كبرنا كثيرا
كبرنا كثيرا ….
وأدركنا أن السماء التي اتسعت لنا يوما للتحليق عبرها ..قد غدا لها حدود وأبواب وأسوار ..نحاول عبورها فتتكسر فوقها أجنحتنا.
كبرنا كثيرا…
وأدركنا أنه ليست كل الأشياء كما تبدو ، وأن البريق الجميل قد يحمل خلفه نصل خنجر وأن الظلام قد يخبئ بحضنه شموسا دافئة صغيرة وأن وراء الابتسامات قد يتوارى زيف ووراء الجمود قد تتوارى دموع .
كبرنا كثيرا….
وأدركنا أن الإخلاص هو أغلى العملات وأننا إن أسعدنا الحظ يوما بلقاء من تمتلئ روحه بنقائه فعلينا أن نتشبث به تشبثنا بالحياة.
كبرنا كثيرا…
وأدركنا أن الحب الغير مشروط هو أكثر ما تشتاقه قلوبنا الهشة مهما تظاهرت بالصلابة هو أكثر ما نحتاجه
وأعز ما نتمناه ، وأدركنا مع الوقت أنه أشبه بالحكايات الخرافية نتمناها دائما ،ننتظرها أبدا مهما عرفنا كم يندر أن نصادفها .
كبرنا كثيرا…
وأدركنا أن الفراق لم يعد ما كان ونحن صغار فراق حتى الغد وأن الاشتياق أوجع الفقد .
كبرنا كثيرا…
وأدركنا أن النضج لا يعني مزيدا من السعادة وأنه والمسؤولية توأم لا يكون أحدهما بغير الآخر وأدركنا أن الكثير من الناضجين عمرا في حياتنا هم في الحقيقة أكثر طيشا من طفل عنيد وأننا سنجبر كثيرا أن ننضج.
كبرنا كثيرا…
وأدركنا بأن كوننا صالحين لا يعني أن الحياة ملزمة بأن تكون عادلة معنا وأدركنا أننا قد ننجرح بلا ذنب .وقد يؤخذ منا ما نحب غصبا والغير يكبلنا.
كبرنا كثيرا…
وأدركنا بأننا مهما كبرنا نظل لا نعرف من أمر الحياة شيئا حقا وأننا مهما حفر الزمان بأنامله خطوطا على وجوهنا نظل إلى الأبد نأمل في نهاية سعيدة لحكايانا الخاصة نظل إلى الأبد أطفالا.. إلى الأبد نحلم
نبيلة قرماش/سطيف
