القصة

قدت احلامي من دبر الابتسامات

حملت أمنياتها و مضت غير مكترثة لثرثرة الأصدقاء …. كانت متشعبة بالثقة، فتاة بتفكير خاص ، تحمل بين جنباتها أحلاما لغد أفضل ،مشت في دروب الحياة غير ابهة بما قيل و ما يقال تدنو بخطوات ثابتة ناح التميز ممتطية صهوة التحدي لبلوغ المرام ،كانت كالبدر في حسنه بل هي البدر بحد ذاته ، عاشقة الحرف تعزف على عود القافية و ترقص الكلمات على نغمات الأبجدية

الكتابة بالنسبة لها مخاض في زمن اللامبالاة … زمن يؤمن بأنصاف الحالمين و يركن جانبا أمنيات عانت للوصول الى ما وصلت اليه
تعالت الاهات و امتزجت أنات الرجاء على محراب العبرات بأكف الدعاء
قدت أحلامي من دبر الابتسامات ، صلبت أحلامي على مذبح النايات …..ميرال فتاة لا تعترف بالمستحيل ،ميرال نجمة تأبى الاختباء خلف غيوم الأنين، لها حلم أن تتبوأ عرش الكلمة و بين الحلم و الحقيقة تتمزق الأوراق و تجف الأقلام
-ستنجلي غمامة المستحيل صدقوني
هكذا كانت تمني ميرال نفسها ، هكذا تبني جسرا جديدا كل يوم بينها و بين الحلم الذي لا تريد له أن يموت و هو في مهد الوجود ،و بينما هي تتحدث لزميلاتها و تحثهم على ضرورة التشبث بالأحلام سمعت صوتا ات من بعيد صوت ينادي باسمها نهضت لتتعرف على المنادي و اذا بها صديقتها شذى
-ما بك يا شذى ما ذا وراءك لماذا كل هذا الصراخ ؟
-انتظري حتى أخذ نفسا و أخبرك يا حالمة
ساد بعض الصمت بينهن ثم أردفت شذى تقول و هي تشير الى اعلان مكتوب باحدى الجرائد
-انظري فرصتك لتثبتي للجميع أن حلمك سيصبح حقيقة ، جهزي الزاد و هيا الى رحلة طال انتظارها
ميرال امتزج على وجهها شعور بالفرحة و الحزن معا فرحة لأنها فرصتها في تحقيق حلمها و حزن انتابها خوفا من الفشل و عندها سيقال لها ألم نقل لك مجرد سراب ما تطمحين اليه خاصة بعد الخدلان الذي تلقته في المرات السابقة
– يا فرحتي سأشارك و سأفوز يا الاهي و الجائزة مغرية جدا
نهضت احدى الصديقات و قالت
-ما قيمة الجائزة يا فتاة ؟
-هل أنت مجنونة لا يهم قيمة الجائزة فأحلامي لا تقدر بثمن ،انظري يا شذى انظري الى اخر التحفيزات المكتوبة الفائز ستتكفل احدى دور النشر بنشر عمله يا للفرحة
و ما لبثت أن انتكست و جلست كأنها تدرك تماما أن حلم الوصول لهذه الدار صعب جدا
-هل تعتقدن اني سأفوز حتى و ان فزت في الكتابة هل ستقنعهم روايتي و ينشرونها
و ظلت التساؤلات تصاحبها طول الطريق فهي الان بين سندان المشاركة و مطرقة الانكسارات بعدم الاقتناع بما جادت به قريحتها … ولجت المنزل فوجدت أمها تستقبلها بضحكتها الدافئة احتضنتها و كانها تريد أن تمتلأ من حبها و عطفها هذا الحب الذي تواجه به هذا العالم المقيت غيرت ملابسها و جلست الى مائدة الطعام فلاحظت والدتها أن ميرال تجلس معها جسدا فقط و فكرها في مكان اخر
-ميرال فتاتي الغالية أين تسرحين بفكرك يا غالية
خاطبتها و هي تهم للنهوض كي تجلس في الكرسي المجاور لها فهي تعلم أن فتاتها تشعر بالأمان عندما تقترب منها
-أمي أخبرتني شذى بوجود مسابقة لأفضل رواية و قررت المشاركة و لكن تنتابني المخاوف من عدم النجاح خاصة و أن الفائز ستنشر روايته و أخاف أن أفشل
أومأت لها معبرة على الرفض
-لن تنكسري غاليتي لأنك تمتلكين كل المؤهلات لكي تنجحي لا تكترثي لما يحاك و يقال تعالي أريك شيئا سيغير نظرتك للموضوع … أنظري هذه الأقلام و هذه الأوراق التي عقدت معها اتفاقا في الأمس البعيد شاهدي صور تتويجاتك في المحافل الماضية بل انظري كيف أصبحت كلماتك مضربا للمثال في أغلى المواقع ، اقرئي شهادات المهتمين و كيف يشجعونك بألا تتركي حلمك بين أدراج النسيان ،أكملي روايتك التي بدأتها و ابعثي بها لاستاذتك كي تنقحها و تمدك برأيها فلطالما كانت معك و مساندة لك
مرت الأيام و الشهور و توالت الأحداث و اقترب موعد النتائج و قررت ميرال أن تتصل بأستاذتها كي تستمد منها بعضا من الأمل و الثقة فهي التي أعجبت بالرواية و شجعتها على المشاركة
-ماستي اشتاق اليك و أشتاق لضم ريح التفاؤل المنبعث من عينيك اقترب موعد اقرار النتائج و بدأ الخوف ينساب الى أعماقي و يا ويح قلبي الصغير ان خسرت
نبيهة كان هذا اسم صديقتها هذه التي رفعت همتها في الكثير من المرات و كانت شمعتها حين يغيب الأمل و ضحكتها حين تنكسر الأمنيات على محراب اللامبالاة
-غاليتي كنت و لازلت أشجع فيك حبك للكتابة و لا زالت أبجديتك محط اعجابي لن تفشلي لأنك تحتضني في قلبك الصغير حبا جارفا للتميز لأنك أنت دون سواك من تعتبرين الحلم هوية و علينا التشبث به و المضي قدما لنصل به ناح القمة كم جميلة هي القمة و نحن نزينها بالانتصارات و أولها انتصارنا على المحبطين و أصحاب الحلم الممزق ستنجحين و سنحتفل بروايتك و سترين يا مشاغبة
كانت كلمات الأستاذة كمرهم أزال عن قلب ميرال ألم السنين و خذلان المحيطين نعم كانت الرواية تتحدث عن حلمها في الكتابة و كيف عايشت فترة كانت فيها في أوج العطاء و كيف تم التلاعب بأحلامها ،قدت أحلامي من دبر الابتسامات كانت هذه الرواية
رسالة لكل من استهزء بابتسامة عقيمة من حلم ما
قدت أحلامي من دبر الابتسامات نجحت و لاقت رواجا كبيرا لأنها كتبت بصدق و نسجت أحداثها في واقع لا يعترف بنصف حلم ،توجت ميرال بالمرتبة الأولى و نشرت روايتها و كانت النسخة الشرفية لها و قامت بدورها اهدائها لكل من شجعها و شد على يدها للوصول الى قمة التميز
اليك يا نبض شكري و امتناني ،اليك يا قرة العين تدفق حبري و صهيل ألحاني اليك يا قلب نبضي و حرفي و مداد أقلامي

✒ قدت أحلامي من دبر الابتسامات
بقلم ثنون مريم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى