غلطة عمري بقلم: “رحيمة حزمون”
غلطة عمري
من اين ابدا وكل الصور متشابهة لنبدأ من اول شهقة ونظرة وضحكة بريئة دخلت بيت هذان
الزوجان اللذان لم يكفان عن الشجار منذ ان سكنا هذا البيت الذي لايحوي الا غرفتان ومطبخ
لم يعرف الزوج كيف يسكت زوجته اللحوحة الكثيرة المطالب دون مراعاة ظروف الزوج
فلم يكن بيده الا ان يهجرها ويترك لها البيت وما فيه الى بلاد بعيدة تاركها تتحمل مسؤولية
البيت وتربية هذه الطفلة التي لم تعرف من الحياة سوى وجه امها العبوس
تعاقبت الاعوام والشهور ولم تعد ابنتها تلك الطفلة التي تحب اللعب بالدمى صارت شابة
وعيون الكل عليها وهي غير مبالية لنظراتهم كانت لها شخصية قوية اذا ارادت شيء
لاتحتاج لمساعدة من احدهم الى ان جاء هذا اليوم الذي اتخذت فيه القرار بالسفر لمتابعة
دراستها لتصبح طبيبة وهناك وقفت لها امها بالمرصاد ومنعتها من السفر باعتقادها
انها تريد السفر للهروب مع شابا ما لكن لم تسمع كلام امها و قالت..
_انا ما اتعبت نفسي بالدراسة لتاتي انت وتحطمين مستقبلي
بكت بكاء مريرا كاد نفسها ينقطع
_كيف لك تحدثيني بهذه الطريقة اهكذا ربيتك؟
_عن اي تربية تتكلمين عن صراخك مع ابي طوال الوقت مما جعله يهج
وحرمتني من رايته وهو على قيد
اجهشت امها باكية
_لمٓ فتحتِ هذا الموضوع معي بعد ما كنت اظنه قد دُفن مع ابيك
_ابي لم يموت ليُدفن معه.
_بل مات منذ ان تركناه دون ان تاخذنا به رافة.
_انت السبب لاتحمليه المسؤولية
_يالك من فتاة وقحة سأربيك من جديد.
_انا مهذبة لا احتاج للتربية
اثارت جنون والدتها مما جعلتها ترفع يدها عليها دون رافة بمشاعرها هنا
شعرت بغضب شديد وخرجت وتركتها وركبت القطار وبدا اول يوم لها
مع الدراسة كم اخذها سحر المدينة مما انساها وجود والدتها بحياتها لكن
الدمعات لم تكف عن الانزلاق واحدة تلوى الاخرة
مضت الاعوام كلمح البصر ولم تجد نفسها الا وهي طبيبة ومشرفة على
علاج مريض لم تكن تعرف مٓن هو ومٓن يكون لكنها كلما نظرت اليه وهو
يتألم زادها وجعا ويفقدها القدرة على عدم تركه لوحده لو ثانية وتعلق
قلبها به يوما بعد يوم الى ان جاء هذا الذي لم يخطر ببال احد بينما كان
يلفض انفاسه ذكر اسمها وكنيتها هناك انصدمت بالحقيقة المؤلمة وتمنت
لو انه لم يعد حتى يبقى حي في قلبها وحزنت عليه حزنا شديد وايقظ
داخلها شعور بالذنب بما فعلته بامها حين تركتها في مثل تلك الظروف
القاسية دون السؤال عنها وعن حالها واخذت اول طائرة ورجعت لوطنها
دون ان تنسى نعش والدها ودفنه في وطنه كما كانت رغبته قبل موته
لكنها وصلت متاخرة فلم تجد والدتها على قيد الحياة وراحت تندب
حظها المنحوس وصقلتها تجارب الحياة بين حادث ومحدوث وعلمتها
ان الدنيا ليس مجرد عمل وفلوس كل شيء خسرناه يعوض الا من اخطنا
بحقهم واخذهم القدر منا لن يُعوضوا
رحيمة حزمون / الجزائر