القصة

في عيادة الطبيب النفسي بقلم: “أمينة أحمد حسن”

فى عيادة الطبيب النفسى ..

*آنسة رحمة هذا هو اليوم الثالث الذى تأتين فيه للعيادة ولا تنطقين بأى كلمة أرجوكِ ساعدينى وساعدى نفسكِ ،يجب أن تتحدثى كى أستطيع مساعدتك.

رحمة كالعادة لا تنطق بشىء ،تنظر يمينا ويسارا ، تشعر بالفزع من كل شىء.

نادى الطبيب على والدة رحمة التى كانت ترافق إبنتها .

*إن إبنتكِ لا تنطق بكلمة كالعادة ،وانا لا أستطيع مساعدتها ،لذلك أريد أن أعرف منكِ ماالذى أدى بها إلى تلك الحالة ،وأرجو أن تسردى ما حدث بالتفصيل كى أستطيع مساعدتها .

*سأحكى لك أيها الطبيب..
كانت فى الجامعة حين تقدم مراد لخطبتها ،كان شابا ملتزما مستقيما ،تعلقت به وتعلق بها ،وتمت الخطبة.
بعدها بفترة بدأت علامات التعب تظهر على مراد ،ضعفا وشحوبا ،حاولت رحمة أن تقنعه بالذهاب للطبيب ،ولكنه كان يرفض،ويظن أن السبب هو الإرهاق ليس أكثر.

حددنا موعد الزفاف بعد ستة أشهر ،كانوا سعداء جدا ،يختارون كل شىء فى منزل الزوجية سويا ،والبهجة تملأ أعينهم ،قبل موعد الزفاف بشهرين ،تعرض مراد لوعكة صحية شديدة ،وذهب للطبيب ،وكانت الصدمة ،أثبتت التحاليل أنه يعانى من مرض خطير فى الدم.

حين علمت رحمة بمرضه إنقلبت حياتها رأسا على عقب ،إنطفأت فرحتها ،وتلونت بالحزن..
كانت تحاول التخفيف عن مراد ،والحقيقة أنها تحتاج من يخفف عنها.
كانت ترافقه للطبيب دوما ،وتبتهل وتدعو الله أن يشفيه .
رغم سوء حالته ،إلا أنه كان يُطمئنها دوما ويبتسم ويقول لها لا تقلقى سأكون بخير وسنقضى العمر سويا إلى أن نشيب.
كانت كلماته تطمئنها بعض الشيء.
ولكن بعد فترة إنتكست صحته وتم احتجازه بالمشفى. ..
كانت رحمة تذهب لزيارته يوميا ..
وفى يوم من الأيام..
رن جرس الهاتف. .
أمسكت رحمة بالهاتف ،فكانت الصاعقة..
نبأ وفاة مراد ….
سقطت سماعة الهاتف من يدها..وانهارت رحمة على الأرض ، ومنذ ذلك الحين وهى على تلك الحال..لا تتحدث مع أحد ، ولا تنطق بأى كلمة ،وحين تسمع رنين الهاتف تنهار وتضع كفيها على أذنيها ..

توجه الطبيب إلى رحمة قائلا :
الحياة يا رحمة أشبه بالقطار ،لكل شخص محطة خاصة به ،قد تكون محطة سعادة ، وقد تكون محطة حزن ،ولكن فى كل الحالات لابد للرحلة أن تستمر.
مرت أشهر، وبفضل الله ثم مجهودات الطبيب تحسنت حالة رحمة.
وكان أول ما نطقت به:
أريد الذهاب للمقابر لزيارة مراد.
جلست رحمة بجوار المقبرة ،لا تدرى كيف استجمعت قوتها ،هاهى تجلس أمام مقبرة مراد ..
قاسية تلك الحياة ..
أخذت تتحدث إليه وكأنها تراه…
سأشتاقك بقدر ما أوجع قلبى فراقك
سأشتاقك بقدر ما كرهت الحياة بعدك
سأشتاقك بعدد الدموع والآهات التى تنتظرنى
قد غبت عن عينى ،ولكنك ستظل رفيق قلبى .

#قيد_الوجع
#بقلمى
#أمينة_أحمد_حسن

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى