القصة
قلب جسور بقلم: “هاني عبدالرحمن”
قلب جسور
لطالما تمنيت ان اكون مثل والدي رحمه الله بطل جسور و مقاتل شجاع يٌقاتل الأعداء بقوة و اقدام دون خوف و كأنه كان يسعي الي الموت سعيا لينال وسام الشهيد باذن ربه لاحقا مسجل اسمه بين صفوة الرجال في عصرنا
و رغم كل ذلك عندما توفي أبي و قدم حياته هدية عن طيب خاطر للمساهمة في سبب نصر الله و تحرير أرضنا الا انني حزنت حزنا شديدا لفراقه و سكني اكتئاب شديد كاد يعصف بي و كان أبي دائم الزيارة لي في منامي و كأنه لم يرحل و تمنيت الا استيقظ ابدا حتي لا افارق مجلسه
بدأت أُقصر في دراستي و أغيب عن مدرستي و أفقد تركيزي و أعيش عزلة عن الكون بل و فقدت بأحساسي اني حي بين الناس و لكن فوق التراب و شعرت انني سأظل الي ان اتواري تحته
حتي في ليلة جائني أبي كعادته يجالسني و لكنه تلك المرة كان منكرا لي و كأنه لا يعرفني فانتابتني الحيرة و الدهشة و حاولت ان احدثه و اعرف السبب الا انه كان لا يجيبني حتي بعد الحاح اجابني دون ان ينظرني بان ابن البطل الجسور لا يمكن ان يئول به الحال الي تلك الظلمة
أستيقظت و ما لبثت الا و تذكرت دروس ابي لي خلال حياته و كيف كان يتغلب علي الصعاب و يحل المشاكل و يصبر عليها متوكل علي الله اخذا بالأسباب و كأنه لا يعرف شئ يسمي بمستحيل أو صعب
أنتفضت عن سريري و قمت عنه انسان أقوي و اكثر عزيمة مما سبق و أكثر اجتهادا في تحصيل دروسي و أكثر تحديا و تصميمي علي تحقيق حلم أبي و حلمي
و كنت أعمل بجانب دراستي لأستطيع تحمل كُلفة التعليم و كلفة حياتي اليومية فأبي رحمه الله كان لا يملك الا قوت يومنا حتي انه لم يستطيع ان يتزوج من ترعي شئوننا بعد وفاة أمي رحمة الله عليها
بعد سنوات أنهيت دراستي الثانوية ثم تخرجت بامتياز من الجامعة و بعدها تحقق الحلم و أصبحت مُعلم كما تمني أبي ان يراني و تفوقت علي صعاب الحياة و معوقاتها و صرت كأبي بطل جسور.
القلب الجسور ليس وحده هو بطل القتال و حروب التحرير و انما ايضا من عاش بطل يتغلب علي مصاعب الحياة و ان طالت الي ان يحقق حلمه دون كلل و لا يهزمه يأس و لا موت أو فراق عزيز.
بقلم / هاني عبدالرحمن