قصة قصيرة بعنوان “بلا وطن ” بقلم_الأديبة_عبير_صفوت
بلا وطن
بقلم_الأديبة_عبير_صفوت
يَرِث الطَّرِيق بِأَجْفَانِة وتتصاعد أَنْفَاسَه مَرْهُونَة الْمَشْهَد ، يَتَساءل بِنَفْسِه كَثِيرًا :
مَا غَرَّنِي ؟ ! حَتَّى الْهُرُوبُ مِنْ بِلَادِي ، حَتَّى اخرصتة صَرْخَة تِلْك الْجَارَّة الْمُسِنَّة لِابْنَتِهَا الَّتِي فَاتَهَا قِطَار الْعُمْر :
لَا يهويكِ إلَّا النُّعَاس لَيْلاَ وَنَهَارٍ ، حَتَّى رَحَل قِطَار الزَّوَاج .
يالا كَلِمَاتِك الْجَارِحَة أَيَّتُهَا العَجوُز ، وَتَجَلَّت الذِّكْرِيّ بِدَاخِل (يوسف ) الَّذِي تَرَكَ بِلَادِه طَالِبًا لِلْمَال :
ظَلَّت أُخْتِي عَمْرًا طَوِيلًا ، لَم تتجراء أُمِّي بتلقيبها عانِس .
حَتَّى جَذَب مخيلتة مِنَ النَّافِذَةِ ، هَذَا الصَّبِيُّ الَّذِي كَانَ يَنْثُر الْمِيَاه باعتاب الْحَانُوت ، ويلكزة صَاحِب المقهي يَحُضُّه السُّرْعَةِ فِي أَمْرِهِ .
جَهَر بِصَوْت عَمِيق مُتَسَلِّطٌ غَلِيظٌ يُلْقِي التحايا وَيُوَزَّع الصباحات الافتتاحية عَلِيّ سَائِرَ الْمَخْلُوقَاتِ كَا عَادَتُه .
تَجَلِّي (يُوسُف) بِالِاعْتِرَاض : لَن تَخْتَلِف الْعَادَات والتقاليد كَثِيرًا ، النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ الشرقيين ، عَادَتُهُم مُتَأَصِّلَةٌ بالتشابة وِتْرِي الرُّوح فِيهِم تُجَالِس حُكْمُه وَهَدَف وَاحِد .
الْمَرْأَة وَابْنَتِهَا وَصَاحِب الْحَانُوت وَصَبِيّ المقهي .
عَلِيّ بَاب مُنْغَلِق عَلِيّ جَار ، الْمَصَالِح وَالْأَعْمَال الحُكُومِيَّة وَالْأَعْمَال الْحُرَّة مُتَشَابِهَةٌ كَذَلِك الروتين لَن يَنْكَسِرْ فِي كُلِّ البِلادِ .
طَرِيق ، كُلّ الشرقيين يَمُرُّون مِنْه .
جِنِّيٌّ الْأَمْوَال بِالذُّلِّ وَالْهَوَانِ ، إذَا لِمَاذَا كَانَت الْغُرْبَة ؟!
وَلَمْح سِرْوالَه ذَات الْحَافِظَة الْمُنْتَفِخَة ، حَتَّى سَرَتْ نَفْسِه وارتقي حَالَة ، بَيْنَمَا . أَعْلَنْت ذَاتِهِ عَنْ ضَنِين وَتَرَادُف بِالْعَقْل لِبَعْض الْمُصْطَلَحَات (الزواج مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ ) .
الْتَمَعَت دَمْعُة فَارَقَت الْحَيَاةُ مِنْ أَمَدِ تَلُوح :
أَيْنَ هَذَا الْبَيْتِ وَهَذِه الْبِلَاد ؟ !
جَهَرَ صَاحِبُ الْحَانُوتِ متنعتاَ لِصَبِيّ المقهي :
دَائِمًا ستدفع الثَّمَن طَالَمَا لَم تتفهم الْحِكْمَة .
أَنْصَت يُوسُف متسائلا :
تُرِي ماهي الْحِكْمَة ؟ !
صَرَخت الْعَجُوز بِصَوْتِهَا الرنان :
يَا إِلَهِي ، هَذَا الجِيل لن يُفْهَم مَعْنِيٌّ الْعَدْل أَبَدًا .
دَقَّق يُوسُف النَظَرِ رُؤْيَا ، وَرَأْي صَاحِبُ الْحَانُوتِ وَحِيدًا بِلَا عَائِلَة أَوْ أُنْسٌ ، زَادَه الْفُضُول :
كُلُّ هَذَا الثَّرَاء وَالرَّاحَة وَوَحِيد حَالُك .
إنتشلة صَوْت الْعَجُوز :
الْعَدْل ياعالم ، أَنَّهُ الَّذِي لَا يَغْفُلُ وَلَا يَنَامُ .
تلفح الْمُهَاجِر بصمتاَ مدوي مدي الْحَيَاة ، وَكَأن الْقَدْر سَرَق قُدْرَتِة ، صَار بِلَا عَقْلٍ أَوْ ضَمِير يَنْبِض يُرْضِي بِحُكْمِ اللَّهِ