عمال النظافة بقلم الشاعر حُسَيْن كُرّارٌ ـ الجَزَائِر
****عمال النظافة***
. . . . . .
خَبِّرْ ذُو الْعَقْل وَالْفُؤَاد
بِأَن الْمَكَارِمَ لَا تَحْكُمُهَا الرُّتَبُ
وَأَنَّ الْمَرْءَ بِالْفِعْل نُكْرِمُهُ
وَلَا نُكَرِّمُ الْمَرْء بِمَا يَخْطُب
مَعَادِنُ النَّاس أَفْعَالُهُم تَرْفَعُهَا
فَلَا جَاهَ يَرْفَعُهَا وَلَا مَنْصَبُ
يُعْرَفُ الْكَرِيم بِمَا يُظْهِرُهُ
مِنْ جَدِّ وَالْتِزَام بِمَا يَتَوَجَّب
وَيُخْلِصْ فِعْلَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ
أَمْرًا يَأْتِيهِ مِنْ فُلَانٍ يَرْغَبُ
لَه ضَمِير لَا يَخْشَى مَلَامَةٌ
تَنْزِل عَلَيْهِ أَوْ مَا تَصْحَب
يَأْخُذُ فِي حُسْبَانُه خَشْيَتَهُ
مِنْ أَلِهِ حَسِيبٌ لَه يَرْقُبُ
وَذَلِكَ مَا لَمَسَّتْه فِي بَلْدتِي
مِنْ خَيْرٍ عُمَّال طَبْعُهُم الْأَدَبُ
رَأَيْت مِنْهُمْ الَّذِي أَدْهَشَنَا
فَهُم النَّقَاء أَعْمَالُهُم عَجَبُ
نَظَافَة حَيِّنَا مِن نَظَافَة أَنْفُسِنَا
حُكْمُه تَخُطُّهَا أَنَامِل تُكْتَب
أَوَلَيْس الْعَامِلِ فِيهَا بِخَيِّرنَا
أَوَلَيْس الصَّفَاء إلَيْهِ يُنْسَبُ
أَوَلَيْس الْعَامِلِ فِيهَا بِأفْضَلِنا
أَوَلَيْس النَّقَاء بِمِثْلِه تَضْرَبُ
لَا خَيْرَ فِي عَبْدٍ يَرَاهُم إَمَامَهُ
وَلَا يُحَييهِمْ تَحِيَّةً مَنْ يُرَحِّب
فَهُم الْعُمَّالُ الَّذِينَ نَشْكُرُهُم
وَهُم الْإِبْطَالُ نُغِنِّيهمْ وَنُطْرِبُ
قَدْ قَالَ الْأَوَّلُون فِيهِم قصائدا
مَدَحْت قَوَافِيهَا مَحَامِد تُكْسَبُ
ذَكَرْت عَامِلَ النَّظَافَة وَنَفْعَهُ
بِأَنَّه الْوَحِيدِ مَنْ فُقْدَانُهُ يَصْعُب
لَوْ غَابَ عَنَّا مَرَّة رَوِّعَنَا
حَال مَنْظَر قَرَفِّ يُرْعِبُ
إنَّ الَّذِي فَضْلِك يَعْلَم حَالَنَا
بِأَن شَغَلَك لَسْنَا إلَيْه نَطْلُب
فَكُنْت لَهُ أَهْلًا وَكَرَّمَكَ
بِصَفَاء قَلْب مِثْلُهُ نَرْغَب
مَنْ كَانَ لِلنَّاسِ فِي حَوَائِجِهِمْ
كَانَ اللَّهُ عِنْدَهُ حِينَ يُطْلَب
دُمْت لَنَا يَا خَادِمَ بَلْدَتِنَا
وَدَام عِزِّك مَا دُمْت تَتْعَبُ
فَوَاللَّه إنَّهَا لأشْرَف مِهْنَة
يُوَلِّيكَها اللَّهُ وَمِنْهَا تَشْرَب
مِنْ حَوْضٍ نَبِيٍّ كَانَ أَوْعَدَه
بحَدِيثِ مَنْ أَزَالََ مَا يَعْطُبُ
وَوَصِيَّتِي إلَيْنَا جَمِيعًا نَأْخُذُهَا
لَعَلَّنَا نُعْطِي حَقَّ مَنْ يَتْعَبُ
أَن نَحْتَرِم مَنْ كَانَتْ مُلَابَسَة
وَسَخِة مِن قذارتنا الَّتِي ترهب
. .
حُسَيْن كُرّارٌ . . . . . . . . الجَزَائِر