قصة قصيرة: رحلة طلب توظيف بقلم عادل خروف
قصة قصيرة:
رحلة طلب توظيف
في جمهورية الورق يتكبد الشاب الأمرين للحصول على ورقة ،لتتحكم فيما بعد تلك الورقة بمصيره.
ففي بادئ الأمر قد تكون هذه الورقة الشهادة المتحصل عليها ،لتصبح جزءا من ورقة اخرى و هي سيرته الذاتية،
لتلحق هذه السيرة بورقة ثالثة و هي طلب التوظيف الذي يطمح به الشاب أن يحصل على منصب شغل ليضمن بذلك ورقة رابعة وهي عقد العمل أو قرار التعيين.
فإلى أن يظفر الشاب بعقد عمل يقطع طلب توظيفه رحلة شاقة و طويلة قد تدوم أعواما و سنين، دعونا نلخصها في مشهدين:
المشهد الأول
بعد محاولات عدة و توسط أقاربه، جيرانه ومعارفه،و إعطاء قهوة للعساس (عون الأمن) وشراء عطر فاخر للسكرتيرة،يتمكن الشاب أخيرا من مقابلة المدير أو المسعور (المسؤول) عن التوظيف .
هذا الأخير يستقبله وهو في عجلة من أمره، فهو جد مشغول وراء حاسوبه و مكتبه الفاخر بإتمام لعبة الورق Solitaire فيسلمه الشاب طلب التوظيف مرفق به نسخة من سيرته الذاتية و الشهادات المتحصل عليها، فيعده المسعور بدراسة طلبه و الإجابة عليه لاحقا، فيعود الشاب أدراجه ممتنا فرحا، و بمجرد خروجه يكور ذلك المسعور طلب التوظيف
و يسدده على طريقة لاعبي كرة السلة مباشرة إلى سلة المهملات.
هل استفزك المشهد ؟ انتظر لتسمع البقية.
المشهد الثاني
بعد كر و فر وذهاب وإياب على بوابة الشركة و قصد التخلص من الشاب يقال له بأنه لا يقبل طلبات التوظيف المسلمة باليد، و عليه إرسال طلبه عن طريق البريد.
وهنا مصير الطلب لا يخرج عن ثلاثة مواقف:
الموقف الأول
يصل الطلب برسالة مضمونة الوصول إلى الشركة وبعدما يتم تسجيله يأمر المسعور بحفظه،فينتهي به الأمر إلى قاعة الأرشيف؛ ولمن لا يعرف قاعة الأرشيف فهي غرفة مظلمة تتميز بالرطوبة و رائحة براز و بول الفئران والصراصير والعناكب التي تسكن المكان و وجبتها المفضلة طلبات التوظيف.
هل استفزك هذا الموقف؟ انتظر فلدينا المزيد.
الموقف الثاني
بعد تسجيل الطلب يحتفظ به المسعور في درج مكتبه، و لما يحين وقت الغذاء يتناول ما لذ و طاب فوق ذات المكتب، و لما ينتهي من الالتهام يخيل لك أن إعصارا مر من هناك أو طاف عليه طائف فلا تبقى إلا رائحة الأكل المختلطة برائحة السجائر و القهوة و الزيوت المنهمرة من يد و فم المسعور و كذا الذباب الأزرق الذي احتجز له مكانا هناك،فلا يجد ما ينظف به يديه القذرة وفمه النتن و مكتبه المتعفن إلا تلك الطلبات التي كان قد تركها في مكتبه.
هل استفزك هذا الموقف؟ انتظر فالموقف الأخير مثير.
الموقف الثالث
بعد أن امتلأت قاعة الأرشيف و درج مكتب المسعور بطلبات التوظيف استحدث ملحقا لتخزين الطلبات بدورة المياه،فبعد أن يأكل المسعور و تنتفخ كرشه الكبيرة توجب عليه الدخول إلى دورة المياه لقضاء حاجاته البيولوجية،ولأن المسعور كان قد نهب ميزانية الشركة فقد تم قطع تزويد الشركة بالماء لعدم تسديد الفاتورة و تعذر شراء المناشف الورقية،فلك أن تتخيل ماذا سيفعل المسعور بطلبات التوظيف المتبقية؟
عادل خروف