إشراقات أدبيةالقصة

قناع بقلم سهام رمضان محمد حسن

الكاتبة /سهام رمضان محمد حسن
مصر/اسوان
قناع

اعُدت الولائم ومُدت الموائد ودُعيّ الفقراء والمساكين ،انها مائدة الحاج صالح التي تقام في الاول من كل شهر ،انها ولائم الادعاء والتباهي، ولائم الشهرة وبناء الاسماء علي آلام الفقراء واحتياجاتهم.
انه الحاج صالح الذي تردّ خطبة الجمعة باسمه من اعلي منابر مسجده ،مسجد الحاج صالح ،داعين الله له بدوام الصحة وطول العمر.الحاج صالح الذي لا يستطع فعل الخير الا علي الملاء،.متناسيا ان الصدقات ومساعدة الفقراء لا تكون الا سرا ،وان هؤلاء لديهم عزة نفس و كرامة قد يجرحها الملاء.
الساعة الثامنة مساءً من كل خميس يذاع برنامج وجوه الخير، ليلتقي بالحاج صالح و يعرض لنا اهم انجازاته الخيرية
• معنا ومعكم احد وجوه الخير والذي يسعدنا و يشرفنا اللقاء به ،الا ضيفنا المرموق ، ضيفنا المميز بالخير دائما؛ الحاج صالح.
• اهلا و سهلا حاج صالح
• اهلا بحضرتك استاذة سحر.
• نود ان توجه كلمة لكل صاحب نعمة تحثه علي مساعدة الفقراء ، لقد تركت بصمة في معظم الاماكن في بلدتكم.
• اولا ؛ اود ان اشكركِ و اشكرك برنامجكم المتميز دوما.
• كلمتي المتواضعة هي ؛ علينا جميعا ان نشعر ببعضنا البعض ان يساعد كل منا الآخر، خاصة الفقراء و المحتاجين بيننا. وكله لوجه الله.
انتهت الحلقة و انطفأت الانوار بالأستوديو وانطفئ معها نور الرحمة و الرأفة في القلوب ،انصرف الضيف و انصرف معه التقوي و الصلاح.
انهي الحاج صالح الحلقة و بينما هو خارج من الأستوديو، يركب سيارته الفارهة ،اذ بسيدة يبدو عليها الاحتياج تستوقفه طالبةً منه المساعدة ، فينهرها و يغلق زجاج السيارة في وجهها و ينطلق و كأن شيئاً لم يكن. و كله لوجه الله .تركها دون سماع شكواها ،تركها تلملم اذيال الخيبة بعد ان كسر خاطرها ،راجية من الله صلاح الحال.
لماذا يساعد الحاج صالح هذه السيدة حيث لا يوجد قنوات اعلامية تصور المشهد ولا حتي هناك جمع من الناس يصفقون لخيره المزيف ، لماذا يساعدها و هو لم يقرأ قول الله تعالي، بسم الله الرحمن الرحيم
“قولُ معروف و مغفرة ُخير من صدقةٍ يتبعها اذي و الله غني حليم” ، ( البقرة 264)…
مر الحاج صالح علي الست نادية أرملة الحاج محمود ،التي تعيل ثلاثة ابناء و صاحبة الكشك الصغير الذي كان هو سببا في تسهيلاته ، ليذكرها بفضله عليها و ليُعلم الجميع انه صاحب الفضل ،يسألها امام المارة بصوت مرتفع و دون حتي ان ينزل من سيارته،
• كيف حالك يا حاجة نادية و كيف حال اولادك؟
• بخير يا حاج صالح.
• ان احتجتِ اي مبلغ اخر من المال ،لا تتردّي في طلبه مني.
ردت الست نادية والحرج يلعثم لسانها و الانكسار و قلة الحيلة تبدو جلية في عينيها.
• اشكرك يا حاج صالح.
قالت لنفسها ،
• لماذا كلما رآني يذكرني بانه اعطاني مبلغ من المال وان لولاه ما بُني الكشك.
• اللهم لا تحوجني إليه مرة ثانية.
ذات يوم التقي الحاج صالح بالشيخ حسن الإمام الجديد للمسجد. والذي كان لا يروق له تصرفات الحاج صالح. والذي كان أيضاً شاهدا علي كثير من مواقف المن.
• السلام عليكم يا حاج صالح.
• و عليكم السلام يا شيخ .
• سأسدى لك بنصيحة علّ الله يهدينا وإياكم ان شاء لله.
• تفضل و لو اني لا احتاج لنصائح.
• لا حول ولا قوة إلا بالله متغاضيا ما قال.
• اعلم انك تفعل الكثير من الخير لكن ما فائدته ان اُتبع بالمن والأذى ،قال تعالي :بسم الله الرحمن الرحيم
” يأيها الذين آمنوا لا تُبطلوا صدقاتكمِ بالمنِ والأذى كالذي يُنفق ماله رِئاء الناسِ”
• فانت يا صالح ترتدي قناع الرياء و التباهي ،قناع التقوي و الإيمان ،ترتدي قناع الخير ..و انت بعيد كل البعد عن هذا.
حقا مجرد اقنعة ! فكم فقير كُسرت عزته و نفسه ،كم محتاج اذلته تلك الاقنعة ، ليتنا نسقط القناع و نشعر بمن حولنا كما أمرنا الله ،ليس كما أمرتنا أنفسنا .

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى