إشراقات أدبيةالقصة

قصة قصيرة من وحي الرياح بقلم: حركاتي لعمامرة

 

في كوخها المنفرد كانت عائشة تغزل الصوف لتصنع منه كعادتها ملابسا شتوية لوحيدها الذي يقبع بالقرب منها في يوم شتوي شديد البرودة وبينهما كانون طيني تكاد نار جمراته أن تخبو لكن صفير الرياح التي لم تهدأ بعد هبوب قوي طوال اللًيل ،
نظرت إلى وليدها الذي كان يرتجف من شدة البرد لتقول له : إقترب مني ياعامر وضع رأسك على ركبتي لأغطيك بهذا المعطف الدافئ ..
إنتقل الصغير ليلقي بجسمه النحيف على حصير قديم ويضع رأسه على ركبة أمه التي غطته بمعطف والده المرحوم ،ليحسً الصبي بالدفء وبعاطفة الأبوة تغازل كيانه
،تتحسس الأم رأسه لتداعب بأصابعها شعره الجميل بينما كانت تنظر إلى السقف الذي يكاد أن يهتز بفعل الهبوب القوي .
قال عامر : متى تهدأ الريح ياأمي ؟
أجابته أمًه وهي تتذكر أيام شبابها وصباها التي قضتها بضيعة الياسمين :
إيه ياولدي إن الطبيعة عندما يشتد غضبها تزورنا الرياح بأمر ربها لتذكرنا بنعم اللًه علينا ولا يعلم سر زيارتها ولا مدتها إلاهو …
الريح ياولدي قد تعري الأشجار من أوراقها لكنها تعطيها أملا جديدا في الحياة بتجديد أوراقها ،أما منازلنا المهترئة التي تسبح ربها حين الزوابع والأمطار والثلوج فإنها تزرع في أصحابها الأمل في ربيع يملأ الدنيا فرحا وحبورا ،
ليت الأغنياء يحسون بغيرهم في مثل هذه الأيام العصيبة ؟
كانت عائشة تكفكف دموعها بينما كانت قشعريرة البرد تغازل ذلك الجسم. النحيل لعامر الذي إنخرط في نوم عميق تحت تأثير صفير الرياح التي كانت تعم سماء القرية ..
في هذه الأثناء كانت فيلا سليمان تستقبل أبناءها العائدين من المدرسة على متن
سيارة فخمة وهم يرتدون معاطفهم الدافئة ويحملون محافظهم لتستقبلهم الخادمة بأكواب الحليب الدافئ بينما كانوا جميعهم يتابعون على شاشة التلفاز أخبار الرياح ومافعلته في كل الأرجاء أما أولياءهم فكانوا وراء حواسيبهم يتابعون أخبار البورصات و الأسواق التي لاتعرف توقفا وتغتم مثل هذه المظاهر الطبيعية لتزيد من أرباحها على حساب جيوب الفقراء.

حركاتي لعمامرة.🇩🇿 الجزائر 22 جانفي 2020

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى