القصة

قِصَّة الجَرِيمَة طُرُقَ أُخِفْي صَوْت الْمَطَر بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت

 

مبهورة الْأَنْفَاس مصعوقة الذِّهْن ، تَجْرِي . . تَجْرِي ، نَحْوُ لَا نِهَايَةَ مِنْ النَّقْطِ ، صَوْب إلَّا حُدُود ، عَلِيّ مَأْساة ذِكْرِي فَوْق الْعَقْل الْمَحْدُود .

إنَّمَا . . ) مَاذَا حَدَثَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ؟ !

مدي مِنَ الأفْكارِ وَكَثِيرًا مِنْ الْأَسْئِلَةِ تَزَاحُم الْفِكْر ، هَلْ أَنَا قَاتَلَه ؟ !

مَاذَا فَعَلْت لِأَكُون ذَلِك ؟ !

أَجَابَت “سوزان” بِتِلْك اللَّهْجَة المبهوتة بِوَجْه الإستنكار ، إمَام الْمُحَقِّق ، بَعْد سُؤَال أَخِير ، أَفْضَي بَنَات أَفْكَارِها حائرين .

تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، نَعَمْ تَلِك اللَّيْلَةِ ، مَاذَا حَدَثَ ؟ ! فِي قِمَّةٍ البَهْو “سوزان”

تِلْكَ اللَّيْلَةِ .

طُرُقَ أُخِفْي صَوْت الْمَطَر ، رَجُلًا طَوِيلَ الْقَامَةِ خَلْف فُوَّهَة الْمَدْخَل ، مَاذَا أَفْعَل حِيَال الْأَمْر ، يُلِحّ عَلِيًّا بصليل الْجَرَس . .

مِن ؟ ! مِن ؟ !

” ثَابِت ” صَدِيق “سالم”

شَعَرْت بِذَوَبَان جَسَدِي مِثْل الثَّلْج بِكَأْس الْمِيَاه ، مَاذَا أَفْعَل ؟ ! لَيْس أَمَامِي غَيْر التحجج .

قَرَأْت أَشْيَاء بِعَيْن ” ثابت” عِنْدَمَا دَخَل بِقُوَّة وَانْتِظَار مَأْهُول بِسُؤَال الْمُهْتَمّ :
مَاذَا تَقُولِينَ ؟ ! كَيْفَ يَكُونُ نَائِمٌ ؟ ! وَنَحْن عَلِيّ مَوْعِد الْآن .

ازاحني ” ثابت” مِنْ إمَامِهِ كَأَنَّه يَعْرِفُ الطَّرِيقَ ، بَعْد لَحْظَة ، خَرَجَ مِنْ غَرْفَةٍ زَوْجِي بَاكِيًا ، يُؤَنِّب حَالَة بالملامة :
كُنْت أَحْسَبُك مِن حَامِلَيْن الْأَمَانَة ، لَكِنَّك الْآن ، الْقَاتِلَة أَمَامِي .

شَعَرْت حِيَال الْأَمْر بانيهار عَقَار جَسَدِي أَشْلَاء :
أَنْكَرَت ، قُمْت بالدفاع عَنْ نَفْسِي ، إنَّمَا . . )

مَا كَانَ وَرَاءَ خَوْفِي الْمُبَكِّر ؟ ! عِنْدَمَا ارتمي ” سالم” جُثَّة هَامِدَة ، بَعْد اِحْتِسَاء الكوب الْمُفَوَّض بِالْأَمْر .

دَفَعَنِي ” ثابت” هامسا :
لَيْس أَمَامَك إلَّا الْهُرُوب .

سوزان”

اِقْشَعَرَّت “سوزان” عِنْدَمَا جَذَب صَوْت الْمُحَقِّق الْجَهْوَر لُبّ قَلْبُهَا ، متسائلا :

تَقُولِين ، أَنَّهُم الْقِتْلَة ؟ !

قَالَت بعيونها حِينَ ذَاكَ .

تُحَاوِل أَن تَنَصَّت لصمت البرهيب ، تَنْظُر حَوْلَهَا ، تُشْعِر بِالْهَلَع ، تَنْقَبِض أَعْضَائِهَا تتساءل بِعُنْف كَامِنٌ وَخَوْف يَلْتَحِف خَلَايَا جِلْدِهَا الباهت :
مِنْ الَّذِي يُحَدِّثُنِي ؟ ! مَاذَا تُرِيدُ ؟ ! مِن ؟ ! مِن ؟ !

خَرَج الْمُحَقِّق عَن شُعُورُه ، بَات يُؤْمِنُ بِمَا لَا يَرَاهُ ، وَلَا يَبِت الْوَاقِع بشئ ، إنَّمَا قَالَ كَأَنَّهُ يُخَاطَب بَعْضُه :
هَلْ أَخْبَرْتَ زَوْجُك ؟ !

لَاح بَرَاح الذِّكْرِيّ بعقلها :
“سالم” زَوَّجْتُك لَيْسَت مَجْنُونَة .

“سالم ” يلقنها الرَّدّ بِعُنْف :
هَلْ أَنَا الَّذِي جُنّ عَقْلِيٌّ ؟ ! يَسْتَمِع إلَيّ تِلْك الْأَصْوَات مِن بَرَاح البَهْو .

“سوزان” بِرَجَاء الصَّوْت الْمَكْرُوب :
أَنَّهَا الْحَقِيقَة يَا “سالم” .

