القصة
فصــام بِقَلَم: الأديبة “عَبِير صَفْوَت”
قِصَّة الجَرِيمَة
فصــام
بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت
لَحَظَات وضجيج يعتلي صَوْت السَّاكِنَيْن ، مَاهِيَّة الْأَمْرِ لَا أَعْرِفُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ ؟ لحظت اذُني تنتصت إلَى مايجري بِالْخَارِج ، زجت عَيْنِي إلَى الأعلي ، وَظَنَّت خواطري ، شِجار بَيْن أُخْتِي الوَحِيدَة وَزَوْجُهَا المشاكس ، أَخَذَت حَالِي هامَس الْخُطُوَات اتسلل إلَى الدَّوْرِ الْعُلْوِيّ ، حَيْث اقطن بِالدَّوْر الثَّالِث ، أَبِي وشقيقي وَزَوْجَتِه وشقيقتي وَزَوْجُهَا بِالدَّوْر الثَّانِي ، وَالْأَوَّل لِحَارِس الْبَيْت ، عَمّ جَدْوَل ، سَمَّاه أَبِي بِهَذَا الِاسْمِ نَظَرًا لِسُرْعَتِه فِى الْحِسَاب
دَخَلَت غُرْفَتِي وشعرت بِازْدِيَاد فِى النَّحِيب ، هَذِه الْمَشَاكِل لَن تَنْتَهِي أَبَدًا .
بِضْع لَحَظَات وَرَأَيْت كَلْبِي الصَّغِير ، يَصْدُر أَصْوَات دفعتني للقلق ، حِينَ كَانَ يعارك جِدَار الْبَاب الْخَارِجِيّ بِمَخالِبِه
فُتِحَت الْبَاب مُسْتَغْرَبًا ، و ادني الْفُضُول صِرْت عَائِدًا الدَّوْرِ الثَّانِي وَلَمْ أَدْرِي ، أَي شَيْطَانٌ حَجَب رؤيتي عَنْ فَهْمِ الْأَمْرِ مِنْ بِدَايَتِه
مَرَّت أَيَّامٍ عَلَى رَحِيلٍ أَبِي ، وَرَأَيْت الْمُحَقِّق يَقِف أَمَامِي بشراسة الْأَسْئِلَة الَّتِى تَلُوح بالإدانة ، وَكَانَت تتوالي الْأَسْئِلَة وَأَنَا أُجِيب بِدَاخِل بِرَأْسِي ، تُرِي عَمّ جَدْوَل الرَّجُل الْكَبِير ، الَّذِي أُحِبُّ أَبِي أَعْوَام واعوام ، عَمّ جَدْوَل الرَّجُل الْأَصِيلِ الَّذِي اِرْتَبَط بِالْإِحْيَاء الْقَدِيمَة عَبِق الزَّمَن الْجَمِيل ، أَم أُخْتِي أَصِيلَة الَّتِى تَعَلَّقَت بِأَبِي مُنْذ الطُّفُولَة ، لاَ أَعْتَقِدُ زَوْجِهَا ، برغم أَنَّه شِرِّيرٌ ومشاكس ، جُنّ جُنُونِي وَلَا أَعْتَقِدُ إنَّنِي أَنَا .
جَهَر الْمُحَقِّق يُنَبِّه الْآخَر :
أَيْنَ ذَهَبَتْ ؟
قَال “خالد” كَأَنَّه تَذَكَّر وُجُود الْمُحَقِّق :
أَنَا ، أَنَّا لَا أَعْرِفُ مِنْ قَتَلَ أَبِي .
الْمُحَقِّق يُتَعَجَّب :
الْبَابِ لَيْسَ بِهِ شُبْهَةُ جنائية ، وَمَات أَبَاك مُنْذ أَمْس الظُّهْر الْمَاضِي ، وَتَبَيَّنَت الْوَاقِعَة فِى اللَّيْل ، وَشَهِدَ عَلَى ذَلِكَ أُخْتَك و زَوْجِهَا
وَتَسَاءَل الْمُحَقِّق :
هَلْ كُنْت بِالْخَارِج ؟
قَالَ خَالِدٌ :
كُنْتُ مَعَ الأَصْدِقَاءِ ، وَأَتَيْت فِى الْمَسَاء عَلَى وَاقِعَةِ اِكْتِشاف الْقَتْل
جَلَس الطَّبِيب الشَّرْعِيّ يُعْلِن استياءة :
هُنَاك شَيّ غَامِضٌ فِى لُبّ الْمَوْضُوع ، أَثْبَتَت التَّحْقِيقَات إيجَابِيَّة النَّتِيجَة بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ الشُّخُوص .
دَخَل غَرْفَة الْمُحَقِّق ، مُنْكَسِرٌ الرَّأْس يُقَدَّم خَطَؤُه ويأخر خَطَؤُه ، وَبَعْدَ أَنْ جَلَسَ عَلَى كُرْسِيٍّ مُجَاوِرٌ لمكتب الْمُحَقِّق ، رَفَعَ رَأْسَهُ قَائِلًا :
كَانَ لاَبُدَّ مِنْ كَشْفِ الْحَقِيقَة ، مِنْ أَوَّلِ حُدُوثِ الْأَمْر ، لَكِنِّي لَمْ أتأكد نواياة لِمَا حَدَثَ .
قَالَ الْمُحَقِّقُ بانْفِعال :
عَلَيْك أَخْبَارَنَا بِمَاهِيَّة الْأَمْر
قَالَ الطَّبِيبُ الْمُعَالَج :
خَالِد مَرِيضٌ قَدِيمٌ مِنْ خَمْسٍ سَنَوَاتٍ ، يَظْهَر أَمَامَك طَبِيعِيٌّ ، إنَّمَا يَشْتَدُّ عَلَيْهِ الْفِصَام عِنْدَمَا يُشْعِر بِالْخَطَر وَالْخَوْف ، يَهْرُب حِينِهَا إلَى شَخْصِيَّةٌ مُجْرِم ، وَقَدْ تَكَرَّرَ أَفْعَال مُشَابَهَة مَعَ أَصْدِقَائِهِ ، إنَّمَا قُبل الْأَمْر بِالْكِتْمَان ، . حَتَّى لَا يَظْهَرُ إمَام الْجَمِيعِ مِنْ حُسْبَان مُجْرِم مَعَهُم بِالْبَيْت .
تَسَاءل الْمُحَقِّق للمعالج الْخَاصّ بِخَالِد :
إذ الْمُجْرِم حُرٌّ طَلِيق
قَالَ الطَّبِيبُ الْمُعَالَج :
مُجْرِم وَلَيْس مُجْرِم .
قَالَ الطَّبِيبُ الشَّرْعِيّ :
كُلُّ الْأَدِلَّةِ كَانَت تَوَكَّد أَدَانَه نَجْل الْقَتِيل ، إنَّمَا كَانَتْ الشُّبْهَةُ مَعْدُومَةٌ نَظَرًا لِحُسْن سُلُوك “خالد”
الْمُحَقِّق فِى تَأَمَّل :
رُبَّمَا الظَّاهِر بِالْجَمَال ، يُخْفِي بِدَاخِلِه أَسْرَار خَطِيرَةٌ ..