علب الصفيح بقلم عبد الصاحب ابراهيم اميري
قصة قصيرة
علب الصفيح
عبد الصاحب إبراهيم أميري،
،،،،،،،،،
يبدو أن فصل الشتاء، ، لا يود ان يذهب بسلام، منذ أسبوع وسماء بغداد ، لن تهدأ ،. بيوت الصفيح في حزن مشهود، اكثر البيوت غزتها المياه، و رايات التسليم رفعت أعلى السطوح،
الا إن المطر لن يقبل بالهدنة، عفاف امرأة في العقد الثالث من عمرها، جميلة لحد كبير ام لخمسة أولاد كبيرهم في الثامنة، صغيرهم بدأ يحبو توا، ورب الأسرة أصيب بحرب الخليج الثانية في عموده الفقري وبات طريح الفراش
سقف غرفتهم اليتيمة عجز عن المقاومة ،. كأي جندي يخسر الحرب، فتهالك ، والغرفة غرقت بمياه المطر ، ، علب الصفيح إنتشرت في الغرفة انتشار مكثفا لتحتضن ماءالمطر الذي يهطل بكثافة وتسعف الغرفة كي لا تغرق ،
تحاول عفاف جمع المياه وتمتم مع نفسها
-يارب تاليهه طلعت هاي قسمتي، لازم أعيش بالفقر، بس علاوي الوحيد ، دخل قلبي ورضيت به
ما أن يسمع الزوج اسمه، يتقلب بصعوبة باتجاه زوجته التي احبها بصدق بالغ
-صحتيني عيني عفاف
-لا عيوني ،. كنت احجي ويه نفسي، جاي اتخبل علاوي
حامد إبنها الكبير ذو الثامنة من عمره يعلو بكاؤه، تترك علب الصفيح مسرعة نحو ابنها
-فدوه اروحلك إبني
تضع يدها على راسه لتعرف مقدار حرارته
-يمه الطفل صاير تنور
، ارتفعت درجة حرارته، بشدة، ولم تنفع معه الأقراص المسكنة، وبدأ يهذي
حتى الكمادات أعلنت عجزها، لم تتمكن من إسعافه وانقاده،، بكى حتى غاب الصبي عن الوعي، صرخت عفاف بأعلى صوتها
-مات ابني وين انطي وجهي
مسح الأب دموعه بصمت مستسلما
لطمت عفاف على خديها ونظرات التوسل تنصب على الصبي لعله يصحو،
-إني أمك يا حامد
علا صراخها ثانية وثالثة
-حامد
شاركها الأطفال البكاء ، حاول الأب أن. يتقلب في فراشه ، ليشارك الأم في معاناتها. مسح دموعه عن عينيه وصرخ متالما
-خذيه للطبيب
احتدت عفاف،. وصرخت في زوجها
-طبيب ومن اين اتي بالنقود،
-أنظر ماذا فعلت بحالك، قلت لك الف مره، إنها حرب باطلة. وها أنت الان ترى نتائجها، ماذا أستطيع ان افعل
-ماذا فعلوا من أجلك بعد أن وقعت ذليلا مريضا
ماذا فعلوا من أجلنا
لاشيئ
ثم انهارت بالبكاء، اقتربت صوب ولدها، أخذته في احضانها ودموعها لا تهدأ
وقالت لاكبرهم، ذو السادسة من عمره
-” ابني دير بالك على اخوتك لحد يطلع من البيت، اني راجعه
تركت بيتها حافية القدمين دون شعور وهي تجتاز البحيرات الصغيرة التي اوجدها المطر. بصعوبة، حتى كادت ان تقع مرات، إلا أن ندائها لرب العالمين لم ينقطع لحظة
– يارب سترك
-يارب اريدة منك
ذهبت جريئا. حتى وقفت أمام اول عيادة طبيب، مختص بالأطفال،، دخلت للعيادة ومسحت قدميها بالعباءة، تراجعت للخلف مرتبكة، فهي لم تر أحدا في العيادة.
حتى صاحت بصوت عال
-اكو أحد هنا
جاء الرد من غرفة الطبيب
-“اني هنا تفضلوا
تمهلت لحظة، طرقت الباب ودخلت
-” اش عندك بنتي
-ابني دكتور،
ابني، مصخن من يومين ما فادته الحبابي ولا الكمادات، هالتشوفه، فحصه الطبيب فحصا دقيقا وكتب له العلاج،
-اشتري الأدوية من الصيدلية
-الله يستر عليك،
ابني يطيب دكتور
-ليش ما يطيب
فتحت حقيبتها اليدوية، ووضعت نقودا على منضدة الطبيب
-سامحني دكتور، هذا العندي
يتفحص الطبيب لأول مره عفاف من راسها حتى قدميها العارتين
-خليه على حسابي
-ما يصير دكتور ما يصير
بينما تريد عفاف المغادرة يستوقفها
-لحظة بنتي الدوه عندي،
يناولها الدواء
ما كو حاجه تروحين للصيدلية
-الله يحفظك.،
دكتور اريد اسأل بس خجلانه
-ماكو داعي للخجل
-اشو ما عندك مريض،
-هذا مو صوجي، الناس ما عدهه
، نسيت اكلج ابنج يحتاج إلى مقويات، انطية برتقال
باتت البرتقاله تلف وتدور في راس عفاف، حتى وجدت المعادلة،. فهي أعادت ان تبيع شيئا للحصول على شيء آخر، تبيع الطحين لتشتري قرصا تهدأ اعصابها،، تبيع الشاي لتشتري السكر، وها هي اليوم، قررت أن تبيع السكر لتشتري برتقالة، تعطيها لحامد المريض، إلا أن نظرات أولادها، كانت تلف وتدور حول البرتقالة، أعطت للمريض حصتين والباقي كل منهم حصة، واحتفظت بالقشور تداعبها، طرأ على بالها فكرة، ، تصنع من القشور حلوى،. وضعت القدر على الموقد يغلي، وراحت تبحث عن السكر، فتذكرت انها باعت السكر من أجل برتقاله
عبد الصاحب إبراهيم أميري