أَشْهُر الْمُحَقِّق كَلِمَاتِه الْأَخِيرَة صَوْب الطَّبِيب الشَّرْعِيّ ، يُخَالِف الْإِحْسَاس بِبَرَاءَة الْمَرْأَة وَيُؤَيِّد الْإِدَانَة لَهَا :

مدانة بِكُلّ الْأَدِلَّة وَالْإِثْبَات ، بَصَماتٌ كَأْس الحَسَاء الْمَسْمُوم وهروبها الْمُؤَكَّد ، وَشَهَادَة حَارِسٌ الْعَقَار ، مِيقَات حُضُور الصِّدِّيق بَعْدَ وَفَاةِ الزَّوْجِ .

عَقِب الطَّبِيب الشَّرْعِيّ بِلَهْجَة تقريرية :
أَثْبَت التَّشْرِيح مِيقَات الْوَفَاة ، كَانَ قَبْلَ صُعُود الصِّدِّيق وَالسُّؤَالُ عَنْهُ .

ضَرَب الْمُحَقِّق سَطْح الْمَكْتَب بقبضتة :
خَطِّه مُدَبَّرَة ، مِنْ امْرَأَةٍ مَاكَرَه ، رَغِبْتُ فِي الْإِيقَاعِ بِصَديق الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، واتهامة بِالْأَمْر .

صُمْت الطَّبِيب لَحْظَة ، تَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ، ثُمَّ قَالَ يُنَكِّسُ رَأْسَهُ :
كُنْت أَوَدّ أَن أُؤَيِّدُك الْأَمْر تُجَاه الْمَرْأَة .

إنَّمَا . . )

انْتَبَه الْمُحَقِّق وَأَعْيَا :
إنَّمَا مَاذَا ؟ !

قُرَّاء الطَّبِيب عِدَّة أَوْرَاق :
أَثْبَتَت التَّحْقِيقَات أَنَّ لِكُلِّ فِعْلٍ سَبَبٌ .

جَهَر الْمُحَقِّق :
مَا الَّذِي يَدْفَعُ الْمَرْأَة لِقَتْل زَوْجِهَا .

الطَّبِيب يَقْطَع الصَّخَب بِالصَّمْت :
الْأَشْبَاح .

يَضْحَك الْمُحَقِّق بهسترية :
الْأَشْبَاح .

قَالَ الطَّبِيبُ وَهُو يَقْفِز :
نَعَم ، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ بِالْخَارِج ، هَل ادْعُوهُم بِالدُّخُول ؟ !

تَجَمَّد الْمُحَقِّق ، حَتَّي شَعْر بِجُنُون الطَّبِيب متحسبا .

جَلَس ثَلَاثَةٌ مِنْ الرِّجَالِ ، يتكومون بِمَظْهَر مُخِيف ، حَتَّي قَالَ أَحَدُهُمْ :
بِاَللَّه عَلَيْكُمْ ، كَانَ الْأَمْرَ دُعَابَةٌ .

فَغَرَ فَاهُ الْمُحَقِّق مُسْتَمِعًا ، حَتَّي أَنْتَهِي الثَّلَاثَةِ مِنْ حَدِيثِهِمْ ، قَائِلًا :
إِنَّهَا حَقّاً أَفْعَال الشَّيَاطِين .

تَبِعَه الطَّبِيب :

قِلَادَةٌ مُعَلَّقَة بالبهو ، قَدَّمَهَا ” ثابت” لِصَدِيقِه ” سالم” عِنْدَمَا تعاركا مِنْ أَجْلِ صَفْقَة الْعُمْر ، كَمَا كَانَ يَقُولُ ” ثابت” قَرَّر الِانْتِقَامَ مِنْهُ ، كَانَت تُسْتَمَع زَوْجَتِه لِأَصْوَات الْأَشْبَاح الْخَارِجَةِ مِنْ مُعَلَّقَة البَهْو تَخُصُّهَا قُتِل الزَّوْجِ أَوْ قَتَلَهَا إنْ لَمْ تَنْفُذْ الْأَمْر ، وارشدتها الْأَشْبَاح عَلِيّ شَرَاب الحَسَاء ، فَعَلَتِ الْمَرْأَةُ مَا أُمِرْت بِهِ ، لترضي الْأَشْبَاح .

تِلْك العَرَبَة الَّتِي كَانَتْ بِالْخَارِج ، تَبْعَث الْأَصْوَات لاخافة الْمَرْأَة ، حَتَّي قُدِّمَتْ الْمَرْأَةُ الحَسَاء .

صَعِد ” ثابت” وَأَظْهَر صَدَمَتْه ، ولقنها الْهُرُوب ، لِيَثْبُت أَنَّهَا الْقَاتِلَة .

قَالَ الْمُحَقِّقُ بِنَظَرِه بِلَا مَعْنِيٌّ :
الْمَرْأَة ضَحِيَّة السَّذَاجَة ، وَالصَّدِيق هُو الْمُحَرِّض عَلَيَّ قَتْلَ الزَّوْج ، باعوان شَيَاطِين الْحَدَاثَة والتكنولوجيا .

الطَّبِيب يَعْقُب :
بَلْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ ضَحِيَّة الِاعْتِقَاد بالخرافات .

الْمُحَقِّق يُؤَكِّد ، بَعْد إفَاقَةٌ عَقْلُه :
ضَحِيَّة ، لَكِنَّهَا مدانة .

الطَّبِيب يُسْتَحْلَف بِالْعَطْف :
أَيْن رَوْحٌ القَانُون .

الْمُحَقِّق فَارِغ الْحِجَّة :
القَانُون لَا يَحْمِي الْمُغَفَّلِين .

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى