قِصَّة اِجْتِمَاعِيَّةٌ صَبَاح طَاب مَرَارَة بِقَلَم الأديبة عَبِير صَفْوَت
أَشِعَّة مِنْ السَّعَادَةِ والتفائل ، تتسلل زَاهِدَة لِتِلْك المنغصات ، فِى قُلُوب الِابْن الرّاشِد { سُلَيْم } ، إِنَّمَا هِىَ إشَارَةٌ لِيَوْم عَصِيب ، فِى قُلُوب الْجَمِيع .
تَجْلِس الْأُمّ معكوفة الزَّرْعَان ، تَجُز أَنْيَابُهَا ، عَلَى وَجَسّ طَاف بمشاكل الْمُجْتَمَع ، الَّتِى هِىَ وَحَيَاتِهَا ، جُزْءًا مِنْهُ ، أَعْوَام وَتَنْمُو الْأَبْنَاء الثَّلَاثَة ، عَلَى الْخَوْفِ وَالْقَلَق وَالتَّرْهِيب ، أَضْفَى السُّلُوك العدوانى لِلْأَب ، نِقْمَة حَصَادُهَا كَان الْخَرِيف .
إلَّا هَذَا الْغُلَامُ ، الَّذِى طَاف بِقَلْبِه الْحَبّ لِأُمِّه ، تَتَرَقْرَق الدُّمُوع بمقلتية ، يدفئ وَجْه فِى كفوفها لِثَام شَفَتَيْه ، وَيَتَنَفَّس الْحَبّ وَعَطَاء الْأُمُومَة ، الَّذِى زرعته الْأُمّ بِقُبُلِه وَعَطَاء ، مُنْذ الدَّهْر ، وَبَكَى بِشِدَّة ، حَتَّى بَكَت الْأُمّ ، وَدُمُوع الْتَمَعَت ، تَحْتَ أَشِعَّةِ الشَّمْسِ المتسلسلة ، كَمَا يَتَسَلَّل فِى قَلْبُهَا التمنى لسعادة .
وَنَظَرُه صَامَتْه تبادلت بَيْن الِابْن وَأُمِّه ،
تتساءل بِخَوْف فَقَدْ عَرَّفَهُ ، هَل ستظل السَّعَادَة وَالْحَبّ بَيْنَهُمَا ؟ ! رَغِم طغاة الراعى ، وَمِيرَاث الْحِقْد والسوء ، لِأَوْلَاد ، كَان قَدْرهم ، الْأَب اللَّعِين .
***
نَظَرْت إلَى السَّمَاءِ ، فِى صَبَاح طَاب مَرَارَة ، واستأنثت بِهِ الْوَحْدَةُ ، لتقاسيم وَجْهِهَا المترهل ، كُلِّ طَرِيقٍ بخلايا الْجَسَد وَقِيعَةٌ ، وَذِكْرَى مُؤْلِمَة .
وَحَلَّقَت الذِّكْرَى الَّتِى قُسِمَت ظَهْرِ الْبَعِيرِ ، لَيْس بَعْدَك الرُّوح تَحْيَا يَا { سُلَيْم } الأيادى الطَّيِّبَة الحنونة ، وَالْعُيُون الحالمة الرَّقِيقَة ، رَحَلْت ، نَعَمْ إنْ الْأَرْضَ لَا تَسَعُ الطَّيِّبِين .
وَغَرِقَت فِى بُحُور الذِّكْرَى ، وماضى تَعَايُش بِالْأَلَم ، رَغِم الْجَنَّة الَّتِى كَانَتْ ، وتصبر بِهَا { سُلَيْم } وَالْقَلْب فِى الْفِرَاق انْتَفَض ، وَالنُّور اِنْطِفاء وَهَرَب الْحُنَيْن ، لَا حَيَاةَ مَنْ بَعْدِك يابنى ، وَلَا تَسَاوَى الْحَيَاة لَمْحَة فِى عُيُون الْمُحِبِّين ، { سُلَيْم } يافلذة الْأَكْبَاد ، نَار وَأَنِين .
وَتَجَلَّى العُنْف يَهُزّ الْإِرْجَاء ، ويهشم الْأَبْوَاب ، فَحَوْلُهُ مِنْ الْأَبْنَاءِ ، قَاسِيَة ، تَسَاوَى كفوفهم السميكة ، قَسْوَة الْأَيَّام الْبَاقِيَة ، لَا تَرْحَمُ ذِكْرَى تَأَتَّى تِبَاعا ، وَتَارَة يخامرها النِّسْيَان بِالرَّحْمَة ، وَتَارَة تَنْتَفِض مِثْل الْقِطّ الْعَجُوز ، تَسْكُن فِى عَالِمٌ رَحَل ، كَان قانطية ، مِنْهُم بِذَنْبِه ، وَمِنْهُم بِحَسَنَاتِه .
هُجُوم وحشى مستذئب ، مِنْ أَبْنَاءِ لَا رَحْمَةً فِى قُلُوبِهِمْ ، وَقَطَع مِنْ بَاقِيهِ بَوَّابَة الْمَسْكَن مُتَنَاثِرَة ، يَنْظُرُون وَكَأَنَّه الثَّأْر ، لِأُمّ وَحَيْدَة ، يتعايش بلبها الْأَلَم { سُلَيْم } نُورِ الْقَلْبِ .
ونظرات مُسْتَوْحِشَةٌ ، اِرْتَوَت مِنْ مَاءٍ الْكَرَاهِيَة ، بِعَيْن أَوْلَاد الْأَقْدَار العابثة ، تتعارك بِعِظَام نَاخِرَه ، تبقت مِنْ مِحْنَةِ وصراع ، وَقَلِيلٌ مِنْ الْأَمَلِ ، فِى صُورَةِ ذِكْرَيَات .