعالى صوت ابتهالاتِ حمائمَ تستعطفُ نداءاتِ بقايا إنسانيةٍ في قلوب قاسيةٍ ، وتتوسلُ إليها بصكوك غفرانيةٍ ببقاءِ برزخ سكينتها ، يستفحل مدَّ غطرسةٍ وتتماهى فيه جزر عدالة تستبد مدنيّة، تُشّيع كلّ يومٍ شجرة تترك خلفها وصيةً تنذر بوحشيةٍ قادمةٍ تحملُ مناشيرَ من وجلٍ رغبتها في الحياة، بين أحلامٍ مُعتّقةٍ بحريةٍ تتشبُثُ بها خُضرةٌ تهربُ من طغيانِ اسفلتٍ يغزو شعرها، فيحيله رماداً
هناك تمارس طقوس عزاء لطبيعةٍ أُجهضتْ ، يعلو صوت تناغي ذبذباته وقْعُ أصداء نايات سلامٍ
مناجاةٌ تتولّدُ من أكوامِ الرحمةِ.
نبرات استغاثةٍ تجرحُ تجاعيد حائط الصمت تخطُّ لافتةً نقشتْ حروفها بعصاراتٍ مكلومةٍ :
” أعيدوا للأرضٍ صورتها الأولى التي اغتصبت في أحداقِ طفولةٍ تبحثُ عن غاباتِ فرحٍ ”
سكينة الرفوع
الأردن – البحرين